الأحد , ديسمبر 22 2024
مختار محمود
مختار محمود

حماد الرمحى.. فارس انتخابات نقابة الصحفيين

 

مختار محمود

وضعتْ انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين أوزارَها، فاز من فاز، وخسر من خسر، ولكن تبقى ملاحظة وحيدة جديرة بالاهتمام وإلقاء الضوء عليها، وهى فوز الزميل «حماد الرمحي» بعضوية المجلس، بأصوات تجاوزت 1288 صوتاً، حيث احتل المركز الثاني في ترتيب الفائزين «تحت السن».

«حماد الرمحي» لم يكن مدعوماً مثل النقيب أو الزملاء الخمسة الآخرين من أية جهة عُليا أو صُغرى، ولا من مؤسسة صحفية حكومية أو خاصة، ومن ثمَّ فإنَّ تفوقه على عشرات الزملاء المدعومين مادياً ومعنوياً، يجعله –عملياً- صاحب المركز الأول عن جدارة واستحقاق!!

والسؤالُ الذي يطرحُ نفسه: كيف فاز «حماد الرمحي»، وهو لا ينتمي إلى أىٍّ من مؤسسات الجنوب أو الشمال، ولماذا منحه ثلثُ من حضروا الانتخابات أصواتهم، ولماذا فضلوه عن غيره من الذين أنفقوا الكثير، وترددوا على مقرات الصحف مرة واثنين وثلاثاً يتكلفون الودَّ الخادع ويتصنعون الحميمية الكاذبة؟!

والإجابة باختصار تقول: إن «حماد الرمحي» لم يفعل مثل غيره من الفائزين أو الخاسرين الذين يربطون تقديم خدماتهم للجماعة الصحفية، بالفوز أولاً، والذين يتبنون نظرية «انتخبوني أولاً»، حيث وضع نفسه ووقته وماله، منذ سنوات، في خدمة وإغاثة من  يعرف ومن لا يعرف من الصحفيين، دون كلل أو ملل، وما أدراك ما كللُ الصحفيين ومللُهم؟!

إذا تعرض أي صحفي أو صحفية لأي طارئ، لا يتواصل مع مؤسسته التي ينتسبُ إليها، ولا مع زملائه الذين يعملون معه، بل يتصل بـ«حماد الرمحي»، دون سابق معرفة، الذي يُهرع إليه، مُقدماً له كلَّ ما يستطيع من صور الدعم والمساعدة، ولا يتركه، حتى تنتهي الأزمة ويعود الزميلُ سالماً إلى بيته.

خلالَ الأشهر الخمسة المُنقضية.. عسكر «حماد الرمحي» في وزارة التموين والنقابة، للعمل على حل المشاكل الخاصة ببطاقات التموين، وربما كان يصل الليل بالنهار لإنجاز هذه المهمة المستحيلة، وكان يفعل ذلك بكل حب، فيما يجلس أصحابُ الشأن الأصليون أمام مكاتبهم لا يلوون على شيء.

غامرَ «حماد الرمحي» بخوض الانتخابات الأخيرة، دون دعم مادي يُذكرُ، في الوقت الذي كان زملاؤه الفائزون والخاسرون ينفقون آلاف الجنيهات على الدعاية والإعلان، سواء بالطرق التقليدية أو غير التقليدية، وكان «حماد الرمحي» واثقاً من الفوز، رغم قوة المنافسة وكثرة المنافسين، وقسوة الدعاية المضادة التي شنها الخصوم ضده لإسقاطه.

نجح «حماد الرمحي» لأنه «خدومٌ مُخلصٌ مُحبٌ» لزملائه، وهذه فريضة غائبة وفضيلة مفقودة في أكثرية الصحفيين، هم يعترفون ويتباهون بذلك ولا ينفونه، ولم ينجح القادمون من المؤسسات الكبيرة والراسخة، لأنهم خاضوا الانتخابات بحثاً عن وجاهة، أو مكاسب لم تعد تخفى على أحد، في ظل حالة التطاحن التي سبقت واكتنفت وأعقبتْ الانتخابات.

لن يغلق «حماد الرمحي» هواتفه بعد هذا الفوز المستحق، ولن يضع خاصية تجعل هواتفه مُغلقة أو خارج نطاق الخدمة، ولن يتورم أو يتكبر، ولن يُصعِّرْ خدًّه للزملاء، ولكن ظننا به أن يبقى كما هو على تواضعه ونخوته، فالصغارُ والحمقى ومحدثو النعم هم الذين يمتطيهم الكبر وتتورم نفوسهم إذا ما حلتْ بساحتهم مكرمة، أو غازلتهم الأقدار واختبرتهم يوماً.

يجب أن يكون فوز «حماد الرمحي» في الانتخابات الأخيرة دافعاً للجماعة الصحفية في قادم المواعيد إلى اختيار النماذج الصادقة والقادرة على تلبية خدماتها وتحقيق ما تبقى من طموحاتها وأحلامها، دون تمييز.

فلا يخفى على أحد، أن هناك أعضاء يربطون ما يقدمونه من خدمة نقابية بمدى علاقتهم بطالبها، فـ«الأهراميون» لا يخدمون إلا أنفسهم، و«الأخباريون» لا يخدمون إلا زملاءهم، و«اليساريون» لا يخدمون إلا أتباعهم وهكذا…

ولكن عندما يكون النقيب وجميع أعضاء مجلس النقابة مُخلصين لعموم الجماعة الصحفية دون تفرقة، فإن أموراً سلبية كثيرة سوف تزول وتنتهي إلى غير رجعة، توارثتها المجالس المتعاقبة على النقابة في السنوات الأخيرة.

مبروك «حماد الرمحي».. ودمتً خدوماً لمن يقصدك، فهذه هبة ربانية، اشكر ربك عليها وعاهده على ألا تقطعها.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.