الثلاثاء , نوفمبر 19 2024
محمد فتحى المرشد السياحى

الحياة الدينية فى مصر الفرعونية.

 بقلم : محمد فتحي مرشد سياحى

كانت الفكرة الدينية السائدة فى عصر الدولة الحديثة تقول أن الملك حين يموت يسير مع الإله “رع” أى الشمس فى سفينته المقدسة طوال الليل، حيث تجتاز معه العقبات إلى المقبرة، التى ما هى إلا صورة مصغرة للعالم السفلى بجميع أجزائه وسكانه, لذلك حفروا مقابر ملوكهم على شكل أنابيب مستطيلة ضيقة، على مثال ما تصوروه عن الطريق المظلم الذى يسير فيه موكب الشمس فى رحلته الليلية التى توصل للعالم السفلى

ثم نقشوا على حوائط المقبرة صوراً فريدة لموكب الشمس فى رحلته النهارية حول سماء الدنيا، ثم رحلته الليلية عبر العالم السفلى, وفى تلك الرحلة يجتاز إله الشمس “رع” اثنتى عشرة منطقة فى هذا العالم، لكل منها باب تحرسه أفاع وآلهة وأرواح طيبة، وكانوا يُمثلون على الحائط كيف يجتاز الإله العظيم تلك المناطق واحدة بعد الأخرى متخطياً عدة أخطار.

وكان الملوك يعتقدون أنه إذا مات أحدهم اتحدت روحه مع الإله “رع” ولازمته فى رحلتيه النهارية والليلية,

وبذلك تتجدد حياتهم كلما أشرقت الشمس.

ولكى تمر روح الميت بسلام فى صحبة مركب الشمس، كان الواجب أن تُتلى تعاويذ طويلة وصيغ خاصة أمام كل باب من أبواب تلك المناطق كى يفتح لها الطريق, وقد جمعت تلك التعاويذ فى عدة كتب منها كتاب “ما فى العالم السفلى” ثم كتاب “البوابات”.. وتوجد كثير من نصوص هذين الكتابين على جدران المقابر بوادى الملوك.

بعد الموت كانت الأرواح – رجالاً ونساء – تتجه إلى الوادى الرهيب، وهو على شكل نصف دائرة، رسبت على جوانبه صخور وجبال شامخة, وفى بطنه جرى نهر الدينونة (الحساب) المخيف, تلك كانت مملكة الظلام، فمياه النهر عكرة داكنة تنبعث منها أبخرة خانقة لا يستنشقها إنسان ويعيش

وعلى طول مجراه مناظر مروعة يرتعش أمامها أشجع الشجعان, ولم يكن بدُّ من أن تقطع الأرواح هذا الطريق قبل ولوجها فردوس النعيم.

خصائص الديانة المصرية القديمة:

تعدد الآلهة- البعث والخلود- الحساب بعد الموت- السمو إلى التوحيد.

أولاً: تعدد الآلهة

تعددت الآلهة التى عبدها المصريون القدماء منذ أن كانت البلاد مقسمة إلى أقاليم (42 إقليماً) قبل توحيدها على يد “مينا”، وكان لكل إقليم معبوده الخاص، يقيمون له المعابد، ويصنعون له التماثيل، ويلتفون حوله فى الأعياد، فقد عبد أحد الأقاليم (الصقر) رمز القوة، وإقليم آخر عبد (البقرة) رمز البر والحنان، وقدَّس فريق آخر الشمس وهكذا.

وعندما كان يزداد شأن مدينة أو دولة كانت تنتشر عبادة إلهها، مثل عبادة الإله “بتاح” Ptah فى منف عاصمة الدولة القديمة، وعبادة الإله “أوزوريس” Osiris فى عصر الدولة الوسطى، وعبادة الإله “آمون” فى عصر الدولة الحديثة.

ثانياً: الاعتقاد فى البعث والخلود:

اعتقد المصريون القدماء أن الإنسان سيبعث ثانية بعد موته ليحيا حياة الخلود، إذ تصعد روحه إلى السماء وصوروها على شكل طائر، وأن جسم الإنسان إذا ظل سليماً بعد الدفن عادت إليه الروح من السماء, فالموت فى نظر المصريين القدماء لم يكن هو النهاية، فبعده يحيا الإنسان حياة جديدة.

أثر عقيدة البعث والخلود فى حياة المصريين:

اهتم المصريون بحفظ جثث الموتى عن طريق تحنيطها، ووضعها فى قبور حصينة (مما دفعهم إلى بناء الأهرامات الضخمة).

والتحنيط عملية برع فيها المصريون القدماء، وكانت سراً من أسرارهم الخاصة، بها استطاعوا حفظ الجثة سليمة لتحل بها الروح وتعيش ثانية إلى الأبد.

دفن المصريون جثث موتاهم فى رمال الصحراء ذات الشمس القوية، حتى تجففها وتحفظها من التلف, ووضع المصريون مع الميت كل ما يحتاج إليه من طعام وشراب وأدوات، ليستعين بها الميت فى حياة الخلود.

ثالثاً: الاعتقاد فى الحساب بعد الموت:

آمن المصرى القديم أن الروح تتعرض بعد الموت لمحاكمة تتناول ما أتاه الميت فى دنياه من حسنات وسيئات، فيجازى المُحسن على إحسانه، ويعاقب المُسىء على سيئاته.

وكانت المحكمة مؤلفة من 42 قاضياً يمثلون أقاليم مصر، وعلى رأسهم الإله أوزوريس إله الموتى، وكان قلب الميت يوضع فى إحدى كفتى ميزان، وفى الكفة الأخرى توضع ريشة تمثل الإلهة “معات”, Maat إلهة الصدق والعدالة وإبنة الإله “رع”، فإن خفت موازينه كان ذلك دليلاً على أنه طاهر فيكون مصيره الجنة، أما إذا ثقلت موازينه كان ذلك دليلاً على أنه آثم فيساق إلى عذاب الجحيم.

واعتقاد المصريين القدماء فى الثواب والعقاب فى الآخرة، دفعهم إلى تسجيل أعمالهم الحسنة، والتبرؤ من أعمالهم السيئة.

“كتاب الموتى”

هو اسم أُطلق على مجموعة كبيرة من النصوص الجنائزية المصحوبة برسوم والتى ترجع إلى تواريخ مختلفة ووُجدت فى أماكن مختلفة, وتحتوى هذه النصوص الدينية على صيغ سحرية وتراتيل وصلوات غرضها هو – حسب اعتقاد قدماء المصريين – توجيه وحماية الروح (كا) أثناء رحلتها فى عالم الموتى (أمينتى).

وقد اعتقد قدماء المصريين أن معرفة هذه النصوص من شأنها أن تجنب الروح معوقات الشياطين التى تحاول أن تُعرقل تقدمها، ومن شأنها أيضاً مساعدة الروح على اجتياز اختبارات الـ 42 قاضياً التابعين للإله “أوزيريس” فى العالم الآخر.

رابعاً: السمو إلى الوحدانية:

اتجه المصريون القدماء فى عهد “أخناتون”(أحد ملوك الدولة الحديثة) نحو التوحيد، واعتقدوا أن الله واحد لا شريك له، فقد اعتبر “أخناتون” أن هذا الكون له إله واحد هو قرص الشمس “آتون”Aten الذى يرسل أشعته على سكان الأرض فيحمل لهم النور والحياة، وللإله “آتون” الجديد بُنيت المعابد المفتوحة للسماء.

مقتطفات من نشيد لأخناتون، يترنم فيه لمعبوده آتون:

أيها الواحد الأحد الذى لا إله غيره.

خلقت الأرض على هواك أيها الواحد الأحد.

لك الخلق من ناس وحيوان ودابة.

يا من يضىء المشرق بنوره.

فتملأ الأرض بجمالك.

أيها الجميل.

القوى الرائع.

تعاليت فامتد نورك على الأرض.

أثر الدين فى حياة المصريين القدماء:

لولا العقيدة الدينية لما خلف لنا المصريون القدماء تلك النماذج الرائعة فى العمارة والفن والأدب، فعقيدتهم فى البعث هى التى جعلتهم يحنطون جثث موتاهم، مما أدى إلى تقدمهم فى علوم الكيمياء والطب.

وكان للدين أثره فى ازدياد نفوذ رجال الدين فى بعض الأحيان، حتى تمكنوا من السيطرة على الحكم والوصول إلى العرش.

كما أن اعتقاد المصرى القديم فى وجود آلهة تحكم على أعماله، دفعه إلى العمل على إرضاء الآلهة وتنفيذ ما أمر به الدين من فضائل..

ثالوثيات مصر الفرعونية “:

لقد اثبتت الدراسات الحديثة وجود الثالوث فى حضارات قديمة وكثيرة, وعلى راسهم حضارة الفراعنـة.

نبدا باول تمثال يتحدث عن فكرة الثالوث, وهو تمثال الملك خفرع:

أو كما يسمية البعض تمثال خفرع فى حماية حورس

هذا التمثال يمثل الثالوث المقدس أوزير وذلك فى شكل الملك خفرع وأيزيس الممثله على كرسى العرش والابن حورس ممثلا فى الصقر.

التمثال يحكى عن الثالوث الممثل للأله أوزير وهم :

خفرع

ايزيس

الابن حورس..

نأتى بعد ذلك لتمثال من الاسرة الرابعة وهو للملك منكاورع ويسمى (بثالوث منكاورع):

هناك مثال أخر وهو: الارتباط بالشمس, ففى الاسرة الرابعة ظهر ارتباط الملوك بالشمس وتقديسها وقد اطلق لقب ” سا رع ” على ملوك الاسرة الرابعة وهو معنى ابن الشمس.

ونجد ان أغلب أسماء ملوك الاسرة به اسم رع خفرع – منكاورع – جد أف رع اى القديم..

التاسوع المقدس:

وهو مجموعة من كبار وآباء المعبودات المصرية القديمة، وهم أقدمهم وأشهرهم، وتدور حولهم الأساطير المصرية القديمة التي تتحدث عن بدء الخلق والصراع بين الخير والشر، ولا يعنى التاسوع المقدس أنه يشمل تسعة آلهة، فهناك عدة أشكال للتاسوع المقدس، يتراوح عدد أفراد بعضها السبعة آلهة ويزيد في أشكال أخرى عن العشرة آلهة

تاسوع هيليوبلس:

ويسمى التاسوع العظيم، ويتشكل من:

  • رع – (بالإنجليزية: Ra): هو إله الشمس وخالق العالم
  • جب – (بالإنجليزية: Geb): إله الأرض.
  • نوت – (بالإنجليزية: Nut): ربة السماء.
  • شو – (بالإنجليزية: Shu): إله الهواء.
  • تفنوت – (بالإنجليزية: Tefnut): ربة الشمس والقمر.
  • ست – (بالإنجليزية: Seth): رمز الشر.
  • إيزيس – (بالإنجليزية: Isis): ربة السحر.
  • أوزيريس – (بالإنجليزية: Osiris): حاكم مملكة الموتى.
  • نفتيس – (بالإنجليزية: Nephthys): ربة المنزل.

علاقات تاسوع هيليوبلس:

  • نوت زوجة جب وأم شو وتفنوت.
  • شو وتفنوت أنجبا الأبناء الأربعة: إيزيس، أوزيريس، مفتيس، ست.
  • إيزيس زوجة أوزيريس وأخته ومفتيس زوجة ست وأخته.
  • أنوبيس ابن أوزيريس وأخته نفتيس.
  • حورس ابن إيزيس وأوزيريس.
  • ست قاتل أوزوريس وحورس قاتل ست.
  • مفتيس معاونة إيزيس في البحث عن جثمان أوزيريس.
  • أنوبيس أحد المعاونين في تكفين أوزيريس وأبناء حورس حماة التابوت..

 

 

شاهد أيضاً

رحمة سعيد

كيف نحمي البيئة من التلوث؟

بقلم رحمة  سعيد متابعة دكتور علاء ثابت مسلم  إن البيئة هي عنصر أساسي من عناصر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.