مختار محمود
استوزار النساء آفة اُبتليتْ مصر بها فى السنوات الأخيرة. كان الغرضُ منها مُغازلة الداخل والخارج. والواقع يؤكد أنها لم تحقق نجاحاً ملموساً. ثمانى وزيرات فى حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، لم تتمكن واحدة منهم إثبات جدارتها واستحقاقها بالمنصب الرفيع. تلك حقيقة لا تقبل جدلاً ولا تحتمل نقاشاَ. ربما لا يكونُ العيب فى المرأة بحد ذاتها، ولكنْ فى الاختيار. من المعروف أن اختيارات الوزراء عموماً لا علاقة لها بالكفاءة والإجادة. الوزراء فى مصر – عموماً- قد لا يتمتعون بصلاحياتٍ واسعةٍ.
هم مجرد سكرتارية، عليهم تنفيذ التوجيهات والتعليمات والأوامر. أما بشأن “الثمانى ستات” اللاتى يحكمن 8 وزارات مهمة جداً.. فإنهن لم يحققن على الأرض شيئاً، يخرجن من فشل إلى فشل، ومن بؤس إلى بؤس، كما لم يتطهرن من كيد النساء ومن مكر الحريم. وزارة “الصحة والسكان”.. ابتلتها الأقدار بوزيرة محدودة الإمكانات العلمية والإدارية. هبطتْ علي الوزارة فى لحظةٍ غادرةٍ. الوزيرة لا تمتلك سجلاً علمياً حافلاً.
كانت تعمل فى بلاط “شريف أبو النجا”، الذى أسند إليها إدارة أكاديمية غير مرخصة وغير معترف بها علمياً. يعلم القاصى والدانى أن معالى الوزيرة تمكنتْ من تقزيم الوزارة شديدة الأهمية، حيث لم يكن فى جعبتها فور تعيينها سوى إلزام الأطباء بأداء النشيد الوطنى كل صباح للارتقاء بالخدمة الطبية فى المستشفيات. ولولا مبادراتُ رئيس الجمهورية مثل: “100 مليون صحة” و”نور حياة”، ما عرف شخصٌ واحدٌ اسم هذه الوزيرة التى أثارت غضباً عارماً، نهاية الأسبوع الماضى، بإقالتها طبيب القلب المعروف الدكتور جمال شعبان من عمادة معهد القلب بإمبابة.
الطبيب المُقال بقرار وزارى بائس..يعرفُ اسمَه العامة والخاصة منذ عشرين عاماً على الأقل، فيما لم يكن اسم الوزيرة معروفاً حتى يوم استوزارها. لجنة الصحة بمجلس النواب اتهمت الوزيرة، على خلفية قرارها الأخير، بأنها دأبتْ على تجريف الوزارة من الكفاءات، واستبدالهم بآخرين تسهل السيطرة عليهم!! وزارة “الثقافة” تحتلُّ المركز الثانى فى الوزارات الثمانية المنكوبة. الجماعة الثقافية لم ترحبْ منذ اليوم الأول باستوزار الوزيرة الحالية. عازفة الفلوت أنهتْ على البقية الباقية من الوزارة التى قادها يوماً ما “ثروت عكاشة” و “يوسف السباعى”. الفشلُ الذريعُ الذى حققته الوزيرة الحالية فى قيادة وزارة الثقافة فى حقبة مهمة من تاريخ مصر الذى تواجه إرهاباً داخلياً وخارجياً، يتحاكى به المثقفون ويتندون على حال وزارة، ما كان يجب أن يكون هذا هو حالها. وأصبح الذين كانوا يهاجمون الوزير الأسبق “فاروق حسنى” بالأمس يصفونه اليوم بأنه كان آخر الوزراء الحقيقيين لـ “الثقافة”. وزارة “التضامن الاجتماعى”.. تحلُّ ثالثةً فى القائمة. الوزيرة الحالية لم تُحرك ساكناً فى كثير من الملفات المهمة بوزارتها التى تهمُّ قطاعات كبيرة من الغلابة والفقراء والمعدومين.
الوزيرة التى تتباهى بسيارتها الفارهة الحديثة، التى اشترتها مؤخراً، تتخفى هى الأخرى خلف مبادرات الرئيس ذات الأبعاد الإنسانية، وكان آخرها مبادرة إنقاذ المشردين. الوزيرة لم تفعل شيئاً مذكوراً لدور الأيتام والمسنين، ولا يزال كثير منها يشهد تجاوزات صارخة يشيب من هولها الولدان. معاونو الوزيرة، التى اختارتهم بنفسها، من أبرز أسباب فشلها. وزارة “البيئة”.. ليست أفضل حالاً من الوزارات الثلاثة سالفات الذكر. وزيرتها كان الله فى عونها. تشعرك للوهلة الأولى بأنها أدنى من المنصب، وأن المنصب أكبر منها بكثير. حضورها باهت، وتصريحاتها مثيرة للشفقة وحواراتها أشبه بدخان قش الأرز. لم تنجز شيئاً فى جميع الملفات الخاصة بوزراتها، ولن تنجز شيئاً، ويجب اعتبار الوزارة مُغلقة أو معطلة حتى إشعار آخر. وزارة “الاستثمار والتعاون الدولى”.. ربما لا يكون لها من اسمها نصيبٌ، والأرقام لا تكذب ولا تتجمل. والاقتصاديون يجمعون على أن الوزيرة الحالية أخفقت فى تحقيق المطلوب منها، وحققت فشلاً ذريعاً فى ملفى: الاستثمارات الأجنبية والمشروعات الصغيرة، وورطت البلاد فى سلسلة لا تنتهى من القروض، حتى صار اسمها “وزيرة القروض”، ولولا مبادرات وتحركات رئاسية، هنا وهناك، لأصبح الوضعُ أكثر تدنياً وسوءاً. واسمها يبقى مطروحاً دائماً لمغادرة منصبها مع أى حديث عن تعديلات وزارية. وزارة “الهجرة وشؤون المصريين بالخارج”.. تنضم عن جدارة واستحقاق إلى قائمة الوزارات الفاشلة أيضاً. ولم تثبت الوزيرة الحالية جدارتها بالمنصب الوزارى. ولم يرق أداؤها إلى المستوى المطلوب منها، حتى أن نواباً “حكوميين” وصموا أداءها بـ”الفاشل”. الوزيرة – التى تتمتع بعلاقات جيدة مع وسائل الإعلام- لم تقدم أداءً مقنعاً، بشهادات الجاليات المصرية فى كثير من الدول، كما لم يكن أداؤها على المستوى المأمول فى كثير من الحوادث التى تعرض لها مصريون بالخارج. والمواقع الألكترونية والصحف الناطقة باسم الجاليات المصرية تتضمن العديد من الأدلة والبراهين على ضعف الوزيرة. وزارة “السياحة”.. لا تزال مجرد وزارة مع وقف التنفيذ. ولا تزال الوزيرة “المستجدة” تدور فى الفراغ، ولم تحقق أية طفرة. والعاملون بمجال السياحة والخبراء الحقيقيون يجمعون على أن معالى الوزيرة تواصل فشل سابقيها. ولا تزال مصر تفقد واحداً من أهم روافدها فى جلب العملة الصعبة وتحسين وضعها الاقتصادى. وزارة “التخطيط والإصلاح الإدارى” وزارة ذات اسم برَّاق ومردود مُتداعٍ. الوزيرة القادمة من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، يبدو أن لديها أولويات تسبق الهدف الأساسى لوزارتها. ومن دواعى الأسف أن الوزيرة الرشيدة صرحت مؤخراً بأن وزارتها تضع خططاً لإسعاد موظفي الحكومة والترفيه عنهم. ولم تفصح معالى الوزيرة عن تفاصيل خطتها السعيدة، فى ظل ما يعانيه معظم موظفى الحكومة من ظروف الحياة الضاغطة، كما لم تخبرنا عما إذا كانت قد انتهت من جميع خططها الرشيدة فى إصلاح الجهاز الإدارى، ولم يعد أمامها إلا إسعاد الموظفين والعمال، لا سيما الذين يخسرون وظائفهم لأسباب متباينة. ما تقدم من سطور ليس انطباعاتٍ شخصية، ولكنها تعكس واقعاً نعيشه، ويتغاضى بعضنا عنه، كما أنها ليست موقفاً كارهاً لاستوزار النساء، ولكن يجب أن يكون الاختيار قائماً على الكفاءة الحقيقية، وليس على طريقة فيلم “معالى الوزير” وسياسة “الكوتة” البغيضة. وأصبح إخضاع أصحاب المناصب الكبيرة للاختبارات النفسية الجادة “نساءً ورجالاً” أمراً مطلوباً بقوة، وإبعاد من لا يتجاوزها، حتى لا تتفاقم ظاهرة تجريف الوزارات من الكفاءات غلاً وحقداً وحسداً من الوزراء من الجنسين، كما أن الأمانة تقتضى التأكيد على أن هناك كوادر نسائية متميزة فى بعض القطاعات الحكومية وتحقق نجاحات لافتة ويجب تشجيعهن وإبراز أدوارهن..