وعلى غير العادة فجأة غاب .. أنه بداية مواسم الربيع وهذا الصباح لم يأتي محملا بصوته كالعادة . .
ظنت له الأعذار اللائقة وطال الانتظار ..ظلت تسأل ..تطرق الأبواب ..ترسل نوبات القلق والوحشة والسؤال وترقب الهاتف كل لحظة ربما ..
أعياها السكات بينما راحت تفتش عنه في ألبوم الصور تتأكد من ملامحه..من بريق عينيه المسالمتين والماكرتين .. من رائحة تبغ انفاسه الحارقة ومن قطرات الانتشاء المنسكب على سطور كل الوعود المطمئنة ..تطرح الاستفهامات بينما الاحتمالات كلها مطعونة بحرقة السكات ..ظلت حتى غابت عن الوعي ..إذ فجأة عنها غاب ..
مسكينة .. كيف إذن سيحل عليها هذا الربيع من دونه..بلا مراوغات …بلا لعب ..بلا تننفس ..بلا قهقهات وبرتقاليات وأخضرات ..ياللشقاء ..كيف شاخت فجأة ..إذ فجأة غاب
ترى هل غادر بكل حقائب الغياب .. هل غضب كدب كصغير بلا مبرر أو سبب ليغوص في الرحيل موصدا خلفه كل الأبواب .. كيف فجأة هكذا غاب ..
“ترى أيناك يا أنت ..يا وهمي الأكيد .. يا أول من علمني هجاء الأنثى وأول من زرع مابين الجفون ضوء يرى ..وماببن الشفاة نثرت بذار العنب فأ نسكب الخمر من فمي قصائد وضحكات فأحببت الضحك ثم شطرت التناسق فتافيت ” إذ فجأة غاب
أخبروها “لقد رأيناه هناك ..كان هنا ..” ملت من ترقب ضل الطريق وضجرت حدا من كل الأعذار ..
إذن لابأس ..أغلقت البوم الصور .. تنفست بعمق ..ضمت نفسها إلى صدرها ومالت تنصت جيدا لرائحة زهرات الليمون الوشيكة ..ياللانتشاء ..” هذا الربيع سأكون أفضل حالا ..سأرافق يقيني وكل التوقعات ”
ترى هل ستعود من جديد لمراهنة لعبة الأنتظار .. لا أظن ..فقد ملت معه كل السكات ..