استشاطت هيام غضباً وانفعالاً وهي تحكي لصديقتها عزة عن تصرفات زوجها المستفزة ، وكم تغير بعد خمسة أعوام فقط من زواجهما ، ولم يعد يعاملها كما كان سلفاً أيام خطوبتهما .. لم تعد تجد اهتمامه المعتاد بمعسول الكلام ، نادراً ما يحادثها تليفونياً أثناء عمله بعد أن كان يقطع مسافات الزمن من المساء لقرب الفجر يحادثها ويغازلها ، ويرسم لها لوحات فنية بخياله لكم هي مهمة في حياته ، وكم هي تعيسة تلك اللحظات التى تمضي دون مشاركته صوتها أو رؤيتها .. أشارت هيام نحو دولاب النيش بالقرب منهم: -بصي يا عزة .. شايفة كام دبدوب وعروسة جبهالي في كل المناسبات ! لو عدتيهم .. هتلاقيهم تلاتة وأربعين دبدوب ، وخمستاشر عروسة ، وسبع قلوب ، وتلاتة ميكي !! ضحكت عزة ومالت بدلع برأسها للخلف على مسند الأريكة الفسيحة ، تضع أصابعها على شفتيها برقة: -تلاتة إيه يا حبيبتي؟! ارتفعت نبرة هيام ، ودمعة تهرب من عينها اليمنى: -تلاتة ميكي .. وانهاردة الفلانتاين .. وآدينا داخلين على المغرب أهو ، ولا إتصل يكلمني ولا جابلي هدية .. دا مصيبة لايكون ناسي أصلاً ان النهاردة الفلانتاين .. قاطعتها عزة وهي تهز كفيها ، وترسل شفتيها المضمومتان يميناً ويساراً: -دا تبقى ليلة الست مامته كحلي .. -ولا كحلي ولا بيج يا عزة .. أنا بحبه ، ومش بأعرف أزعله ، ولا ينفع أطلب منه إهتمام بتاع زمان .. دي حاجة مينفعش تتطلب .. فاهماني؟! ترد عزة مستنكرة: -يا بنتي ماهو الراجل مولع لك صوابعه العشرة شمع ، وحارب الدنيا كلها علشان يتجوزك ، بعد أربع سنين حب في الجامعة .. كل الحكاية أنه مشغول في أكل عيشه.. تقاطعها هيام وهي تضرب على فخذيها توتراً: -مش زي زمان يا عزة .. مش زي زمان.. -طب هتفضلي تنوحي كدة كتير؟! -طب قوليلي أعمل إيه .. إنتي صاحبتي الوحيدة ، ووائل جوزك ما شاء الله زي الخاتم في صباعك .. أبقى إزاي كدة مع كريم جوزي؟! وضعت عزة رِجلاً فوق رجل بإعتزاز وثقة: -اليويو.. -يعني إيه..مش فاهمة؟! -استخدمي اليويو.. -إيه الألغاز دي يا عزة؟! إنتي عايزة تفهميني ولا تحيريني؟! -أفهمك بقا..اسمعى.. تعتدل هيام في جلستها وتميل برأسها للأمام نحو عزة ، تجفف عينيها من الدموع بعجلة متوترة ، وتنفتح عيونها بإهتمام وترقب .. في حين تستكمل عزة توضيحها: -إزاي بنلعب اليويو؟ تصرخ فيها هيام بإنفعال: -يووووه .. إيه دخل الزفت اليويو في الوكسة اللي أنا فيها؟! ترد عزة في برود وهدوء: -ردي عليا بس هتلاقي الكلام مرتبط بكريم. -طيب .. بنلف الخيط حوالين اليويو ، وبعدين نرميه لتحت وطرف الخيط في أيدنا ، فيفضل يلف .. -بالظبط .. الراجل زي اليويو ، بعد ما تربطيه بالخيط كويس ، تقربيه منك أوي ، وقبل ما يلزق .. ترميه بعيد ، وإنتي ماسكاه بطرف الخيط كويس .. هتلاقيه بيلف حواليكي وحوالين نفسه زي اليويو.. تفتح هيام فغرها وعينيها بإنبهار ، وكأنها عثرت على حل اللغز: -إيه الروعة دي يا بت يا عزة .. مكنتش أعرف إنك فيلسوفة .. تغمض عزة عينيها ، وترفع حاجبيها في غرور: -أومال يا بنتي .. أنا بنت طول عمري جامدة .. رن جرس الباب ، فأنتفضت هيام واقفة متهللة ، وكأنها طفل ينتظر حدث بهيج : -كريم .. كريم وصل .. نزعت عزة جسدها عن الأريكة ، وأمسكت بيد صديقتها بقوة: -يا بنتي إتقلي وإهمدي .. إحنا قلنا إيه؟!! -طيب .. طيب أخذت عزة حقيبتها من فوق الأريكة استعداداً للرحيل وقالت:
تعليق واحد
تعقيبات: اللص البرىء – جريدة الأهرام الجديد الكندية