الإثنين , ديسمبر 23 2024
الشيماء حسن

الشغف passion

 

بقلم الشيماء حسن :

كنت اشاهد فيلم (soul surfer )

عن قصة حياة البطلة الرياضية الصغيرة بثانى هاملتون من مواليد التسعينات واتعجب لتلك الروح التى تتملك بطلة القصة الشغوفة بالركمجة ( رياضة ركوب الامواج ) والتى لم تثنيها حادثتها عن ممارسة شغفها برياضتها التى فطرت على حبها من صغرها

الشغف او الهوس بشئ ما .. موهبة او مهنة او حرفة .. هواية او رياضة او شخص او رغبة

الشغف هو ما يشعل الروح ويقدس قيمة الحياة فى عينى صاحبه حتى انه قد يصل لحافة الموت تلذذا بروح المغامرة والمثابرة والقوة او رغبة منه فى تحديه والاستهزاء به ولا اجد مثال لذلك خيرا من سائق سيارات الفورملا النمساوى ( نيكى لاودا ) الذى تعرض لحادث تصادمى فى احدى سباقاته كاد ان يودى بحياته ولكنه وبعد عدة اشهر من توقفه للعلاج قرر العودة لممارسة شغفه ومنافسته الشرسة مع البريطانى ( جيمس هانت ) كما جسد قصتهما الفيلم الشهير {rush} او اندفاع بالعربية انتاج 2013 .

وغيرهم الكثير من الاشخاص الذين يٌشعل الشغف حياتهم فيحولها الى بركان ثائر تتلبسهم قوى الدنيا الخارقة متمثلة فى روح التمرد والاصرار ومعاندة الاقدار وتحول اجسادهم الى معجزات بشرية بحق

اتلفت فى بلادى واتعجب ليس صحيحا ان بلاد الجليد باردة .. بلادنا التى تكويها الشمس يوميا هى الباردة لا نأخذ من الشمس سوى اشعتها الحارقة ، ففى اوطاننا نفتقد كثيرا الى هذا الشغف

نصحو من نومنا اضطرارا ، نعمل من اجل المال ، نُحب لسد الفراغ ، نعبد الله اداء لواجب .. نحيا فى انتظار الموت

يالله .. لكم نستهلك حياتنا ونشوه تفاصيلها بين الصح والخطأ ، العيب والمقبول

وتضل ارواحنا بين الاديان وتناقضاتها ، الحلال والحرام ، الواقع والاحلام ، المادية والعواطف ، الايمان والكفر ، الجنوح والقهر …

هذا الضلال يجعلنا موتى على قيد الحياة .. ننام ونصحو ونتنفس لكننا لا نعيش ، ملتزمين لكننا لسنا مؤمنين .. وكأننا كائنات وهمية نعانى صراعا طويلا بين رغباتنا وقيودنا بين ما نريد وما لا يريده لنا الاخرين .

مسيرين دائما .. ندين بدين اباءنا .. ندرس وفق “مجموعنا ” .. ونعمل ما ندرس او ما يتوافر لنا

.. نتشارك الحياة مع من تتقبله الاسرة او ترشحه لنا

محرومين من التجارب . التفكير . المغامرة . التجربة . القرار . الاعتراض .. و” الشغف “

اختياراتنا مرهونة دائما بما تفرضه الظروف علينا ولا اعلم اهذه الفروض من فعل السماء ام اهل الارض فقد ما اعلمه ان بفعل هذه الفروض وسلب ارادتنا فى الاختيار تحولنا لامساخ قاسية تفتقد لانسانيتها وحبها الفطرى للحياة ورغبتها فى الانطلاق والطيران تحولنا الى فئران تقرض بعضها بعضا .

ابحث عن بيثانى تلك الفتاة التى لُقبت بالملهمة ونالت العديد من الجوائز والتشجيع والدعم النفسى والمادى وقدمت كنموذج للمثابرة والتحدى والشجاعة فى التغلب على هنات الاقدار واتذكر ( فريدة عثمان ) التى حصدت لمصر اول ميدالية في تاريخها في بطولات العالم للناشئين في السباحة , وكانت اول مصري او مصرية تحمل اى رقم قياسى عالمى في رياضة السباحة .. تلك الفتاة ذات الـ 22 ربيعا والتى واجهت سيلا من السخرية على شكلها وملبسها وتباعا اتذكر الجميلة رانيا علوانى وما صاحب بطولاتها من ترديدات فارغة عن جواز ممارسة رياضة السباحة للفتيات مرتديات “المايوه” وغيرها من الرياضات التى تتطلب لباسا خاص بها .

هكذا مع كل ابداع وشغف يحلق بنا فى سماء اخرى تنتفس معه نسمات الحياة يطفو على السطح مستنقع من التساؤلات العقيمة التى لا تعرف معنى للشغف الذى هو بحق روح الحياة .

ثم اتساءل ماذا لو كانت بيثانى فتاة عربية ومصرية على الاخص اتخيل كم الشماتة التى ستنالها بعد حادثتها فهى عقاب من رب السماء لفعلها ” الحرام ” ثم الدعوات المستمرة لها بالتوبة والعودة الى حظيرة العرف والمقبول والالتزام بالزى الشرعى فكيف تقبل بهذا العرى وترتدى ملابس البحر ثم ما هذا الجنون الذى تفعله الم تقرأ يوما ولا تلقوا بأنفسكم الى التهلكة هذا على افتراض انها تحدت يوما ومارست شغفها رغم انف الجميع حتى وقت الحادثة .

لما نتقوقع على ذواتنا ونفرض قوالب جامدة لا تتزحزح ولا تتغير مع تطور الحياة فتكتم انفاسنا و تقيد كل روح حرة وتجهض كل انطلاق ، كل ابداع !! لما نتفنن فى رسم صورة قاتمة للحياة خالية من الالوان والبهجة لما لا ندع جنون الشغف ينطلق بنا بعيدا ويقلب حياتنا راسا على عقب فيكسر روتينها المعتاد ويخلق سبلا ورؤى مختلفة للحياة !!!

ياسادتى

إنّ السماءَ رحيبةً جداا..

يا سادتي :-

عَفواً إذا أقلقتُكُمْ

أنا لستُ مُضطراً لأُعلنَ توبتي

هذا أنا ……

الشعر لـ نزار قبانى *

 

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.