شاشة صغيرة تبعث منها الاضواء بكل لون,, الكل بها مفتون,, الصغار و الكبار حولها ملتفون ,, تأسر فى شباكها العقل و كذلك العيون,, لمتابعة احدث اخبار العلم و الرياضة و شتى الفنون,, فتنقلنا من حال لاخر مهما مزاجنا يكون,, فنتذوق فى ذات اللحظة نكهة الفرح و الانفعال و الشجون,, و فى وسط ترقبنا هذا يختل التفكير و لا يصبح موزون,, امام اثارة الميديا و التليفزيون ,, فقوى سحرها يهاجم العقل الذى هو اعتى الحصون,, و تبدأ تنفث بدائها الملعون,, ذاك الذى يسلب من الوجدان الراحة و السكون,, و يطلعك على ابشع صور العدوان الذى يخالف القانون,, و يخفى صورة المجرم و رب السجون تحت قناع البطل و يوهمك بهذة الظنون,, و من يخالف هذا الرأى يعتبرونه مجنون,, و لا يسلم من ذلك الاذى الاطفال و البنون,, بل يقدم لهم هذا العدوان عبر افلام الكارتون,, فيتشبع نظر الطفل من هذا المطعون,, و ذاك الذى يتعدى على صديقه و هو يضحك ممنون فهيا نتناول تأثير وسائل الاعلام على تفشى ظاهرة العدوان
لا احد يستطيع ان ينكر الاثر الكبير الذى يلعبه المحتوى الاعلامى العنيف على زيادة معدلات العنف للمشاهدين ..و اكدت التجارب التى اجراها عالم النفس البرت باندورا على ذلك
و سنعرض اثر هذة المشاهدة على الاطفال و الراشدين
اولا اثرها على الاطفال : يقوم التليفزيون بدور هام فى التنشئة الاجتماعية للاطفال.. و اكدت احد الدراسات ان 58% من برامج التليفزيون تشمل على عنف و 78% من هذة النسبة لا يعقب العدوان اى ندم او انتقاد او عقاب عليه.. فضلا عن 40% من الاحداث العنيفة التى عرضت فى التليفزيون قدمتها شخصيات صورت كأبطال او نماذج جذابة فى ادائها للدور
و اشارت عدد من الدراسات طويلة المدى انه كلما تعددت مشاهدة الاطفال للعنف فى التليفزيون كلما اظهروا عنفا اكثر فى سنوات عمرهم الثالية فى المراهقة و الرشد
اثر المشاهدة على الراشدين: اثر العنف فى وسائل الاعلام ليس مقصور على الصغار فقط بل اوضحت الدراسات ان عنف الراشدين يكون نتيجة لتأثرهم بعنف قد رأوه… فحدث على سبيل المثال انه قتل احد الامريكيين منذ سنوات 22شخصا ثم قتل نفسه و بعد تحرى الشرطة وجدوا مع هذا الرجل تذكره لفيلم سينمائى شاهده قبل الجريمة يماثل ما فعله
و ايضا فى عام 1986 قام ديفيد فيليب بتحفض معدلات القتل اليومية فى الولايات المتحدة فوجد انها ترتفع عقب مباراة الملاكمة و كلما زادت شعبية المباراة ترتب عليها زيادة فى معدلات القتل.. و المدهش فى نتائج فيليب ان العنصر الخاسر كان مرتبطا بعنصر ضحايا القتل بعد المباراة.. فاذا كان الخاسر ابيض كان الضحايا من البيض.. و اذا كان الخاسر اسود فان الضحايا يكونون من السود.. مما يعكس مدى القوة الشديدة لتأثير الاعلام على معدلات العنف و الجريمة
اصبحت ظاهرة العدوان واقع يصعب تغافله فأصبحت من الامراض المتأصلة بداخل خلايا النسيج الاجتماعى و احتلت مكان القيم السامية التى اصبحت ظواهر شبه مندثرة فعلينا احياء براعم تلك القيم الجليلة فى مجتمعنا لتسترد مكانها الاصلى من العدوان الغاشم الذى اغتصب مكانها بعنفه
اخصائية نفسية
ماريا ميشيل
mareya2000@hotmail.com