أشرف حلمى
اتجهت أنظار دول العالم بداية هذا الأسبوع نحو الإمارات العربية المتحدة التى شهدت حدثاً عالمياً جليلاً الاول من نوعة على ارض الجزيرة العربية تحدثت عنه جميع وكالات الأنباء والصحافة العالمية وذلك بإستضافتها مؤتمر وفعاليات حوار الأديان تحت عنوان ( الأخوة الإنسانية ) بحضور الحبر الأعظم البابا فرنسيس بابا روما والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والعديد من القيادات الدينية والسياسية والذى ناقش العديد من القضايا وأهمها ما يتعلق بالمجتمعات المتعددة الجنسيات والأديان والطوائف للتأكيد على روح التسامح الدينى ونبذ العنف بإسم الدين ونشر قيم وثقافة قبول الاخر والعمل على محاربة الأرهاب .
قدمت دولة الإمارات العربية منذ تأسيسها على الجانب الأسيوى من الشرق الأوسط عام ١٩٧١ والتى أستحقت بان تكون عاصمة الشرق للتسامح الدينى دروساً حقيقية ونموذج مشرفاً لدول الشرق الأوسط فى ثقافة قبول وإحترام الاخر على أراضيها بإطلاق حرية العبادة للجميع مهما كانت ديانتهم , الوانهم وعرقهم طبقاً لمبادئ ومواثيق الامم المتحدة والتى ساعدت على بناء دولة حضارية متقدمة من خلال منحها أراضى بكل حب لإقامة ادوار عبادة لممارستهم شعائرهم الدينية بكامل حرياتهم دون إذلالهم وما حدث مؤخراً بإقامة أكبر قداس إلهى على أراضيها دون إعتراض من أحد إضافة التى بناء كنيسة باسم القديس فرنسيس خير دليل على تمسك الإمارات بتطبيق سياسة الانفتاح على العالم الذى رسمها مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله بعد الانسحاب الاحتلال البريطاني من أراضيها .
فى المقابل وعلى النقيض تماماً شهدت مصر فى نفس الاسبوع فى الجانب الأفريقي من الشرق الأوسط العديد من الاحداث المفجعة تشقعر لها الأبدان أضاعت نكهة الفرحة التى عاشها المصريين على مدار الأيام القليلة السابقة منها صلاة جنازة احد المنتقلين المسيحيين فى الشارع بعد إغلاق كنيستهم بواسطة دواعش المجتمع وايضاً عندما شاهدوا فيديو نشره احد طلاب الازهر لمجموعه من طلاب الازهر يسخرون فيه من صلاة المسيحيين والذى يمثل إزدراء أديان ودولة لما جاء فيه من إهانات وذلك بعد ساعات من حديث شيخ الازهر عن التسامح الدينى بدولة الإمارات مما جعل المصريين يتساءلون هل ستتعامل الدول والقضاء مع هؤلاء الطلبة بنفس القانون الذى تعاملت به مع المفكرين والمتنورين ومئات الاقباط الذين اتهموا ظلماً خاصة أطفال المنيا بتهمة إزدراء داعش واغتصبت طفولتهم ؟!! ام ستتعامل معهم بسياسة الكيل بمكيالين كما تعاملت مع معظم شيوخ الوهابية والسلفيين الذين تعمدوا إزدراء المسيحية ونشر ثقافة العنف وارهاب الاخر عبر القنوات الفضائية وغيرها دون رد فعل .
مما لا شك فيه ان الدستور الذى قامت عليه دولة الإمارات منذ تأسيسها عام ١٩٧١ جاء بالعمل على المساواة والعدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن الواحد فى باب الحريات والحقوق كما نصت المادة 25 ( بأن جميع الأفراد سواء أمام القانون ولا تمييز بين مواطني الاتحاد بسبب الأصل أو الموطن أو العقيدة الدينية أو المركز الاجتماعي ) بينما قام السادات فى نفس العام بتعديل الدستور لتصبح مصر رسمياً دولة دينية على عكس الشعار المتداول الدين لله والوطن للجميع ووضع المادة الثانية للدستور التى نصت على ( الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ) دون اى إعتبار للاديان السماوية الاخرى ووضع اتباعها مواطنون من الدرجة الثانية فى سن القوانين وخير مثال لذلك إصدار قانون بناء الكنائس المثير للجدل بديلاً عن قانون بناء دور العبادة الموحد .
كل هذه الاحداث جاءت فى ظل الحراك السياسى والمجمعى الداعى لتعديل الدستور , عفوا أيها السادة المحترمون عن اى دستور تتحدثون دستور الدولة المدنية العلمانية التى حلم بها شباب ثورة يناير ام دستور الدولة الدينية الذى أسسه السادات
وصدق عليه رجال الوهابية , الم يحن الوقت لتأسيس دستور حديث عوضاً عن الدستور الذى تم ترقيعه عدة مرات منذ ثورة ٥٢ مروراً بالاخوان والسلفيين وحتى بعد ثورة يونية , أليس هناك أساتذة جامعات وخبراء دستوريين متخصصين يعملون على صياغة دستور مدنى جديد يضمن علمانية وديمقراطية الدولة , المساواة والعدالة الاجتماعية لجميع المواطنين بعيداً عن لجان تتكون من مجموعات مختارة تمثل اطياف شعبية , سياسية ودينية غير متخصصة دون اى خبرات قانونية او دستورية واضعين أمامهم الدستور الحالى وما جناه المصريين من خلاله والقوانين التى صيغت تباعاً له منذ عام ١٩٧١ للخروج من مستنقع الدكتاتورية والدعشنة الذى ابتلينا به الغزو الوهابى السلفى الذى اخترق جميع مؤسسات الدولة واوصلنا الى ما نحن فيه الان .