الخميس , نوفمبر 21 2024
مختار محمود
مختار محمود

لماذا لا يؤمن المصريون بأنَّ الزنا حرام؟

مختار محمود

هذا مقالٌ صادمٌ لا محالة، سوف يرفضُه كثيرون ويرحبُ به قليلون.

الكتابة الحقيقية لا يجبُ أن تكون مُسكناتٍ للألم، أو مغازلة لواقع أليم، بل ينبغى أنْ تكونَ دالة وكاشفة وفاحصة وقادرة على التشخيص السليم. التغاضى عن خطايا المجتمع ووضع الرؤوس فى الرمال ليس ذكاءً، بل هو أعلى درجات النفاق والتدنى الرخيص .

طبعاً.. لن تخالفنى الرأىَ فى أنَّ ظاهرة العلاقات الآثمة، بتنويعاتِها المختلفة، واحدة من أكثر الظواهر انتشاراً فى مُجتمعنا “المُتدين بطبعه”.

الأديانُ السماوية تشددتْ فى تحريم “الزنا”.

القرآنُ الكريمُ يقولُ: “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساءَ سبيلاً”، والمسيحية تأمرُ: “لا تزنِ بحليلةِ جارك”، واليهودية تتوعدُ: “إذا زنى رجلٌ مع امرأة… فإنه يقتلُ الزاني والزانية”.

رغم هذه النصوص الدينية السماوية القاطعة وغيرها إلا أنها لم تحققْ الردع الكافىَ لأهل الأرض.

هذه الكبيرة تتوغلُ فى المجتمع المصرى توغُّلاً مُفزعاً ومؤلماً وخطيراً.

الأمرُ لا يقتصرُ على فئةٍ دون أخرى، بين الفقراء والأغنياء، بين العامة والنخبة، بين المثقفين والأميين، بين رجال الدين ورجال المال. مشايخ ورهبان يُضاجعون النساء فى دور العبادة.

مُعلمون يعبثون بأعراض تلميذاتهم فى المدارس وفى جلسات الدروس الخصوصية.

أكاديميون يتحرشون بطالباتهم داخل الجامعات ويرفعون شعار: “النجاح مقابل الحرام”.

آباءُ يهتكون أعراضَ بناتهم. وأمهاتٌ يتاجرن بصباياهُن فى سوق النخاسة.

النفوسُ المستقيمة لا تحتاجُ نصوصاً سماوية تمنعُها عن اقتراف تلك الفاحشة .

ما كان حراماً فى العُرف العام صار مُباحاً مُستباحاً.

جرائمُ الشرف تمضى بوتيرةٍ متسارعةٍ.

المذابحُ الأسرية بسبب الخيانة تصل إلى حد الظاهرة.

معاملُ التحاليل الطبية تعيش أزهى عصورها فى ظل إقبال الأزواج على إجراء تحليل d-n-a، للتأكد من نسب أطفالهم.

جرائمُ قتل الزوجات لأزواجهن بمساعدة العُشاق.. عرضٌ مُستمرٌ.

الرشاوى الجنسية تختصرُ الزمنَ وتُحققُ المعجزاتِ وتنجزُ المستحيلات وتُغيِّرُ المسارات.

زنا المحارم صار حاضراً بقوة على صفحات الحوادث.

الدراساتُ الاجتماعية الجادة تعترفُ بوجوده بنسبٍ خطيرة ولا تنكره ولا أحدَ يفزعُ أو يهتمُّ.

ودخلتْ على خط القبح جرائمُ “تبادل الزوجات“، وهى من أكثر السلوكيات البشرية انحطاطاً وشذوذاً.

وما خفى وما لا تصلُ إليه الشرطة أعظمُ وأخطرُ.

وفى زمن الثورة التكنولوجية.. تسللتْ كلُّ هذه الفضائح من وراء الجدران إلى العالم الافتراضى الكبير صوتاً وصورةً.

المُجرمون يُقرِّون ويعترفون، وبعضُهم يتفاخرُ بفحولته وقدراته الحيوانية، لا أحدَ يحاسبُ أو يعاقبُ، لم يخسر أيٌّ من هؤلاء منصبه بعد فضيحته على رؤوس الأشهاد .الشخصية المصرية تعرضتْ لحالةٍ متقدمةٍ من التصحُّر الأخلاقى الرهيب.

الدولُ المتقدمة تتحدثُ عن احتلالها القمة فى الإنتاج والصناعة والتعليم، ونحن نُباهى الأممَ بالمراكز الأولى فى البحث عن الفيديوهات الجنسية وفى الطلاق وزنا المحارم وفى كل مسلك مُتدنٍ و قبيح، ومُحرك البحث “جوجل” شاهدٌ على ما نفعله بأنفسنا.

لا أحدَ يجرؤ على مناقشة هذا العوار الأخلاقى الذى يضرب الشخصية المصرية فى العُمق، ويُحولُّها إلى شخصية بلا نخوةٍ أو كرامةٍ، ليس خجلاً ولكن لأنهم لا يمانعون من بقائه ” خليهم يتسلَّوا”!! إنهم فقط يتحدثون عن توافهِ الأمور ويتعمقون فيها لخلق مُجتمع بلا أخلاق.

أحدُهم كتب منذ فترة مقالاً يتضجرُ فيه من حارس العمارة التى يقطن فيها، لأنه يعترضُ طريق فتيات الليل ويرفض صعودَهن إليه كل مساء، فتمَّ تصعيده رئيساً للتحرير.

وآخرُ كتبَ عدة مقالاتٍ يريد من خلالها شرعنة هذه الجريمة فى زمن وسائل منع الحمل والأوقية الذكرية، فتم تتويجه بجائزة مادية سخيَّة، ومنحه مساحات كبيرة للظهور الإعلامى.

مثلُ هذا الكاتب المغوار ينطبق عليه الوصف القرآنى المُدهش: ” إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ”.

في زمن الردة والبهتان، اكتبْ ما شئتَ ولا تخجلْ، فالكفرُ مُباحٌ يا فنان.

الأعمال الفنية “السينمائية/ التليفزيونية” تتناولُ العلاقات الآثمة، ليس من أجل رفضها، ولكنْ باعتبارها واقعاً لا تنكرُه بل تقرُّه.

يستحيلُ أن تضبط عملاً فنياً، خلال السنوات العشرة الأخيرة على الأقل، يتصدى لمناقشةِ هذه الجريمةِ وكيفية محاصرتها وتطهير المجتمع منها.

فاكفرْ ما شئت ولا تخجل، ميعادُك آتٍ يا فنان.

المؤسساتُ الدينية فقدتْ تأثيرها وجدواها، وتفرغتْ لصراعاتٍ سياسيةٍ ومنافساتٍ غير شريفة.

القوانينُ المصرية مُتواطئة أشدُّ التواطؤ إزاءَ هذه الظاهرة، ما يفاقم انحلال المجتمع.

الصمتُ عما يحدثُ جريمة يجعلنا كمن وصفهم القرآن الكريم بقوله: ” كانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ، لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ”.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

قومى استنيرى

كمال زاخر رغم الصورة الشوهاء التى نراها فى دوائر الحياة الروحية، والمادية ايضاً، بين صفوفنا، …

2 تعليقان

  1. حضرتك نشرت المشكله ولاكن لم تنشر الحل وتطالب به
    كلإمكانية ممتاز وحقيقة واقعه بس ياريت يكون هناك جراءه أكثر لوضع الحلول والمطالبة بها

  2. المشكلة دي موجودة في كل المجتمعات الإنسانية مش بس المصرية فين مناقشة الأسباب والحلول المقترحة والجهود المفروض بذلها للقضاء على المشكلة أو مواجهتها والحد منها ؟ عفوا مقال طويل عريض فقط لسد خانة أو مساحة فارغة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.