عواصف و انواء تعصف باشجار و نباتات,,هكذا الامر ايضا بدواخل الذات,, تنال منها اعاصير التقلبات,, التى للمزاج و ما يقع على الوجدان من سلبيات,, فتتحامل النفس الى ما تقوى عليه من ثبات,, فيبتعلها فخ الداء و ما فى اشراكه من تأثيرات,, فتستغيث بردود افعال و صيحات,, عرفها الانسان منذ فجر التاريخ و سجلتها البرديات,, الى ان توصلت اليها مختلف الحضارات,, و تباينت النظرة للمريض النفسى عبر الثقافات,, فمنهم من يحسبه ولى من الاله وينطق بنبوءات,, و اخرون يرونه انه من الجن و مصدر مشقات,, و هناك من اقروا انها غوامض ليس لها تفسيرات,, فمن الشعوب من كان يوقع بهم العذابات,, اخرين يضعوهم فى الغلايات,, و فريق يعزلهم عن المجتمعات ,,و منهم من لجأ الى ما هو بدائى من العلاجات,, الى ان وضعهم العرب فى بيمارستانات,, ويعد فجرا للعلاج النفسى بعد ظلام ساد لسنوات,, فاليوم سنتعرف على اسرار اول مستشفى للامراض العقلية بمصر فهيا نعبر بداخل ممرات مستشفى قلاوون
عرف المرض النفسى لدى المصريين منذ العصر الفرعونى و وصفته البرديات وصفا دقيقا… تتالت العصور و تباينت عبرها النظرة للمرض النفسى.. وصولا الى ذلك الحدث التاريخ الهام فى القرن الرابع عشر حيث تم تشييد بيمارستان قلاوون فى قلب القاهرة القديمة فى عصر السلطان قلاوون حيث قيل إنه مرض بسوريا وعولج بالمستشفي النوري فنذر أن يبني مستشفي خيرياً في القاهرة, تم تخصيص ريع أرض يملكها لتصرف علي نفقات المستشفى و الرواتب حوت اربعة اقسام منهم قسم للامراض العقلية
و كانت مثالاً مدهشاً للرعاية النفسية، و تعد اقدم ثانى مستشفى للامراض العقلية فى العالم بعد مستشفى بغداد و اول مستشفى للامراض العقلية بالقاهرة التى سبقت بناء المستشفيات النفسية بالغرب بعدة قرون
ومن الطريف أن كلمة “بيمارستان” (أي مكان المريض بالفارسية) قد تحويرها الى “مورستان”، التى ارتبطت من ذلك الوقت الى الان بالمكان الذي يعالج المرضي العقليين، وذلك لتزايد الاهتمام بالمرضى العقليين في هذه الفترة…
و كانت الهبات السخية التي يقدمها أغنياء القاهرة للمستشفى تتيح بعلاج المرضى بالمجان و ان يقدم مستوى عاليا من الرعاية و اعالة المريض حتى يعود إلى عمله و حياته الطبيعية فكان يصرف لكل مريض خمس قطع ذهبية عند خروجه من المستشفى
و كان يتم رعاية المرضى النفسيين كالاتى
تخصيص لكل مريض مرافقان و عدد من الاطباء الاكفاء و استخدام وسائل علاجية منها التشجيع و الالفاظ الجميلة و بالحجج المنطيقة و المواساة و التنزه فى الهواء الطلق و البساتين الزاهرة
و العلاج بالاستحمام و المراهم و الادهان بالزيوت الطبيعية و العلاج بالتغذية و الحمية… و على سبيل المثال المرضى الذين يعانون من الارق كان يتم عزلهم فى غرف خاصة.. و يجلبون لهم العازفين و القصاصين المهرة فيعزفون لهم مقطوعات موسيقية هادئة و القصاصين يسردون عليهم الحكايات مما يساعدهم على الاستغراق فى النوم
المرض النفسى قديم بقدم الانسان تتابين طبيعته بتتالى الاحقاب و العصور و كلما تعقدت الحياة زادت طبيعته ضراوة و الافضل ان نتخذ كافة السبل الوقائية لصده و فى حالة الوقوع بين انيابه علينا مناهضته بكافة السبل العلاجية و تطوراتها لانقاذ النفس تلك الضحية البرئية
اخصائية نفسية
ماريا ميشيل