الأحد , ديسمبر 22 2024
مختار محمود
مختار محمود

كارتون الشيخ “علَّام”

 

مختار محمود

رائعٌ جداً.. أنْ تبحث دارُ الإفتاء المصرية عن وسائلَ وأساليبَ حديثة ومتطورة لتسويق أفكارها وتجديد خطابها، ويجبُ على المؤسسات الدينية، باختلاف أطيافها، أنْ تحذو حذوَها فى مواكبة التكنولوجيا والتقنيات الحديثة وتوظيفها فى إنتاج خطاب دينى جاذب يخلو من النمطية والتقليد.

الدارُ، التى يحكمُها الدكتور “شوقى علام” منذ 6 سنوات، أنشأت مؤخراً وحدة للفتاوى الصوتية القصيرة المصحوبة بالرسوم المتحركة “موشن جرافيك”، لتوظيفها في الرد على الأفكار المتطرفة بطريقةٍ سهلةٍ وجذابةٍ، كما لجأتْ إليها لتفنيد الفتاوى المغلوطة والمتشددة، مثل: تحريم الاحتفال المولد النبوى، وتهنئة المسيحيين فى أعيادهم.

وقبلَ يومين.. أعلنتْ الدارُ عن إنتاج “فيلم كارتون” لتعليم الأجيال الناشئة واجباتِهم نحو الدولة، وهذا أيضاَ شئٌ رائعٌ، فى ظل جهل كثيرين بهذه الواجبات، أو سعيهم الدؤوب فى التحايُل عليها، لا سيما أن هناك من يرى فى التنصل من أداء حقوق وواجبات الدولة إنجازاً لا يضاهيه إنجازٌ.

ولكن ما فاتَ “دارَ الإفتاء” حقاً، وما سوفَ يفوتُها عمداً وليس سهواً، هو أنها لنْ تفكرَ مثلاً فى إنتاج سلسلة أفلام كارتون، لتقديمها لأعضاء الحكومة وكبار المسؤولين، لتعليمهم حقوق الشعب عليهم، وواجباتهم نحو هذا الشعب الذى لم يجد من يحنو عليه.

لماذا لا تنتجْ الدارُ أفلاماً وتُعممها على مكاتب الوزراء وكبار المسؤولين ومعاونيهم، لتعلمهم أن إهدار حقوق الشعب حرام، والتخاذل عن إنصاف المظلومين حرام، وأن العدالة البطيئة حرام، وأن الإسراف فى ما لا يستحق حرام، وأن التقتير على الفقراء والغلابة والتعامل معهم بدم بارد حرام، وأن الاختلاس والسرقة والرشوة حرام، وأن الكذب والنفاق حرام؟

لماذا لا يُوجِّه المفتى، وهو رجلٌ فاضلٌ لا نُزكيِّه على الله، مستشاريه ومعاونيه ومساعديه ومرؤوسيه، بإنتاج سلسلة من أفلام الكارتون، وتعميمها على المذكورين آنفاً، وتلقينهم دروساً فى التواضع مع الرعية والإحساس بهم وعدم تحميلهم ما لا يطيقون؟

أخبرهم يا مولانا، إن كنتَ إلى الله راغباً وليس لأحدٍ سواه، أن يتقوا الله فينا، قلْ لهم: لا تتركوا عارياً أو جائعاً أو مُشرداً. أنبئهم، يا صاحب الفضيلة، بحكمة الشيخ محمد الغزالى: “كل دعوة تُحبب الفقر لناس أو تقنعهم بالهوان فى الحياة هى دعوةٌ فاجرةٌ يُرادُ بها التمكينُ للظلم الاجتماعى، وهى كذبٌ على الإسلام، وافتراء على الله”.

أخبرهم يا مولانا بكل ما تعلمته فى أزهرك الشريف، لا تحجبْ عنهم علمك، أنت مسؤول أمام الله، أبلغهم بجوهر الإسلام وحقيقته، قل لهم: لا تخلطوا الدين بالسياسة، ولا تراوغوا فى تأدية حقوق الناس. حدِّثهم عن الإنسانية باعتبارها جوهر الأديان وغايتها الأولى.

دارُ الإفتاء – يا مولانا- ليست لنُصح وإرشاد العامة والمقهورين والأذلاء ومن يبيتون بدون عشاء، ومن يفترشون الأرض ويلتحفون السماء فى أجواء لا ترحمُ، فيكفيهم ما هم فيه، ولكن النصح والإرشاد يجب توجيههما  أولاً لمن بأيديهم الحلُ والعقدُ، المنحُ والمنعُ.. واللا إيه يا شيخ علَّام؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.