تستهل البحرين عام ٢٠١٩ مدفوعة بإنجازات حصدتها في سنوات مضت، لا تنفصل بدورها عن تطلعات المستقبل وطموحات الشعب البحريني في غد أفضل، في ظل وجود حكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، بما يملكه من حنكة سياسية وخبرة إدارية طويلة وإدراك عميق بكافة أبعاد البيئتين الداخلية والخارجية ورؤية عميقة لكيفية مواجهة مختلف التحديات التي تواجه البلاد في المراحل المختلف والتعاطي معها وهو الأمر الذي يتضح في تجنيب البحرين الكثير من المخاطر التي شهدتها بلدان أخرى، والحفاظ على درجات ومستويات مميزة من الاستقرار على الصعد الاقتصادية والسياسية والأمنية.
وتتزامن هذه المرحلة مع انتخاب برلمان جديد، ذي دماء شابة، ليشارك الحكومة صناعة القرار وإدارة شؤون البلاد ويكون له رأي حاسم في برنامج الحكومة خلال السنوات الأربعة المقبلة وهو البرنامج الذي تمت إحالته للبرلمان، في لحظة مهمة في تاريخ المملكة المليء بالإنجازات وتحقيق الطفرات على كافة القطاعات.
على أن هذه المرحلة الحالية في تاريخ البحرين لا تتعلق فقط باللحظة الراهنة، ولكن تتعلق بالضرورة بحصد ثمار إدارة الحكومة، برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، باقتدار وصولا للحظة الاستقرار السياسي التي تشهدها الآن، وهي الثمرة التي أصبح من حق البحرين أن تقطفها بعد أن أدارت معركتها الداخلية، باقتدار وحنكة مكناها من الفرز بين الأصوات الوطنية، والأصوات المأجورة والعميلة والمدفوعة من أجل تهديد أمن واستقرار البلاد ، وهي الأصوات التي لفظت نفسها من العمل السياسي الوطني، قبل حتى أن يلفظها الشعب.
وفي حين تدخل البحرين مرحلة جديدة وثقت فيها مشاركة المسؤولية بين الحكومة والشعب، ممثلا في مجلس النواب، أصبح من الطبيعي أن تعلو طموحات الشعب البحريني في حصد ثمار هذا التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهو ما يعني ثقل المسؤولية على البرلمان، حيث يعلق الشعب أمانيه على برلمان جديد واضح في الصورة والقرار ليكتسب مزيد من الثقة ولا يكون نسخة جديدة من البرلمان السابق وما قيل بحقه من أقاويل حول الانحياز التام ضد المواطن ، فكانت الحكومة هي التي تعمل لصالح الوطن بينما ركز أعضاء مجلس النواب على حصد المزيد من الامتيازات الشخصية وهو ما أدى إلى فشل جميع الأعضاء السابقين الذين ترشحوا للانتخابات الأخيرة باستثناء ثلاثة أعضاء فقط نجحوا في الوصول لمجلس النواب الحالي.
الحكومة برئاسة الأمير خليفة بن سلمان تتمتع بثقة واسعة من قبل ملك مملكة البحرين ومن الشعب البحريني بفضل تعاملها الواثق مع التحديات وقدرتها الكبيرة على مواصلة المكتسبات والمنجزات وهو الأمر الذي حرص ملك البلاد على التأكيد عليه في خطاب تكليف الحكومة.
ولا شك أن كل هذه المعطيات ستدفع مجلس النواب إلى الحرص على التعاون مع الحكومة من أجل الوطن ولكي يجتاز هذه المرحلة الصعبة ليس على البحرين فقط ولكن على الكثير من الدول في ظل التحديات الكثيرة التي تواجه هذه الدول اقتصاديا وماليا وتجعل الخيارات المتاحة في أضيق الحدود إن وجدت خيارات .
السلطة لا تعني الانفراد بالرأي والقرار، فقد قام مبدأ الديمقراطية في الأساس على التعاون المثمر بين السلطات، وليس تضاد المصالح بينها، ومن ثم فإن استغلال الأدوات البرلمانية بشكل وطني صحيح ، بحيث تكون موجهة للمصلحة العليا للمملكة سيؤدي إلى تضافر الجهود في تنفيذ البرنامج الحكومي المطروح أمام مجلس النواب والذي يرتكز على برنامج التوازن المالي يعد المخرج الوحيد الآن من الصعوبات المالية، والحفاظ على الدعم المقدم من الدول الخليجية (السعودية والكويت والإمارات) للبحرين لكي تتجاوز هذه المرحلة وتواصل مسيرتها التنموية، وهو ما يتطلب ضرورة تفهم اللجوء إلى بعض الإجراءات التي لا مفر منها مثل فرض ضريبة القيمة المضافة وغيرها من الإجراءات التي لا تكتسب شعبية في العادة وغير مستساغة أو مقبولة من قبل المواطن لكنها تمثل ضرورة وطنية .
هناك فارق بين النظرة العليا للحكومة، المرتبطة بالمصلحة العليا للمملكة، تاريخا وشعبا ومستقبلا،والنظرة المحلية للبرلمان، المرتبطة أكثر بالمواطن وطموحاته، التي بالطبع لا يمكن إنكارها، لكن يجب تقنينها بما يتناسب مع المصلحة العليا للبحرين.
كما تجب الإشارة إلى ضرورة أن يقوم العمل السياسي من جانب البرلمان على مبدأ حسن النية في مؤسسات وأجهزة الدولة، وهو المبدأ الذي ربما أمكن القول أن جميع العملية السياسية تأسست بناء عليه، وهو ما يجب أن يتفهمه أعضاء مجلس النواب، ويبادلوا الحكومة بالمبدأ نفسه، لاسيما وقد عهدها الشعب البحريني تبادر بالتطوير ولا تقف عن نقطة معينة، منذ بدء المشروع الإصلاحي لملك البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
أخيرا فإن مكتسبات الماضي، لا يجب لها أن تقف الآن رغم صعوبة التحديات والأزمات العالمية الراهنة، إذ يمكن القول هنا أن الشعب البحريني نفسه هو من سيكون مراقبا على الجميع، وقد ظهر وعيه في وقوفه بجانب الدولة والحكومة في كل المعتركات التي خاضتها المملكة، وهو ما يجب أن يلتفت له البرلمان جيدا، ويدرك ثقة الشعب في حكومته برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء.