قبل الحديث عن الازمه المثارة بسبب فستان الفنانه رانيا يوسف الذي ظهرت به في حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الاخيرة يجب ان نرجع بالذاكرة الي حوالي سته عقود حينما كانت ساميه جمال وتحية كاريوكا تظهران ببدل الرقص المكشوفة في الافلام الابيض واسود واغلاف المجلات بالمايوهات وفي الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي ظهرت العديد من الفنانات بالمايوهات وملابس الاغراء في الافلام وبالملابس التي تضاهي الموضة العالمية في الحفلات ومهرجانات السينما والتي بكل تاكيد لو ارتدت مثلها فنانه الان سوف يفتح عليها النار من كل الجبهات وربما تجد نفسها امام محكمه بتهمه الفجور والفسق كما حدث مع الفنانه رانيا يوسف .
اعتقد لو كنت تحية كاريوكا وساميه جمال وسعاد حسني وهند رستم ونادية لطفي ومرفت امين ونجلاء فتحي ومريم فخر الدين وشمس البارودي وصفاء ابو السعود وغيرهم من فنانات الزمن الجميل يمثلون نفس الافلام التي قاموا بها في الماضي القريب وبنفس الملابس ويحضرون الحفلات والمهرجانات بنفس الملابس ربما كنا نجدهم جميعا في السجن الان .
الغريبة في الامر ان انتفاضة بعض اعضاء البرلمان ضد الفنانه وملابسها التي نتفق او لا نتفق معها في الوقت الذي لم ينتفض اي عضو في البرلمان حينما تعرت سيدة الكرم ولم تجد من يسترها حتي ولو بكلمه وايضا لم ينتفض البرلمان ضد التحرش الذي توغل في المجتمع ولكن انتفض ضد فستان فنانه تحضر مهرجان للسينما .
والاغرب كان بالنسبة لي بيان نقابه المهن التمثيلة والتي من المفروض ان النقيب فنان واعضائها فنانين يؤمنون بحرية الابداع ودورهم الدفاع عن الفنانيين ولكن البيان يؤكد ان النقابات الفنية تاثرت بموجه التغير التي اجتاحت المجتمع المصري منذ سبعينات القرن الماضي حينما توغلت التيارت المطرفة في عالم السياسة والنقابات بعد قيام الرئيس الراحل محمد انور السادات بالاستعانه بهم لمواجه الفكر الناصر والاشتراكي قبل ان ينقلبه عليه هو ايضا .
ولم يكون ذلك هو السبب الوحيد لتغير مكونات فكر المجتمع المصري ولكن ايضا ساهم سفر اعدد كبيرة من المصريين الي الخليج بالتاثر بالفكر المنتشر في هذة الدول من حيث التعامل مع المراة بشكل عام وخصوصا مظهر المراة رغم ان دول الخليج الان تطورت نظرتها للمراة واصبحت المراة تحتل مكانه مميزة في هذة الدول الان الا ان مازل جزء كبير من المجتمع المصري متاثر بالماضي الذي عاش فيه في هذة الدول وقد ساهمت تلك العوامل في انتشار التشدد والتطرف علي مدي عقود طويله مازل المجتمع المصري ويدفع تمنها حتي الان .
رانيا يوسف ارتدت فستان من احدث صيحات الموضه العالمية في مهرجان للسينما وليس في حفل اجتماعي او سياسي او لقاء ديني … رانيا سوف تحولت بسبب فستان الي متهمه … رانيا يوسف ربما يكون خطائها الوحيد انها لم تدرك انها تعيش في مجتمع ينظر جزء كبير منه الي جسد المراة علي انه عورة … رانيا يوسف خطأها انها لم تدرك انها لا تعيش في زمن سعاد حسني ومرفت امين وهند رستم … رانيا يوسف خطأها انها لم تدرك انها لا تعيش في زمن لا يخلط الدين بالفن … رانيا يوسف خطأها انها لا تدرك انها من الممكن ان تعاقب وتسجن بسبب فستان في الوقت الذي يعيش فية المتحرش حر.
مقالي ليس دفاعا عن فنانه او عن فستان اثارة ضجة بلا مبرر ولكن مقالي سببه اندهاشي من اهتمام فئات عديدة بموضوع الفستان والتركيز الشديد من السوشيال ميديا واهتمام بعض اعضاء البرلمان بالامر وانتفاضه عدد من المحاميين لتقديم بلاغات في الوقت التي كانت مصر تحتاج كل هولاء للمساهمه بالوقت والفكر والمجهود في عبور مصر الي المستقبل والانتصار علي الارهاب والنهوض بالاقتصاد بدل من إضاعة الوقت في مناقشة ازمه الفستان كما كنت اتمني من نقابه المهن التمثيليه وعلي راسها الفنان اشرف زكي الاهتمام بالمسرح الذي تقريبا انتهي في مصر والسينمات التي كادت تغلق ابوابها وحل مشاكل العامليين في القطاعات الفنية من فنانين ومخرجين وفنيين والذي اصبح الكثير منهم عاطل عن العمل بسبب توقف الانتاج المسرحي والسينمائي والتلفزيوني بنسبة كبيرة .
اخيرا … العري ليس دائما في جسد المراة ولكن العري الحقيقي في العقول والعيون التي تنظر الي المراة بمنظور جنسي وتنظر اليها علي انها جسد بلا روح .
الوسومكريم كمال
شاهد أيضاً
جهاد الكريسماس
وتم بحمد اللات أول تفجير إرهابي موفق بمناسبة أعياد الكريسماس بتاعة المسيحيين بألمانيا وسيوافونا بالتالي …