أشرف حلمى
تابعت مع ملايين المصريين والأقباط بجميع دول العالم استعدادات الكنيسة القبطية الأرثودكسية، فى مصر مراحل تجديد وترميم الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالعباسية، التى شهدت الاعتداءات الإرهابية فى عهد الرئيس المخلوع محمد مرسى، أمام مرأى ومسمع شعوب دول العالم، وعلى مدار أكثر من عامين استعدادا لافتتاحها يوم الاثنين المقبل الموافق 12 نوفمبر من الشهر الحالى والذى سيترأسه قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بحضور العديد من الآباء الأساقفة والكهنة إضافة إلى بعض قيادات الطوائف المسيحية الأخرى والمسئولين بالدولة، هذا الاحتفال الذى تم تأجيله فى منتصف يونيو الماضى بمناسبة اليوبيل الذهبي للكاتدرائية بعد خمسين عاما من افتتاحها فى ١٩٦٨ فى عهد قداسة البابا كيرلس السادس.
تضاربت الأنباء هذه الأيام عن احتمال إلغاء أو تأجيل الاحتفال للمرة الثانية تعاطفًا وحزنًا على الشهداء السبعة الذين نالوا إكليل الشهادة فى الاعتداء الإرهابى الذى ضرب أتوبيس المنيا الجمعة الماضية، فالمعروف أن كنيستنا القبطية كنيسة شهداء لذا لا بد من إقامة الاحتفال فى موعده محتفلين بشهدائها وأولهم القديس العظيم مارمرقس صاحب هذه الكاتدرائية، التى بنيت على اسمه والذى نال عدة أكاليل هى الشهادة، الرسولية، البشارة وإكليل البتولية قبل ١٩٥٠ عامًا سنة مقابل شهادته على اسم المسيح عام ٦٨ م .
لقد ارتوت أرض مصر بدماء أبنائها منذ عهد السيد المسيح له المجد وكان القديس ودامون الأرمنتى أول شهيد قبطي (مصرى) الذى أقيمت فى منزله العائلة المقدسة أثناء رحلتها الى مصر وأصبح كنيسة، فيما بعد على اسم السيدة العذراء مريم وابنها تحقيقا لقول المسيح (سيكون بيتك مسكنًا لي أنا ووالدتي إلى الأبد) ردًا على سؤال القديس ودامون للطفل يسوع (يا سيدي إني أشتهي أن تأتى إليّ وتسكن في بيتي، وأكون خادمًا لك إلى الأبد) مرورًا بآلاف الشهداء الذين كتبت سيرتهم العطرة بالسنكسار وقدموا دمائهم من أجل الحفاظ على إيمانهم المسيحى على مر العصور والأزمنة على يد مئات القادة والغزاة الإرهابيين وأعداء المسيح انتهاءً بعصرنا الحديث وكان آخرهم شهداء المنيا.
لعل احتفال كنيستنا القبطية باليوبيل الذهبي للكاتدرائية يكون بمثابة تكريما وتخليدا لجميع شهدائنا وأن تتزين بأيقونات أبناء مارمرقس القديسيين الشهداء وصور شهداء العصر الحديث الذين استشهدوا نتيجة الاعتداءات والتفجيرات الإرهابية، التى لا تحصى ولا تعد ومنها على سبيل المثال الزاوية الحمراء فى عهد السادات مرور بالكشح الأولى والثانية، نجع حمادى والقديسين فى عهد مبارك وشهداء ماسبيرو أيام المجلس العسكري ثم شهداء الخصوص والكاتدرائية فى عهد مرسى، وأخيرًا شهداء الإسكندرية، طنطا، البطرسية وأتوبيسى المنيا ١، ٢ لدير الأنبا صموئيل المعترف فى عهد السيسى، ولا ننسى شهدائنا الأبطال الذين قتلوا على يد إسلاميين ومتطرفين بسبب هويتهم الدينية منهم كهنة ورهبان، جنود شرطة وجيش وعلمانيين وأيضا شهداء ليبيا الذين نالوا الشهادة فى البلد التى أنجبت مارمرقس كاروز الديار المصرية وذلك لأن طريق الملكوت عبر بوابة الاستشهاد فى حب المسيح على أرض مصر المباركة مفتوح إلى ما لا نهاية.