سيطر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا “داعش” على مساحات شاسعة من العراق، واستولى على ملايين الدولارات، وعلى رغم من تطرف هذه الجماعة وتحريمها لشبكات التواصل الاجتماعي، غير أنها فاجئت العالم بأنهم ببراعتها في توظيف تلك التقنيات الحديثة لتحقيق أهدافها.
انتقل تنظيم داعش من سوريا إلى العراق والعكس، مستفيداً من حضوره على شبكات التواصل الاجتماعي، ولاسيما فيس بوك وتويتر، لنشر أفكاره وفتاويه ومرجعاتها الفقهية التي لا تستند على أي أساس، ملهباً من خلالها مشاعر المتشددين ومحاولاً توسيع رقعتهم في العالم، بحسب صحيفة إندبندنت البريطانية، اليوم الأربعاء.
وتضيف الصحيفة أنه عبر “حملة داعش المتطورة والفعالة على الإنترنت دشن شبكات اتصالات متداخلة وعالمية، يخاطب من خلالها الإرهابيين والمسؤولين الحكوميين الداعمين لدولتهم الجهادية، وهناك لجان فاعلة في داعش وظيفتها الأساسية التغريد وتحديث صفحاتها والصفحات المؤيدة له على فيس بوك، لتنشر أخباره أولاً بأول والانتصارات التي يحققها”.
وتقول الصحيفة إن “بعض هذه الحسابات لديها ما يزيد عن 20 ألف متابع لكل حساب على حدة، بالإضافة إلى نشطاء يعيدون نشر أخبار داعش لأكثر من 35 ألف متابع آخر، مع بث صور ولقطات عن أسلحتهم ومعداتهم المستخدمة في عمليات الاستيلاء والقتل التي ينتهجها التنظيم، في المقابل هناك نشطاء يميلون إلى نشر صور ضحاياهم المروعة على شبكات التواصل الاجتماعي كنوع من الترويج والدعاية، ما يصفونه بأنه إنجازات وفضح في الوقت ذاته لفشل الحكومتين السورية والعراقية في تعاطيهم مع الأزمة الراهنة”.
وفي حين أن هناك العديد من حسابات تلك الجماعة الإرهابية باللغة العربية، “فهناك أيضاً عدد لا بأس به من الحسابات المكتوبة ببراعة وطلاقة باللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات الأخرى، ما يثبت أن وسائل الإعلام الاجتماعية تسمح بوجود قنوات اتصالات غاية في الخطورة تظل قائمة بين الجماعات المتشددة مع مراقبة شبه معدومة”.
ويوضح تقرير أعده مركز كويليام البريطاني لمكافحة التطرف أن الإجراءات السلبية مثل حظر أو فرض رقابة أو حذف حسابات الجماعات الجهادية، غالباً ما يكون قاصراً عن معالجة المشكلة بصورة فعالة، فهي تهاجم الأعراض أكثر منها الأسباب.
ويشير المركز إلى أنه بدلاً من تلك الوسائل، الأجدر الاستفادة من المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر واستخدامها كمصدر رئيسي لجمع المعلومات الاستخبارية، “بيد أن حملة داعش على وسائل التواصل الاجتماعي لقنت الحكومات درساً قاسياً في الدعاية والترويج المضلل الذي تنتهجه سوريا والعراق عن إنجازاتهما وانتصاراتهما الوهمية الزائفة أمام شعبيهما والعالم أجمع، ولهذا فيتوجب على الحكومات أن تلتزم بالشفافية الواضحة وشرح قراراتها السياسية دون تضليل أو تزييف للواقع، بحسب الصحيفة.
وتشير الصحيفة إلى ضرورة أن تتخذ وسائل الإعلام ومناهضي العنف والإرهاب من صعود جماعات ومؤيدي داعش على فيس بوك وتويتر وغيرها، “وسيلة لتدشين قنوات مضادة، بدلاً من المشاهدة السلبية لما ينشره داعش على شبكة الإنترنت، ترد من خلالها على جرائم التنظيم وهجماته الإرهابية والتصدي لأفكاره اللاإنسانية واللاأخلاقية”.