بمناسبة عيد إستشهاده ( ٢ توت ) من السنة القبطية . ويحل اليوم ١٢ سبتمبر ٢٠١٨. عيد إستشهاد الصوت الصارخ في البرية الذي ولد قبل المسيح بشهور ليمهد الطريق أمام الرب ولذلك دعي بأعظم مواليد النساء. يوحنا المعمدان والمسمي ب ( نبي الفرح ) لأنه أول من تقابل مع المسيح في الحشا ( في بطن أمه ) وإرتكض فرحا عندما سلمت السيدة العذراء علي أليصابات أمه بل ودفعها للنطق بألوهية المسيح فعندما إرتكض الجنين في بطنها فرحت وقالت ( من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي ) . ولد يوحنا المعمدان( طبقا للتقليد ) في قرية ريفية الملمح تدعي ( عين كارم ) بفلسطين . يوحنا جاء في وقت مرتقب لليهود حيث جاء بعد غياب الأنبياء بزمن طويل وبالتحديد بعد ( ملاخي النبي ) ب ٤٠٠ سنة حتي ظنوا أنه ( المسيح ) المنتظر وأما هو فقال لهم ( لست أنا هو ) و ( لست أهلا أن أحل سيور حذائه ) جاء يوحنا ليعمد ويكرز ببشارة الخلاص و ذهب إليه يسوع ليعمده ورفض في البداية ولكنه إنصاع لكلام السيد ورأي الروح القدس أثناء عماده للمسيح في نهر الأردن . وبعض المفسرين قالوا أن نهر الأردن هو المكان الذي جدد اليهود ميثاقهم مع الرب بعد أن تاهوا ٤٠ سنة في البرية وكأن هذا المكان خلق لتجديد المواثيق فيأتي المسيح بنفسه ليضع ويبارك سر المعمودية أو الميلاد الثاني للإنسان بواسطة البطل المعمداني . و طبقا لإنجيل يوحنا الذي يغلب عليه الطابع اللاهوتي و الفلسفي و الماورائي يقول عن يوحنا ( لم يكن هو النور بل ليشهد للنور ) كان المعمداني محاربا للفساد و صوتا للحق و سوطا جلادا لظهر الفاسدين فجاء لهيرودس ليبطل شره و زواجه من هيروديا قائلا له ( لا يحل لك ) و بهذة الكلمات السهمية ذو الأثر الموجع لأذان الأثمة هيروديا قطعت رأس من يقف كغصة في حلقها و صوتا تأنيبيا يطير النوم من عينها و يقف حائلا بين شهواتها النجسة و مبتغاها الرخيص. و بعدما قطعت رأس يوحنا حزن هيرودس جدا و لكن كان حزنه متأخرا فهو يعلم أن كلام الملوك لا يرد و ها قد وعد ( سالومي ) أمام الجميع أن لها ما تطلب وقد كان. وبعدما أصدر هيرودس فرمانا بقطع رأس المعمدان ولم يستطع سحب وعده و قدمت لهيروديا و تزوجها وطرد زوجته القديمة ( إبنة أريتاس ملك العرب آنذاك ) وإحتفظ برأس يوحنا في ( إناء مختوم بختم ملكي ) أي من المقدرات الثمينة ولكن وجود رأسه في بيت هيرودس جلب عليه لعنات الظلم . إغتاظ ( أريتاس ) جدا وقرر أن يذيق هيرودس الويلات و حاربه وهزمه و عزلته روما ونفي إلي بلاد الغال و مات منفيا. يوجد جزء من رفات جسد القديس يوحنا المعمدان( بدون رأس ) في دير الأنبا مقار ببرية شيهيت وأما عن رأس يوحنا فهي مازالت موجودة في كنيسة يوحنا المعمدان سابقا أو ( الجامع الأموي حاليا ) بدمشق وله قصة شهيرة طبقا للمخطوطات التي توجد بدير ( سيدة البلمند بلبنان ) حيث تحولت الكنيسة التي كانت بها رأس يوحنا المعمدان والتي بناها الروم البيزنطيين في القرن الرابع و التي تحولت إلي الجامع الأموي في القرن الثامن في ظل الخلافة الفاطمية بعد إحتلال العرب لبلاد الشام و أصدر الخليفة الأموي ( الوليد بن عبدالملك ) سنة ٧٠٥ ميلادية بتحويل كنيسة يوحنا المعمدان إلي الجامع الأموي و ما زالت رأس يوحنا تحت قبته حتي الأن. يوحنا المعمدان مكرم جدا في المسيحية بإعتباره ( صوت الحق ) و هو نبي الديانة ( الصابئية المندائية ) والإسلام يكرمه بإسم النبي ( يحي ) والبهائية و الدرزية يعتبرونه نبيا أيضا و يجلونه أيضا . الجدير بالذكر أن ثاني أقدم كنيسة تحمل إسم يوحنا المعمدان هي ( كنيسة و مزار رأس يوحنا المعمدان ) أو دير اللاتين في ( مادبا في الأردن تم تأسيسها عام ١٨٨٣م ( صورة مرفقة للكنيسة مع المقال ). كما عثر عالم الآثار البريطاني ( شيمون جيبسون ) علي كهف يوحنا المعمدان الذي يقع علي بعد ٤ كيلو من منطقة ( عين كاريم ) يوجد علي بعد ٤٢ متر تحت الأرض و وجد صورا منحوتة لرأس يوحنا ذات الشعر الأشعث ( أي مغبر الشعر ) مما يدل علي أنه ينتسب ليوحنا المعمدان و نسبت الرسوم لتلاميذ يوحنا المعمدان بعد ٥ سنوات بحث و تنقيب. في الختام : أتمني من قلبي أن نري يوحنا المعمدان الجديد أو علي الأقل من يسير في دربه وعلي نهج المناداة بالحق و الوقوف في وجه الفساد والاستبداد. بركة و صلوات يوحنا المعمدان تكون مع جميعنا أمين.