الأحد , ديسمبر 22 2024
الشيماء حسن

الفرسة الحرنانة .

اخبرنى صديق مرة انى كـ ” الفرسة الحرنانة ”
مصطلح لم اسمع به مسبقا فحق لى ان اتعجب واتساءل عن معناه وووجه التشبيه !
قال : الفرسة الحرنانة هى الجامحة المتمردة التى يصعب السيطرة عليها وكبحها
تعجبت كثيرا : لم افكر يوما انى بهذه الصعوبة كنت دائما اؤمن ببساطتى
تساءل ! كيف تكونين بسيطة وانتى متمردة على كل شئ على عادات المجتمع وتقاليده وافكاره واصوله .

ياهانم البساطة والتمرد لا يجتمعان
– متمردة ربما على المنطق الا منطقى للاشياء كما تقول غادة السمان
كيف لى ألا اتمرد على مجتمع يعاقبنى ويعاقب كل انثى على انوثتها
قال : كيف ذلك! لا اراه .. الجميع يهوى انوثة المرأة ويبحث عنها
– حقاً .. الجميع يهوى الانثى ويعمل على وأدها انها الشيزوفرنيا العربية ياسيدى
تولد المرأة فى بلادنا متهمة بجرم الانوثة ، انوثتها ذنب تعاقب عليه طيلة حياتها يعاقبها الاهل والمجتمع والدين والدولة والحياة حتى تدمن العقاب فتجلد نفسها به بعد حين
تولد انثى فيعاقبها اهلها بانتهاك انوثتها وتشويه اعضاءها ” ختانها ” بدعوى الحفاظ على عفتها مستقبلا وكأن العفة مرتبطة باقتلاع جزء من الجسد وليست خُلُق معنوى .
ثم يأتى عقاب الحياة لها باستنزافها فى دورة من التعب والقلق لا تنتهى لسنوات طوال وحين تنقطع تتحول الى يائسة بائسة وكأنها خُلقت للكبد
و ما ان تبرز علامات الانوثة على جسدها تتحول الى عورة يجب تغطيتها وفتنة ينبغى اتقاء شرها فانوثتها مغرية لرجال المجتمع الابرياء ويجب عدم خدش حياءهم بجسدها .
ثم يحين دور المجتمع فيؤاد انوثتها وتوهجها فى تابوه قمعى سخيف وضيق لا يتسع لاحلامها وطموحاتها وروحها فالفتاة “المؤدبة ” فى عين المجتمع خفيضة الصوت قليلة الضحك مكبوحة الانفعالات لا ترد على مضايقات ولا تنظر للمعاكسات ولا تفضح نفسها بالحديث عن تحرشات .

هى “عار ” ينبغى دائما الحيطة منه وبه
كما و انها ينبغى دائما ان تظل تحت الوصاية سواء كانت ابوية او اخوية او زوجية لانها فى عرف الجميع قاصر مهما نجحت فى تحمل المسئولية وكانت قادرة على الاستقرار عليها ان تخضع لحما رجل ما .
ثم يأتى عقاب الدين الذى يراها ناقصة لا تتساوى واسيادها من الرجال فهى لا تتعدى نصفه وان تعالت حقارته وعلت همتها ولا يجوز لها الخروج عن نصه او السفر دونه او العمل دون اذنه ولا يجوز لها تولى القضاء او حكم الامور فهى فى نظر الدين ناقصة عقلا ودينا وانى لامة ان تنجح تولى امرها امرأة
اما عقاب الدولة لها فحدث ولا حرج فمقتضى قانون الدولة هى لا تملك زمام امورها ولا تساوى الرجال فى اجرها عن نفس العمل وليس لها الحق فى المشاركة فى سن قوانين تحكمها او التحكم فى قرارات حياتها المصيرية كالزواج والطلاق والشهادة فى المحاكم والقوانين العقابية التى تسمح للرجل بتاديب زوجته وكانها ملكية خاصة وليست انسانة ثم الترفق فى الحكم على الرجل فيما يطلق عليه ” قضايا الشرف ” وان وصل جرمه حد القتل فالانثى لا دية لها خاصة ان اغضبت الرجال ولدينا قانون الاحوال الشخصية تمييزى بالدرجة الاولى وكانه وضع خصيصا لقتل الانوثة فى مهدها
ادمنت النساء فى مجتمعاتنا هذا العقاب الجماعى حتى اصبحت تتنفسه وتنظر لنفسها تلك النظرة الدونية فتعترف بافضلية الرجل عليها وتربى ابنائها بهذه الفكرة التمييزية وان حملت من جينات الرجولة الكثير وخلى اباهم منها #وعجبى
– فاى منا يثير التعجب ويدعو للتساءل المتمردة ام الخانعة التى اتخذت الدونية اسلوب حياة وقنعت بنقصانها وسلمت بسطوة المجتمع عليها !!
يا سيدي
أخاف أن أقول مالدي من أشياء
أخاف ـ لو فعلت ـ أن تحترق السماء
فشرقكم يا سيدي العزيز
يصادر الرسائل الزرقاء
يصادر الأحلام من خزائن النساء
يستعمل السكين
والساطور
كي يخاطب النساء
ويذبح الربيع والأشواق
والضفائر السوداء
و شرقكم يا سيدي العزيز
يصنع تاج الشرف الرفيع
من جماجم النساء
يقطع رأسي
لو رأى الشفاف من ثيابي
يقطع رأسي
لو انا عبرت عن عذابي
فشرقكم يا سيدي العزيز
يحاصر المرأة بالحراب
يبايع الرجال أنبياء
ويطمر النساء في التراب
……….
يا سيدي
قل ما تريده عني ، فلن أبالي! سطحية . غبية . مجنونة . بلهاء فلم اعد أبالي
لأن من تكتب عن همومها ..
في منطق الرجال امرأة حمقاء
* الشعر لنزار قبانى

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.