الأثرة أو الأنانية مرض عضال استشرى فى المجتمع وفى الأمة ، وذلك لأن كل انسان خص نفسه أو أتباعه بالمنافع من أموال ومصالح دنيوية يخصها لنفسه ولمن حوله ، ويستحقها آخرون ، أو هي من حق الآخرين ، هذه هي الأثرة .
ومن يرصد واقع المجتمع يرى نماذج متعددة على مستوى الأفراد والمؤسسات وقد استشرى فيها هذا المرض العضال ، ونتج عنه ما نراه واقعا من كما يصورة ” بسمارك ” فى مقولته ” الأنانية تولد الحسد ، و الحسد يولد البغضاء ، و البغضاء تولد الاختلاف ، و الاختلاف يولد الفرقة ، و الفرقة تولد الضعف ، و الضعف يولد الذل و الذل يولد زوال الدولة و زوال النعمة و هلاك الأمة .
ولهذا يقولون فى الحكم والأمثال ” تولد السعادة من حب الغير ، و يولد الشقاء من حب الذات “
والأنانية مرض مُدَمر لأصحابه؛ لأن الأناني لا يحب أن يشاركه أحد، بل يرتاح لشقاء غيره؛ ولذلك فلا يُمكن أن يكون الشخص الأنانيُّ محبوبًا أو مرغوبًا فيه؛ فالأنانية مصيدة الشيطان وأساس كل بلاء؛ لا يعترف صاحبها لأحد بفضل، ولا يقر لكائن بمعروف.
إنَّ الإنسان مجبول على حُبِّ ذاته وحرْصه على جلْب الخير لها، ودفْع الضر عنها، وهذا أمرٌ عادي، بشرْط ألا تنحرف صورة حب الذات عن المنهج الذي يقوِّم هذا الشعور عند الإنسان حتى يتخلَّص من المحورية الذاتية.
أئمة الأنانية في القرآن الكريم:
• قارون: ﴿ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ (القصص: 78).
• فرعون: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ (النازعات: 24).
• النمروذ: ﴿ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ﴾ (البقرة: 258).
• إبليس: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ﴾ ([الأعراف: 12).
ما الفرق بين الأنانية وحب الذات؟
• الأناني: منكمش وقاصر محكوم لشهواته ولذائذه.
• المحب لنفسه: يفيض عطاء، ويتحكم في نفسه وانفعالاته.
• الأناني: يتحسر عند فوات شيء من الدنيا.
• المحب لنفسه: يرى فضل الله عليه في كل نعمة، ويرى في كل محنة منحة.
• الأناني: تفكيره منحصر على نفسه.
• المحب لنفسه: يفكر في الآخرين، ويفعل ذلك في سبيل نيل الأجر الذي يعود على نفسه.
• الأناني: يزين له هواه ما يريد.
• المحب لنفسه: عقله تبع لهواه، ويزن الأمور بميزان الشرع.
قال عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، أي: وكذلك أيضاً يكره له ما يكره لنفسه، ويدخل تحت ذلك كون الإنسان يحب أن يعامل معاملة طيبة، فكذلك عليه أن يعامل غيره معاملة طيبة، فيعامل الناس بمثل ما يحب أن يعاملوه به.
من أضرار الأنانية:
ذهاب النعم وتدمير المجتمعات.
خسة النفس ودناءتها.
انتشار الشر والضرر.
كثرة العداوة والخصومة.
الأمور التي تسبب الأنانية كثيرة، منها :
• غياب التربية الصحيحة وبخاصة فى مرحلى الطفولة .
• تجنُّب النصائح باجتناب الكراهية.
• وراثة الأخلاق السيئة من الأبوين.
• الحرمان الشديد في الصغر.
• التدليل الشديد في الصِّغر أيضًا.
• العنف والعقاب في الصغر على أتفه الأسباب.
• تفضيل طفل على آخر.
• إصابة الإنسان بعاهة جسديَّة.
منَ الأُمُور التي تُعالج الأنانية:
• حسن التربية في الصغر.
• القدوة الحسنة.
• تعليمه أن يحب لغيره ما يحب لنفسه.
• التعاون والتقارب بين الناس.
• محبة الخير والنفع لجميع الخلق.
ومن الحكم والأمثال التى تناولت الأنانية :
الأنانية كريح الصحراء : إنها تجفف كل شيء
الأنا مكروهة .
من يقع في حب نفسه يأمن المنافقين
حب الذات هو كرة منفوخة بالهواء، تخرج منها العواصف إذا ما ثقبناها
حب الذات يخدعنا و يعمي أبصارنا
الأناني هو من لا يستخدم كل دقائق حياته في تأمين سعادة الأنانيين
يتصور الطحان أن القمح إنما ينمو لتشغيل حانوته
لا تعتب على من يكثر التحدث عن نفسه ، إنه غالبا ما لا يجيد التحدث في موضوع آخر
الأنانية سراب الضعفاء .
يسمى شريرا كل من لا يعمل إلا لمصلحته الذاتية .
وأخيرا ترى متى لانرى الأنانية شاعرا يرفع بفعل الفساد وسوء التربية ؟ متى نرى الانسان المناسب فى المكان المناسب ؟ متى نحيد المصالح الذاتية ونعلى من المصلحة العامة ؟ متى يغيب الحقد والبغض بين أبناء المجتمع ؟ يحدث كل ذلك عندما نطبق الحديث ” (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). والى أن يحدث ذلك نحتاج الى تربية حقيقية تمارس على أرض الواقع فى الأسرة وفى المجتمع بكافة مؤسساتة دون استثناء بعيداً عن الشعارات .
إلى اللقاء مع حكم وأمثال جديدة