الدكتور صلاح عبد السميع
فى مجتمع الأخلاق حيث يسود الايمان الحقيقى قولا وعملاً تنتشر الفضيلة ، ويسود الحب والعطاء بين أبناء المجتمع ، فنرى التكافل قيمة تمارس فى كل زمان ومكان ، ويصبح شعار المجتمع هو التراحم بين الجميع . وعندما تغيب العدالة الاجتماعية فى أى مجتمع ، تسود الطبقية ، ويظهر فصيل يملك ويتملكه الأنا ، ينفق على نفسه بغير حساب ، بينما يبخل على من حوله ، وينتج عن ذلك انتشار البغضاء والحسد بين أبناء المجتمع ، ومن المؤشرات التى تدل على ذلك انتشار الجريمة نتيجة غياب العدالة الاجتماعية ، ولعل الحديث عن الحسد والبخل كنماذج لمساوئ الأخلاق التى تسود فى المجتمع من الأهمية بمكان والتى تحتاج الى حلول من قبل المجتمع بكافة مؤسساتة ،على المستوى الاقتصادى والسياسي والاجتماعى والدعوى ، اضافة الى دور الاعلام الذى غاب وغيب عن معالجة قضايا المجتمع الحقيقية.
فماذا يعنى الحسد ؟
الحسد عند الناس تمنى الحاسد زوال النفع والخير من عند المحسود أى كراهية الحاسد نعمة الله على أخيه وحبه لزوالها عنه والحق هو أن الحسد كراهية للمحسود سببها هو فضل الله الذى أعطاه للمحسود أى كراهية لمن عنده النعمة وليست كراهية للنعمة.
ومن الأسباب التى تدفع الحاسد الى الحسد ، العداوة والبغضاء والحقد ، والكبر ، وحب الرئاسة ، وظهور النعمة على المحسود ، والكبر ، وشدة البغى والتطاول على العباد ، والمجاورة والمخالطة .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: “إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ، فَإِنَّ اَلْحَسَدَ يَأْكُلُ اَلْحَسَنَاتِ، كَمَا تَأْكُلُ اَلنَّارُ اَلْحَطَبَ” أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.
وقَالَ رَسُولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: “لا تَحَاسَدُوا وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ الله إِخْوَانًا، اَلْمُسْلِمُ أَخُو اَلْمُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ، وَلا يَخْذُلُهُ، وَلا يَحْقِرُهُ، اَلتَّقْوَى هَا هُنَا، وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مِرَارٍ، بِحَسْبِ اِمْرِئٍ مِنْ اَلشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ اَلْمُسْلِمَ، كُلُّ اَلْمُسْلِمِ عَلَى اَلْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ” أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
ومن الحكم والأمثال التى تناولت الحسد :
الحاسد يرى زوال نعمتك نعمة عليه
الحسد ثِقْلٌ لا يضعه حامله
الحسد داء لا يبرأ منه
الحسد والنفاق والكذب أثافي الذل
الحسود لا يَسُودُ.
أقل الناس سروراً الحسود.
حاسد النعمة لا يرضيه إلا زوالها
لا يرضى عنك الحسود حتى تموت
ومن مساوئ الأخلاق البخل :
والبخل أن يبخل الإنسان على غيره لكنه كريم على نفسه، أما الشح فيبخل الإنسان على نفسه وعلى غيره، والبخل معناه أيضًا مشقة الإعطاء ويتجاوز الحد بضن الشخص بالذى لا يضر بذله، ولا ينفع منعه لأنه لا يريد أن يعطى، وهذا البخل والشح يكون فى نفس البخيل لأنه أولًا قد بخل على نفسه، ومن بخل على نفسه لا يجود على الناس.
قال الله تعالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر:9).
قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ﴾ (النساء: 36، 37.).
وقال الله تعالى : {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [آل عمران:180]، حيث يجعل الله للبخيل مما بخل به طوقًا حول عنقه، فكلما منع البخيل نفسه من العطاء إزداد الطوق ثقلًا.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُول الله – صلى الله عليه وسلم -: “خَصْلَتَانِ لا يَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ: اَلْبُخْلُ، وَسُوءُ اَلْخُلُقِ” أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ، وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ
ومن الحكم والأمثال التى تحدثت عن البخل :
البخيل عظيم الرواق صغير الأخلاق
البخيل غناه فقر ومطبخه قفر.
أذل البخل أعناق الرجال.
ان الحديث عن مساوئ الأخلاق ومنها الحسد والبخل يستوجب المبادرة من قبل الجميع ، وبعيدا عن التنظير يجب أن تنطلق المبادرات من قبل الدولة والمجتمع على المستوى التربوى والتعليمى ، وكذلك على المستوى الاعلامى وبشكل ممنهج لعلاج مساوئ الأخلاق بشكل عملى ، ولا ننسى أن العدالة الاجتماعية تعتبر أحد منابر استعادة المجتمع لروح الحب والعطاء بين كافة أطيافه ، بل انها تساهم فى تحقيق الأمن المجتمعى والذى فى وجوده تنهض المجتمعات وتتقدم .
والى اللقاء مع حكم وأمثال أخرى .