جريمة بشعه شهدها دير أبو مقار أودت بحياة الأنبا أبيفانيوس أسقف ورئيس الدير، منذ وقوع الحادث وأمتلكني شعور بضرورة التريث والهدوء، وشعرت أن هناك شئ ما وراء الحادث.
فهي الجريمة الأولي في تاريخ الكنيسة التي يقتل فيها أسقف داخل الدير، لاحظت صدمة كبيرة داخل المجتمع القبطي، شعور بالقلق ليس لموت الأسقف ولكن خوفا من أن يتم الكشف عن القاتل ويكون قبطيا، أو خوفا من أن يقوم الأمن بتلبيس الجريمة لقبطي.
ووسط حالة من عدم الثقة بين جهات التحقيق في مصر والشعب المصري بصفة عامة والأقباط بصفة خاصة زادت حالة القلق لدي الأقباط.
لدي رأي في الجريمة التي أدت لإستشهاد الأنبا أبيفانيوس أرجوكم أن تقبلوه وأن لم تقبلوه أرجوكم تذكروا أنه رأيي ولي الحق في أن أقوله.
أولا: لدينا مشكلة كبيرة داخل المجتمع المصري وهي أننا نؤمن أن خطأ الفرد قد يشوه أو يقلل أو يؤثر علي سمعة المؤسسة ولدينا حساسية شديدة تجاه ثلاث مؤسسات. المؤسسة العسكرية ثم المؤسستين الدينيتين وهما الأزهر والكنيسة.
وهذه نظرية خاطئة ومن يتابع مقالاتي عن مذبحة ماسبيرو وعن محاولة تبرئة حمدي بدين من الجريمة وغيرة من القيادات التي كانت موجودة وقت المذبحة، سيتذكر وقتها أنني قلت أن خطأ فرد لا يمكن أن يؤثر علي مؤسسة بل الذي يؤثر علي المؤسسة هو التستر علي الجريمة، لأنه ببساطة يجعل الناس تفقد الثقة في جهات التحقيق ولا تصدق أي نتيجة تصل إليها حتي لو كانت ما وصلت إليه هو الحقيقة لأن الثقة غير موجودة.
تعالوا نقترب من مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية وهي الأكبر في العالم كله، وبعد عصور من التستر علي جرائم إرتكبها بعض قساوسة الكنيسة والذين هم رهبانا، وبعد أن شعرت الكنيسة بأنها بدأت تفقد ثقة شعبها في التحقيقات.
قامت الكنيسة بإنتهاج منهج جديد وهو نشر التحقيقات مع كل من يرتكب جريمة ثم الحكم علي مرتكب الجريمة وأن كانت جريمته كبيرة وتستحق تجريدة من رتبته الكهونتية يتم تجريدة منها للأبد.
ومن هنا عادت الثقة لشعب الكنيسة في قيادات مؤسسته مرة أخري.
بعد أن أيقنت الكنيسة الكاثوليكية أن خطأ شخص لا يمكن أن يشوه صورتها والأفضل هو المصارحة والمكاشفة وعقاب الشخص مرتين مرة داخل المؤسسة ومرة أخري بتسليمة للسلطات المدنية لتحاكمه وتطبق عليه القانون.
أن أفراد أي مؤسسة هم بشر والخطأ جزء من الطبيعة البشرية، لو كان خطأ الفرد يحسب علي المؤسسة فماذا نقول عن المسيح الذي إختار ١٢ تلميذا خرج منهم واحد خائنا!!! بنسبة ٨.٣٪ وهي نسبة كبيرة جدا. لماذا نسينا أن الله لا يحاسبنا علي خطيانا ولكن الله يحاسبنا علي عدم توبتنا عن الخطية وعدم الرجوع عنها.
أنا مثلكم ليس لدي ثقة في جهات التحقيق المصرية وربما يكون ما أعلن عنه رسميا ليس صحيحا وملفقا وربما يكون مرتكبي الجريمة أشخاص أخرون غير الذين أعلنت الجهات الرسمية عنهم وقد تكون جهات التحقيق صادقة هذه المرة، أنا لم أناقش في مقالي من القاتل ولا يهمني كثيرا من القاتل، أنا حزني علي رحيل أحد العلامات البارزة في كنيستنا وأحد رواد التنوير والذين كنت أبني عليهم أمالا كبيرة في إنفتاح كنيستنا علي الكنائس الأخري لأن هذا ما أحلم به.
ولكن دعوني أفترض أن القاتل راهبا وأن ما أعلنته جهات التحقيق كان صحيحا، فليس لدي أدني مشكلة في كون القاتل راهب او غير راهب ولم يهز ثقتي في كنيستي ورهبانها قيد أنملة، فكنيستي بها ألاف الرهبان حول العالم ولا يعيبها أن يخرج منهم يهوذا أو أثنين أو عشرة. الذي يهمني أن تكن كنيسيتي صادقة مع شعبها تصارحنا بالحقيقة ولا تتستر علي مجرم، تلقي بمن يكسر قانونها خارج الأسوار وتطهر المكان من وجوده، والأهم أن لا تزعزع الثقة بيني وبينها لأصدق كل الوقت كل ما تقوله لي الكنيسة.
أختم مقالتي بقصة حدثت عندما نقلت خبر أن البابا شنودة في طريقة لمصر بعد أن اعتبرت المستشفي حالته حالة ميئوس منها، كصحفي أجتهد وتعب وحصل علي المعلومة ونشرها بهدف آن يكون الشعب مستعد، فوجئت بكمية شتائم تأتيني ربما تكون أكبر من كل الشتائم التي تعرضت لها في كل حياتي!!!.
كنت أقدر الحالة النفسية للناس وكنت أرد البابا شنودة وكل الباباوات الذين سبقوه والذين سيلحقونه سيرحلون وستبقي الكنيسة. ونعم ستبقي كنيستنا قوية شامخة طاهرة نقية مؤسسة تنال إحترام العالم وثقته بغض النظر عن من هو قاتل سيدنا.
ولا شك أن الأنبا أبيقانيوس يشكر من قتله ومن دبروا الجريمة لأنهم كانوا سبب في أكليل الشهادة وهو يصلي لأجل توبتهم وليتنا نصلي جميعا من أجل توبتهم جميعا.
كل التحية والتقدير على هذا المقال العاقل والوقور والذى يضع الأنمور فى حجمها الطبيعى دون خجل أو خوف أو هروب . نعم وجود شخص أو عدة أشخاص منحرفون فى أى مؤسسة لا يؤثر على المؤسسة ولكن التستر عليهم يؤثر بشكل سلبى . تحياتى دائما . هل لى أعرف عنوان مراسلتكم وشكركم أى كيف أراسلكم ؟