الإثنين , ديسمبر 23 2024

ماجد سوس يكتب :

الأستاذة

منذ سنوات بعيدة – وكعادتي اليومية – كنت اقوم بتحريك مؤشر البحث على الشبكة العنكبوتية الانترنت لأعرف ما هو الجديد في عالم الفكر والأدب والسياسة فوقع نظري على مقالة في احدى الصحف العربية واسعة الانتشار مكتوبة بأسلوب لم أقرأ له مثيلاً منذ أمد ليس بقريب، منذ رحيل جهابذة الفكر العربي وأفذاذه.

مقالة ذات أسلوب إنشائي بديع كأسلوب عميد الأدب العربي طه حسين، كفصاحة أستاذنا العقاد وخطابة مي زيادة عروس الأدب النسائي. أو كأني أقرأ لأحلام مستغانمي الأديبة الجزائرية فيلسوفة اللغة العربية.

المقالة تجمع بين براعة استخدام اللغة وإتقانها مع قوة الموضوع وعمق تأثيره على القارئ ، كلماتها حركت مشاعري، وجدت نفسي معها مكبل بالأغلالِ غير قادرٍ على الحراك من أمام تعبيراتها البديعة وكلماتها التي أَسَرَتني وأوقعتني صريعها، فأعدت قراءتها مرات ومرات.

بدأت بالبحث بِنَهمٍ عن كل ما سطرته وتسطره يد الأستاذة صاحبة هذا الأسلوب البديع في الكتابة والذي جعلني اتيقن انني امام موهبة فذة جليّة كُشِف لها سر من أسرار الحياة في الإبداع وفي علم المعاني والبيان مع استخدام بلاغة اللغة وجمال المفردات والعبارات في سمفونية رائعة يتمخض عنها لحناً شجياً من معزوفةٍ لمايسترو محنك، تكتب نوتتها الموسيقية وتعزفها بالكلمات في قطعة موسيقية تدخل قلب القارئ وكأنه يستمع لقصيدة حب لسيدة الغناء وكأنها تعتلي عرش سيدة الكلمات .

الكاتبة العظيمة ينطبق عليها قول الأديب والمترجم الفرنسي ويليام مرسيه ان العبارة في يديها كآلة العود اذا نقرتَ على احد أوتارها رنَّت معها جميع الأوتار و خفقت فتتحرك أعماق النفس من وراء حدود المعنى المباشر لتُحرِك موكبا من العواطف والصور .

هذا قليلٌ من كثيرٍ تستحقه الأديبة والشاعرة والمترجمة المصرية والناشطة الحقوقية الأستاذة فاطمة ناعوت والتي سمح لي الله ان ألتقي بها وأتعرف عليها منذ بضعة سنوات وشرفتنا بزيارتها لنا في ولاية كاليفورنيا واستمتعنا بلقاءاتها وندواتها وحوارها الشيّقة التي تؤثر العقل والقلب معاً.

دفاعها المستميت عن المظلومين والمقهورين والمرأة والأقليات يحتاج لكتب ومقالات وهي تفعل هذا بحسها الوطني النقي الممتدة جذوره لعصور الحضارة والمجد الفرعوني التي تعتز وتفخر به مرورا بالحضارة القبطية والإسلامية وهي لا تلتفت لمن يتهمها من الطرفين بمجاملة الآخر أو بالإتجار بقضايا المستضعفين بل تستمر في الدفاع عنهم حتى وإن ألقي عليها حجر من جانب من تستميت في دفاعها عنهم فتلتمس العذر لهم وتبقى خط دفاعهم الذي لا يلين فتُظهِر بسالة وجسارة لامثيل لها لا تخشى الموت ولا تهابه بل تفضل ان تموت واقفة على ان تحيا منحنية .

تاريخها يشهد لها بأنها الثائرة التي صرخت يوماً في وجه حكومة ما قبل الثورة قائلة أنه على الحكومة أن ترحل لأنها أفسدت الحياة السياسية ، قبل أن تفترش التحرير و تشارك ثوارها أزهي ساعات النضال الوطني في التاريخ الحديث

امتد نضالها الى ما بعد ثورة 2011 المجيدة ، يوم ان رأت سارقي الثورة يخرجون من جحورهم متسلقين على أكتاف الثوار الشرفاء، حينما رخصت أمامهم دماء الشهداء وأرواحهم، داهسين بأقدامهم جثامينهم و دماءهم البارة دون إلتفات، ساعينَ نحو كرسي في البرلمان يغتصبوه بعوز الفقراء

ناعوت آثرتْ أن تكون شمعة تحترق كي تضيء و تكون نبراساً لكل من يبغي المسير في طريق الحق المليء بالأشواك تعلى كلمة الحق في زمن قل فيه الإخلاء و تنامت فيه روح الكذب والنفاق والمتاجرة بالأديان وبات الباطل و كأنه الحق والزيف و كأنه اليقين.

التقاء النقيضين هي المعضلة التي أصابتني بالحيرة و الدهش. كيف تجمع بين العاطفة الجياشة في اشعارها و كتاباتها وبين الواقعية والجدية في كتاباتها في الشأن السياسي. أشعارها تمَس الفؤاد و تغذي نفوس العطشى للحب و الجمال . في مقالاتها السياسية تجد قلمها كالسيف لا يعرف الالتواء او المهادنة في وجه الظلم . الشيء الذي يجمع بين هذين النقيضين – في نظري – بجانب حبها لما تفعل ، تلك البديهة السيالة لكل ما تسطره يداها بأسلوب و معان بديعة تنسال انسيالا وكأنها المطر الهطول مع إحساسٍ مرهف يخترق النفس و يصل للأعماق حتى يشعر القارئ وكأنها واحدة من ذوييه، تشعر بآلامه وهمومه

عزيزتي فاطمة ناعوت، وقفتُ مذهولا امام هذا الكم الهائل من الالقاب الجميلة، التي لم أستطع حصرها التي اطلقها عليكِ محبيكِ و قراءك فها هم يلقبونك برسول الحب وآخرون بصوت صارخ في الوطن وآخرون ينادونك بذات اللقب البديع التي لُقِبتْ به أميرة ويلزالراحلة ديانا وهو، اميرة القلوب، وهناك من يفضلون ان يضفوا عليك ذاك الاسم النبيل الذي لأحمد بك شوقي بمناداتك بأميرة الشعراء أو بأميرة الأدباء وغيرها من الكُنيات التي نُعتِّ بها يا ناعوت وأنت تستحقينها بالفعل، على أني ان اردت ان أزيد على القابك لقبا هو انك الأستاذة .

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

تعليق واحد

  1. كفاياك تطبيل اه وماتنساش انك قافل حساباتك وبتقدس صوم يا منافق!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.