أمينة سليمان .
تبدء المأساة منذ اليوم الذي استيقظنا به على خبر وفاة الرئيس حافظ الأسد اذكر عندها ان ابي ضرب يده على جبينه قائلا ان سوريا الى زوال .
واننا سوف نترحم على أيامك يا حافظ .لم افهم لما ابي منزعج هكذا بل بالعكس لقد رايت كما راى كثيرون اننا سوف ندخل مرحلة جديدة مع بشار الشاب الجامعي خريج لندن .المليء بالحماسة سوف ينقل سوريا الى مرحلة ثانية وأن أيام القمع قد ولت وايام انفراد حزب البعث بالسلطة والبلد قد انتهت .
بسذاجة الصبا كنت عندها نحلم بأن هذا الشبل لبس كذاك الأسد .لقد اقنعنا خطابه الاصلاحي وخططه لمحاربة الفساد والنهوض بسوريا نحو المستقبل وتمثيلية تنحية الاحمر عن الحزب وكشف تورط رئيس الوزراء في الفساد وقتها .
بأن هذا الشاب سوف يعيد سوريا الى الريادة مرة اخرى لكن ذلك لم يكن .لمن لا يعرف سوريا كانت تحت حكم مافياوي كثر عرابوها ابتداء من ماهر اليد الحديدية للنظام واصف شوكت زوج بشرة رئيس الاستخبارات المسئول عن قمع وتعذيب أي معارض او سياسي مناهض للحزب او لسيادة بيت الاسد .
ودعونا لا ننسى رامي مخلوف الحوت الذي سيطر على الاقتصاد السوري وجعله حكرا عليه وعلى القلة القليلة الموالية له .سوريا بلد زراعي الاول في انتاج القمح والقطن ومليء بالخيرات سواء نفط او غاز او كفاءات في جميع المجالات كانت سوريا سوف تعلن عن اكتفائها الذاتي قبل بدء الربيع العربي كانت نسبة البطالة فيها 8/ب100بحسب الدراسات العالمية وفيها اكبر ثلاث مدن صناعية وطريق تجاري لكن الربيع العربي ذلك التسونامي الذي دمر كل شيء اوماكان ايلا للسقوط اصلا .لم يكن في سوريا بنية تحتية ولا جاهزية للثورة .لم يوجد وعي كافي ولا بديل عن النظام الذي حرص على قمع والقضاء على اي معارض او حتى رائي اصلاحي لا بكون تحت رعايته .
لقد حول الاسد الاب سوريا الى مزرعة لبيت الاسد زرع الطائفية وجعل منها سلاحا يخرجه عند الحاجة .في سوريا لدينا تفرد غير كوننا بلد الاقليات والتنوع الطائفي .ففي سوريا سنة وعلوية واكراد وسريان ودروز وازيدين وشركس .هناك تداخل وانسجام في النسيج المجتمعي لم يكن شيء في الكون ليخربه الى نظام اراد اضعاف شعبه ليسهل له السيطرة عليه وجعله عاجزا عن التفكير خارج اطار القطيع .
لقد اوجد نظام البعث تشوها في بنية سوريا الواحدة خلق نوعا جديدا من التباينات بتمييز فئة معينة على باقي فئات الشعب وانكاره لحقوق الاقليات من مسيحيين واكراد وحرصه على تغيب دورهم سياسيا ومنعهم من تولي اي منصب في الدولة أو الجيش .خلق شرخا بين ابناء البلد وقام بتغذية النعرات الطائفية والتعصب الديني من خلال دعم الإخوان بالخفاء وادعاء العلمانية ومحاربتهم بالعلن .
أصبحت سوريا بيئة هشة وعند اول عاصفة تفتت لتتحول الثورة التي لطالما انتظرناها الى حرب آبادة مذهبية قاصرة لاترى خيارا الا القضاء على الكل .
كنا ساذجين كفاية لنصدق اننا نستطيع اسقاط نظام حرص على تشويه افكارنا واستحضار احقاد اشعلها بفتيل داعشي خلقه بمساعدة روسيا ايرانية (جبهة الممانعة) هذا ما اطلق عليه الاسد الابن لهذه القوى التي دمرت بلدي .
الا ان الأمر لم يكن اعتباطيا ابدا ومن الغباء ان نقول انا فتيل الثورة جاء عفويا .فبرغم صدق وشرف الثوار الاوائل الذين استشهدوا على الاكتاف وهم ينادون بالحرية والكرامة الا انهم كانوا بيادق على رقعة الوطن تحركهم ايادي الغرب يايعاذ من يسمون انفسهم المعارضة اوهؤلاء الجالسون في الفنادق الاوربية المنادين بإسقاط النظام .المسلقين على جماجم الشعب مصاصو الدماء السورية الذين تاجروا بنا وتركونا تحت الرصاص .
خانوا الثورة .خانوا الأرض .اغرقونا بعبق الكيماوي واهلكونا جوعا وحرمانا وحصارا .
طالبونا بالتحمل والثبات وباعونا في أول صفقة على جثة اخر شهيد للثورة .لمن لايعرف حربنا لم تنتهي وما داعش إلا وسيلة لخلق حروب جديدة وفوضى خلاقة للتمويه لما هو ات .
سوريا الى التقسيم دويلات صغيرة ذات طابع طائفي ايدلوجي معين تتشكل بدعم من جهات مختلفة لتكون مجرد حامية لمصالحهم في سوريا .
الدولة الكردية كانت اكبر خدعة عرفناها نحن الاكراد مخدر لاستخدامنا كحمات للبترول وحرس حدودي ضد داعش تحت رعاية امريكيا وتواطىء النظام وتنازلات روسيا وايرانية .
رغبة تركيا في حصتها من الكعكة السورية دفعتها لمهاجمة حدودنا بحجة الدفاع عن حدودها وأمان الشعب التركي محاولة الحصول على جزء من الغنيمة .
الا انها كانت محاولة بائسة فالكلعكة كانت قد قسمت مسبقا والكل يعرف نصيبه لكنها كانت فرصة للاكراد تخبرهم بأن لا يحلوا بحقوق إضافية او سلطة فعلية وتضعهم امام واقعهم بانهم مسيرون في لعبة التقسيم وما يحدث الان في الجبل ماهو الا المرحلة الثانية في تقسيم المنطقة الجنوبية .
فهاهي داعش تستفيق من سباتها لتضرب الدروز بحجة دينية واهية لاتنطلي على احد .
لقد حان وقت ولادة الدويلة الدرزية برعاية شيعية ايرانية .
سوريا تقطع .تستنزف امام اعيننا .ونحن مشغولون في تخوين بعضنا ومحاولة ادعاء الانتصارات الزائفة .بينما سوريا الى زوال .