أمل فرج
بدأت القضية عادية بسيطة لأول وهلة ولكن هناك شيئا خفيا استمر ضباط إدارة البحث الجنائي فى العمل 60 يوما، حتى كشفوا عن القضية التي بدأت بورد بلاغ بمقتل “سائق”، داخل منزله بمنطقة إبني بيتك، بمدينة 6 أكتوبر، وبعد المعاينة الأولية اتجهت الشكوك الأولى لأحد أفراد الأسرة وراء ارتكاب الواقعة فمن المستفيد هل الأم أم أبنائه أم الزوجة؟.
وكان محور الشك هو الزوجة، فكانت المشتبه فيه الأول بشكل كبير ولكن القضية لم تكن بتلك البساطة، فضباط المباحث أجروا تحريات لجمع الأدلة قرابة شهرين، حتى كشفوا عن تفاصيل الواقعة التي تمت إحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمة الجناة.
جاء فى التحريات التي أجراها ضباط البحث الجنائي، تحت إشراف اللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة للمباحث، واللواء محمد عبد التواب مدير المباحث الجنائية، أنه عقب فحص عدد من المشتبه فيهم ومناقشة أفراد الأسرة فى بداية البلاغ، وأيضا فحص محل إقامة الضحية فى منطقة فيصل، قبل أن ينتقل إلى منزله في “إبني بيتك”، وفحص عما إذا كان هناك خصومة ثأرية بين المجنى عليه وإحدى العائلات فى مسقط رأسه بإحدي قرى الفيوم.
جاءت نتائج التحريات أن هناك علاقة غير شرعية بين زوجة المجني عليه، وبين شاب كان يسكن بجوار شقتهم بمنطقة فيصل، والذي تردد عليها أكثر من مرة، وأثبت القوات ذلك من خلال عدد من المشاهدات التي أدلى بها عدد من الشهود وأكدوا أنهم شاهدوا زوجة المجني عليه وشاب فى العقد الثالث من عمره يتقابلان من بين تلك اللقاءات في منطقة الموسكي بالقاهرة.
دخول المنزل بطريقة مشروعة يؤكد أن أحد الأشخاص فتح باب المنزل للجاني الذى دخل وقتل الضحية ولم تصرخ الزوجة وكأنها على علم بالجريمة، تلك التحريات والأدلة تم مواجهة الزوجة بها والتي اعترفت بارتكاب الواقعة بالاشتراك مع عشيقها.
أربع رصاصات في الرأس:
جاء في تحقيقات النيابة إنه في منتصف شهر أكتوبر الماضي كانت هناك دماء داخل غرفة نوم فى منزل بمنطقة إبني بيتك أيضا كانت هناك صرخات وبكاء لأبناء الضحية وزوجته ووالدته داخل المنزل المكون من 3 طوابق يقيم فيه سائق وأسرته، وجاءت الاستغاثة من الزوجة، وقالت أن ملثم دخل الشقة قتل زوجه وهرب، ضربه بالنار وحالة من الصدمة والبكاء كانت أيضا لدى أم المجني عليه وأبنائه بعد مشاهدتهم الضحية غارقا في دمائه، أما الجيران ورواد المنطقة فتجمعوا حول منزل الضحية، وأحدهم أبلغ النجدة بوقوع الجريمة وامتد المشهد إلى قسم شرطة ثالث أكتوبر.
وبمجرد تلقي البلاغ تحركت قوة أمنية من المباحث ضمت العقيد عصام نبيل مفتش مباحث أكتوبر، والمقدم مروان مشرف رئيس المباحث، إلى مكان البلاغ وتبين أن الجريمة وقعت في منزل مكون من 3 طوابق، وفور دخول القوات المنزل عثرت على جثة المجني عليه “سائق” مقتول داخل غرفة النوم بـ 4 رصاصات في الرأس والصدر، والطلقات أحدثت فتحات دخول وخروج ما يؤكد أن الجاني أطلق الرصاص عليه من مكان قريب أقل من نصف متر.
المعاينة المبدئية التي أجراها فريق من وحدة مباحث قسم ثالث أكتوبر، كان علي رأسهم العقيد عصام نبيل والذي أخطر اللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة للمباحث بتفاصيل الجريمة وقال إن الضحية مقتول داخل غرفة النوم في حضور والدته وزوجته وأبنائه.
وعقب انتهاء الإخطار، انتقل اللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة للمباحث، بصحبة عدد من قيادات المباحث على رأسهم اللواء محمد عبد التواب مدير المباحث الجنائية إلى مسرح الجريمة، واستكمل فريق المباحث المعاينة التي أكدت سلامة نوافذ ومداخل الشقة، ووجود آثار دماء في غرفة النوم، وعدم بعثرة محتويات الشقة أو سرق.
وأثبت المعاينة أن والدة المجني عليه وزوجته وابنيه كانوا في الحمام، قبل الحادث بـ 15 دقيقة.
الثأر وراء قتل جوزي
انتهت المعانية، وأخطر اللواء عصام سعد مساعد أول وزير الداخلية لأمن الجيزة، المستشار مدحت مكي المحامي العام الأول لنيابات أكتوبر، وانتقل محقق النيابة إلى مكان الواقعة، وناظرت النيابة جثة المجني عليه، وقررت عرض الجثة على الطب الشرعي لتشريحها لبيان سبب الوفاة، وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة لتحديد هوية الجاني لضبطه وإحضاره، وبمجرد الانتهاء من مناظرة النيابة، عقد اللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة للمباحث اجتماعا مع ضباط إدارة البحث الجنائي بأكتوبر وأمامه الأوراق التي تحتوي على معاينة مسرح الجريمة.
واستعرض خلال الاجتماع تفاصيل المعاينة مرة أخرى على الضباط، ووضع خطة البحث التي جاءت كالتالي “مناقشة زوجة الضحية، ووالدته وأبنائه، فحص علاقات الضحية لبيان عما إذا كان هناك خلافات مع أحد أو خصومة ثأرية”.
وبدأت القوات في استجواب الأسرة وجاءت الرواية أن الضحية طلب من زوجته أن تأخذ والدته وأبنائه وتدخل الحمام للاختباء فيه هلأنه شعر بوجود لص داخل الشقة، وعند مواجهة الزوجة أن الجريمة لم تكن بدافع السرقة، قالت إن هناك خصومة ثأرية بين المجني عليه وعائلة أخرى في مسقط رأسه الفيوم، وأكدت أنها متزوجة منذ 11 عاما وأنها إبنة عم المجني عليه، وكانوا في منطقة فيصل بالهرم، ومنذ عام انتقلوا إلى منطقة “إبني بيتك وأضافت أن من المرجح أن تكون الجريمة بدافع “الثأر”.
لقاء عاطفي في الموسكي
سجلت القوات ما جاء على لسان الأسرة وزوجة المجني عليه، وانطلقت قوة من المباحث إلى محافظة الفيوم، وبدأت في فحص الخصومة الثأرية وتبين عدم صحة كلام زوجة المجني عليه وأن الجريمة لم تتم بدافع الثأر.
وباستكمال الفحص، تبين أن الجاني دخل الشقة بطريقة مشروعة، وهنا وجه اللواء إبراهيم الديب مدير الإدارة العامة للمباحث، بفحص علاقة الزوجة، التي أكدت أنها على علاقة غير شرعية مع “عامل” في محل ألبان، كان جارهم في منطقة فيصل، وأنه كان يتردد عليها كل فترة في غياب زوجها، وبتقنين الإجراءات وتكثيف التحريات، توصلت القوات إلى شاهد أكد رؤيته للزوجة والعشيق أمام محل عصير بمنطقة الموسكي منذ 3 أشهر، تم إعادة استجواب الزوجة ومواجهتها بتلك التحريات.
الزوجة تعترف بالقتل
وجاء فى محضر الشرطة، أن الزوجة اعترفت بتحريض العشيق على قتل زوجها، وقالت أثناء مناقشتها أمام اللواء محمد عبد التواب مدير المباحث الجنائية: “أنا اللي قلت لعشيقي يقتله.. كنت بحبه.. وكان بينا علاقة من 3 سنين” فكان يتردد عليها في شقة فيصل وأضافت: “لما جيت هنا كان بيجيلي مرة أو مرتين في الأسبوع، وفكرنا نقتله من فترة بالسم، بس أنا خفت أشيل لوحدي الجريمة، قلنا هو يضربه بالنار ونخلص، ويوم الواقعة، أخد مني مفتاح الشقة، وبعد منتصف الليل، دخل فتح باب الشقة، وأنا أخذت الأولاد ووالدة جوزي ودخلنا الحمام علشان محدش فيهم يشوف حاجة.. لحد ما دخل وقتله وهرب، بعدها بحوالي 10 دقائق بدأت أصرخ علشان الجيران تيجي علشان محدش يشك فيا، بس ده كل اللي حصل، أنا قتلته علشان بحب التاني كنت عايزة أتجوز الثاني”.
الزوجة والعشيق أمام الجنايات
وعقب الانتهاء من مناقشة المتهمة الأولى، انطلقت مأمورية من المباحث تحت قيادة العقيد عصام نبيل مفتش مباحث أكتوبر، والمقدم مروان مشرف رئيس مباحث أكتوبر أول، وتمكنت القوات من ضبط المتهم الثاني، واعترف بتفاصيل الواقعة، وأكد ما جاء على لسان المتهمة الأولى، وأرشد عن سلاح الجريمة، وتم إحالة المتهمين للمستشار مدحت مكي المحامي العام الأول لنيابات جنوب أكتوبر، وقررت النيابة حبس المتهمين عدة أشهر، حتى تسلمت النيابة تقرير الطب الشرعي النهائي الخاص بالمجني عليه، وتحريات المباحث النهائية، وأصدرت قرارا بإحالة المتهمين للمحاكمة الجنائية بتهمة القتل العمد أمام محكمة الجنايات.