الإثنين , ديسمبر 23 2024

“احترموا الآمهم ” : للكاتبة والأديبة ماجدة سيدهم

وجدت الذين يسببون لنا الضرر البليغ في حياتنا يمضون إلى حياتهم في حالة من الشعور بالانتصار .. تاركين في نفوسنا حرج غائر وطعنة لا تطيب خاصة أن لم نتمكن من اخد الحق بشكل أو بآخر وخاصة أن جاءت الطعنة من شخص محل ثقة (.اقرباء و أصدقاء )

يالها من مرارة عظيمة تؤرق مضاجعنا ..تسمم عيشتنا لحتى تصبح طعم اللقمة في الحلق علقم ..انجازاتنا بطيئة ومجهدة .. تصبح كافة سلوكياتنا غير متسقة ومشتتة لعدم الشعور بالرضا والاتزان فنشعر بالعجز واللوم أمام أنفسنا وأولادنا بفقدان حق لنا

الشخص دا مهما بلغ من مكانة وقدرة لكنه ما يجرح الا إذا كان هو نفسه مجروح ..مهان ..مهزوم ..فاشل رغم كل الامتيازات ..إحساسه بالنقص والجوع النفسي شديد لحتى سرقة وتحطيم أي مايمتلكه الغير ..

صحيح دي حالة مرضية لكن أيضا دا مش مبرر أبدا لالتماس الأعذار واحتمال مالا طاقة لنا به والتغاضي عما سببه لنا من منغصات لنا ولبيوتنا وربما مستقبلنا كله ..

مع مرور الوقت والتباعد المكاني بيكون الصفح بديل مهم .. ودا مش سهل ولا بالضغط على الزرار ..حتى لا نمكث بلا تقدم ..نجتر الذكريات الموجعة ..دا اختبار ونضج على مر الوقت ..فنذكر أنفسنا أنه لازال لدينا مايعتمد عليه في بناء حياة جديدة ناجحة ..

التسامح بيكون من أجل تجاوز المرارة اللي بالقلب . وهي مقدرة شخصية تختلف من شخص لآخر ..لكن كل العذر في عدم مقدرة أو رفض البعض على فعل ذلك (يكفيكوا شر الطعن من الأمام ) ورغم إن بيكون من المهم عتاب ومواجهة الجاني ..فحتى المسيح سبق وقال (انت باند ايدك عليا ليه )

لكن أليس من النبل انصراف المظلوم بلا انتقام متاح ملتزما الصمت ربما لخصوصية العلاقة ..!

وليس معنى الصفح معاودة العلاقة من جديد أوالتعامل مع هذا الشخص المسيء إطلاقا ..فأي جرح مهما طاب بيترك علامة .. .ولكن أن وضعتنا الأقدار أن لا أحد غيرنا يقوم بخدمته في عجزه فالأمر صعب جدا خاصة وإن لم يقدم الأخير أدنى أسف أو ندم .. ولا يستطيع أحد أن يحدد و يحكم على مدى قدرتنا في استيعاب الموقف غيرنا لأننا ببساطة نحن من تجرع تفاصيل الألم

غاية الأمر أن الشفاء من مرارة القلب ليس قدرة أو محاولة شخصية لكن هو بالفعل عمل إلهي لا يقوى عليه غير من نال تلك اللمسة ..

واتذكر هنا المبشرة جويس ماير التى لولا.. وأكررها لولا.. شفاء قلبها ما استطاعت ولا أقدمت لحظة واحدة على خدمة والدها المسن الذي سبق واستغلها لسنوات صباها

اقول هذا حتى لانلوم المجروحين والمتألمين بعدم قدرتهم على التعامل مع المسيئين إليهم ….فالصلاة من أجلهم شيء..(حتى الصلاة طاقة وقدرة شخصية ) والتعامل أو خدمتهم شيء آخر ..

فلا تحملوا الناس أحمالا لا تقدرون عليها ..احترموا وجعهم انصفوا تجربتهم القاسية..لطفوا من نزيفهم المستمر ..

أقول هذا حين ييعظ ويطالب ويصر بعض الخدام على ضرورة أن يتسامح المظلوم مع الجاني متغاضيا عن ألمه في حين أن المسيح نفسه واجه (انت بتمد ايدك عليا ليه ..)

بل لا يكفون عن المطالبة بالتحلي بالمثالية والعمل بالآيات بلا أدنى إحساس وهم أبعد مايكونوا عن مواجع النفس .

كثيرا لا نحتاج إلى الكلام الفائق والمنمق بقدر الحاجة إلى الإحساس وإحترام جروحنا ..

الكلام والوعظ سهل أما التجربة فمختلفة تماما .. تجارب البشر القاسية تستحق الرحمة ..فهي قيمة غنية في مسيرة الحياة ..

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.