كتب مدحت عويضة
تلقيت في الثاني من يوليو خبر مؤلم جدا وهو رحيل المناضل المحترم/ وجيه يعقوب، عن عمر يناهز ال ٥٦ عاما حيث صعدت روحه الطاهرة أثناء نومه بعد سكتة قلبيه ليرحل في هدوء.
وجيه مناضل قبطي محترم تعرض للسجن والإعتقال في عصر مبارك، ثم الضرب والسحل في عهد المجلس العسكري، وكثيرا ما أعتدي عليه الإخوان في عهد مرسي.
ظل ممسكا بمبادئه وقيمة يدافع عنها مهما كانت التكلفة، يسجن ثم يتم الإفراج عنه ونظن أن وجيه سيتوقف فإذا به أكثر قوة وأكثر نشاطا في الدفاع عن الحق، يتم الإعتداء عليه وسحله في الشارع يذهب للعلاج وبمجرد خروجه من المستشفي يكمل نضاله.
تعرفت علي وجيه في بداية الألفية الجديدة عندما كان البالتوك هو البرنامج الوحيد الذي يجمعنا علي شبكة الإنترنت، كان جريئا وكنت أعتقد أنه يعيش خارج مصر، ولكن بعد أن أرادت منظمة مسيحي الشرق الأوسط أن تنقل نشاطها لمصر تأكدت أن وجيه يعيش في مصر.
حيث تم القبض عليه هو أعضاء المنظمة وتم اعتقالهم لمدة ثلاث أشهر
علي ما اتذكر قبل أن يتم الإفراج عنه هو ورفاقة في سنه ٢٠٠٧.
حكي لي بعدها وجيه أنه تم إستدعاءه في مكتب محامي قبطي كبير جدا بمصر، لديه منظمه حقوقيه
كبيره، وفي مكتب منظمته حضر أحد رجال أمن الدوله وفي وساطة الشخصية القبطية
عرض عليه ضابط أمن الدولة
أن يعمل في المجال الحقوقي كما يعمل صاحب المنظمة وكما يعمل كل العاملين في هذا المجال.
وهو أن يعمل تحت إشراف جهاز أمن الدولة وبإرشاداتهم ويتكلم عندما يسمح له بالكلام
ويصمت عندما لا يتلقي أمرا بالسماح له، فرفض وجيه اقتراحات الضابط وقال أنه سيعمل بما يمليه
عليه ضميره هو وليس الأمن وترك المكتب ولكن تم القبض عليه بعدها بعدة أيام.
وجيه يعقوب لمن لا يعرف هو الذي علي كتفيه تم بناء برنامج ما وراء الأحداث الذي يقدم علي قناة الكرمة.
عندما كانت مقدمة البرنامج تبحث عن معد له فكر وعلاقات سياسية رشحت لها وجيه يعقوب
وظل يعمل لفترة كبيرة، حتي إنتقل للعمل معنا في الأهرام الكندي.
كان شاهد عيان في مذبحة شباب ماسبيرو وكان يقول عن مينا دانيال إبني، حمل أجساد شهداء ماسبيرو
وكان دائما في حديثه معي يحسدهم علي الشهادة ويتمني لو كان قد أستشهد معهم، كل مرة
كنا نطلب منه بصفته موجود في مصر جمع معلومات عن قضية معينه او مساندة قضية ما، أو الذهاب
والسفر لحالة مضطهدة كان دائما يلبي الطلب ويسافر علي نفقته ويتعرض لمخاطر
ومضايقات لم آتذكر يوما أنه قال ”مش فاضي“ أو ”مشغول“.
في نضالة ودفاعة عن القضية القبطية كان متدينا جدا، ففسحته الوحيدة هي زيارة الأديرة
والكنائس الأثرية
تمتع بعلاقات جميلة مع كل نشطاء الحركة القبطية في الداخل الأوفياء منهم فقط، تمتع بروح جميلة
وخفة دم كنا نحسده عليها جعلته واحد من أحب الناس علي قلوبنا، تمتع بعلاقة توأمة مع نادر فوزي
وبعد أن ترك نادر فوزي العمل السياسي ظل وجيه مخلصا له، كان حزينا علي ترك نادر للساحة
ولكنه كان يحترم قراره،
وكنت عندما أختلف معه في قضية أهدده أني هعمل زي نادر فيتراجع محاولا إرضائي.
لم يتزوج وعاش حياته يرعي والدته المريضة، والتي توفت منذ حوالي عامين
ويبدو أن رحيلها سبب له آلام كثيرة وآفقده الرغبه في البقاء بعدها.
أعطي حياته للقضية القبطية ولم يؤخذ منها شيئا علي الإطلاق، رحل وجيه يعقوب
عن عالمنا ولم يترك لنا ولدا أو بنتا حتي نراه فيه أو نضمه يوما في أحضاننا
وكأننا نضم وجيه، لم أراه ولم ألتقي به في حياتي ولكني أحببته وكم تعلمت منه الكثير والكثير
رحل وجيه في هدوء وسلام عن عالمنا ونحن نؤمن أنه في مكان أفضل ولكن سيظل يعيش
في قلوبنا حتي نلتقيه سنحكي لأولادنا عن وجيه وما قدمه للأقباط ولمصر
وسيظل نموذجا للمناضل المحترم، بكي الرجال كالأطفال
عندما كنا نتناقل علي التليفون خبر وفاته بيننا وكل منا شعر أنه فقد شقيقا لم تلده أمه
ولكن كسبنا شفيعا لنا أمام عرش النعمة سيصلي لنا كما كان يضئ لنا الشموع في الأديرة
سيطلب وبلجاجة من سيده أن يعيننا كما أعانه فإلي اللقاء صديقي وأخي وجية يعقوب.