الأحد , ديسمبر 22 2024
مدحت عويضة

مدحت عويضة يكتب: عندما نحتفل بشباب مسلم يطفئ نار كنيسة فحسرة عليكي يا بلدي

صور وفيديو ملأت الفيس بوك لشباب من نجع حمادي بيطفوا حريقة في كنيسة، الصورة والفيديو بتقول شباب مسلم يطفئ نار الكنيسة. حاسس أن اللي كاتب الكلام دة ما عداش علي مصر وما يعرفش بلدنا وما يعرف طبعنا، ولدت في قرية الصُفًيحة غرب طهطاسوهاج.

لو ولعت نار في بيت عمرنا ما سألنا ده بيت مين، البلد كلها كانت تجري ناحية النار علشان تطفي ولا كان فيه مطافي ولا يحزنون جهود ذاتية.

فاكر في نهايه السبعينات المرحوم عزت بطرس عويضة لما السادات أعطي معاش السادات للأرامل أنه كان بياخد الأرامل إللي في البلد وينزل بيهم المدينه يصورهم وياخدهم للطبيب يسننهم ويستخرج لهم شهادات ميلاد وبطاقات وبعد كده يقدم لهم علي المعاش.

عمي عزت كان بيعمل الشغل ده مجانا ليهم لا مش مجاني ده كان يدفع كل التكاليف لأن الناس دي ما كانش معاها فلوس كانت أرامل فقيرة جدا. أفتكر منهم أتنين واحدة أسمهاخالتي غنيةكانت مسلمة وواحدة مسيحية إللي فاكرة أن أسمهاآم خلف شكر للهبعد ما توفي عمي عزت جم عزوا فيه وبعد كده عاشوا طول عمرهم حارمين نفسهم حتي من زيارتنا حزنا علي وفاته كنوع من أنواع الحزن الشديد التي كانت وربما مازالت في الصعيد.

آرجع للإبتدائي وأفتكر آستاذ أحمد عبد العليم وإدور متري ومنير متي وملاك صدقي والأستاذ مكي والأستاذ عيد والأستاذ أحمد إدريس ويمكن غيرهم وسامحوني لو نسيت ورحمة الله علي من رحل منهم وسلامي لمن أمد الله في عمره.

كانوا رجالة نهضوا بجيل نقلوا البلد  نقلة رهيبة بأنهم خرجوا أجيال متعلمة بعد ما كان التعليم يقف عند الأبتدائية عدا كام واحد يعدي.

وهنا لازم أدي حق إدور متري وأحمد عبد العليم في مساعدة سنة سادسة. كان إدور ييجي المدرسة ٦ صباحا ويستلم سنة سادسة شرح رياضة وعلوم لغاية الساعة ٨موعد المدرسة وأحمد عبد العليم يستلمهم من ٣٥ بعد المدرسة، أنا كنت تاني دفعة يحصل معاها كده الأولي كانت قبل مني بسنة وفاكرها كويس كان فيها رأفت نصحي وجوزيف فؤاد وعويضة سامي وعماد عطالله وعبد العزيز عبد الغني ومحمد آبو القاسم وعبدة أبو ضيف وناس تانية كتيرة. وكانت أول دفعة الكل يطلع للأعدادية وبعدها معظمهم دخل ثانوية عامة والجامعة وأحنا كنا تاني دفعة وكلنا كملنا ودخلنا جامعات وأفتكر الأستاذ آحمد عبد العليم كان يقولنا علي الدفعة اللي قبلنا الجيل الذهبي ويكمل كله هيبقي جيل ذهبي. وفعلا دفعتنا عملت نتائج احسن منهم وإللي بعدنا كانوا آفضل من الكل. عمرنا ما حسينا أن حد من أساتذتنا بيعاملنا علي أننا مسلمين ولا مسيحيين.

في الأعدادية كان أتخرج أستاذ الأجيال صلاح آبو المجد مدرس الرياضيات . كان يجمع أولاد البلد كل يوم جمعة في مندرة والدة  ويدينا درس لغاية ما زميلنا نصيف نصحي يقولهأستاذ أنا مخي إتملي يا أستاذالأستاذ صلاح كان يدينا الدروس مجانا مسيحين ومسلمين والحقيقة عدد المسيحيين كان أكثر لأن كثير من الطلبة المسلمين كانوا في المعاهد الدينية، فاكر أنه كان بيراقب في سوهاج ويوم آمتحانات الشهادة الإعدادية، ترك المراقبة وجمعنا وراجع لنا المادة وبعدها رجع المشوار تاني بالليل علشان يلحق مراقبة الامتحانات، فعلها في الهندسة والجبر ومجانا وللجميع بارك الله في عمرك آستاذ صلاح.

لما كبرنا شوية في ثانوي نزل علي بلدنا شاب خريج كلية تجارة كان عايش تقريبا في إسكندرية أسمة مرتضي أبو المجد أبو راية، كان شاب بشوش وجميل ويحب الكل غير من اسلوب تعاملنا مع الكبار وشال التكليف بيننا نزل لمستوانا شوية وفكها شوية ولكنه كان محافظ جدا علي أن كل واحد فينا يلزم الأدب وعملها بطريقة جميلة. كنا لما نعمل مشاكل في الثانوي نروح للأستاذ مرتضي يحلها لينا وما يقولش لأهالينا خالص ويكتفي أنه يدينا هو دش بارد جدا، كنا نحبة وننادية الأستاذ مرتضي. بالرغم من أنه اتولد في البلد ولكن تربي وكبر وهو بعيد إلي أنه كانت له شبكة علاقات رهيبة أي حد مننا عايز حاجة يروح للأستاذ مرتضي، انا شخصيا حضرت سنة ١٩٩٤ من الأسكندرية للتجنيد وكانت بطاقتي الورقية متهالكة ولازم تتجدد أبويا قالي روح للأستاذ مرتضي، ورحت له قالي تعالي بكرة وربنا يسهل ترك عمله تزل معايا المدينة دفع لي المواصلات وفطرني وروحنا السجل المدني وفي طريقنا للسجل المدني لقيته معروف لكل طهطا المدينة ونحن نناديه الأستاذ لكن أهل طهطا ينادونه العمدة. دخلت السجل المدني لقيت الموظفين بينادوه العمدة وآخد العمدة مني البطاقة القديمة والأستمارات ودخل وخلص كل شئ وقالي تستني هنا تبصم علي البطاقة وتاخدها وتروح، عايزني معاك في التجنيد بكرة قولت لا يا أستاذ مرتضي. انتظرت أمام السجل المدني وبعدها بثلاث أربع ساعات لقيته جاي ودخل السجل ونادي عليه تعالي أبصم بصمت وقالي يللا نروح. حاولت أدفع المواصلات رفض ولما وصلنا قالي سلم لي علي أبوك. رحمة الله عليك أستاذ مرتضي أبو المجد يا عظيم.

آتكلم بقي عن سرحان عبد الغني أبن بلدنا الطبيب وأستاذ أمراض الصدر وعميد أول كلية طب في سوهاج . كان ييجي كل يوم جمعة يكشف علي كل المرضي مجانا ويتابع الحالات المرضية المزمنة مجانا. وكان لما يدخل له حد من البلد فورا يطلب من الشخص الذي يعمل معه أنه يرجع له ثمن الكشف، ولما أتكلم عن أي حد من البلد يعني عن المسلم والمسيحي وأنا شخصيا لي مواقف كثيرة مع الدكتور سرحان وتعالجت عنده فترة وكان يرفض رفضا باتا تقاضي أي أجر، رحمة الله عليك د. سرحان عبد الغني فخر قريتنا.

لما تخرجت وذهبت للإسماعيلية وكان عمي طلعت عطالله عويضة ورأفت عطالله عويضة أسسوا شركة للمقاولات وبدأت تنموا ويكون ليها أسم ومكان، كان مكتب الشركة عبارة عن مندرة في قلب الصعيد وليس الإسماعيلية، كان البرج به أكثر من ١٠ شقق مفروشة وجاهزة ليس لأهل قريتنا فقط بل لكل منطقة غرب طهطا من يأتي يجد مكان للمبيت جاهز، كان شباب البلدة يحضرون في الصيف للعمل ثم الذهاب لمدارسهم في الشتاء، ومنهم من تعلم حرفة وبقي في الإسماعيلية، كان كل شباب غرب طهطا المجندين في الإسماعيلية يحضرون بشكل غير منتظم، فمنهم من يريد قضاء عدة ساعات أو ليلة، أو عندما تقابلهم مشكلة في التجنيد، من ينزل الإسماعيلية أو أي من مدن القناة لازم يعدي ويزرو ، من لدية أي مشكلة أو آي مصلحة يحضر لتحل مشكلته في المكتب، وللأن مازال الوضع كما هو فمكتب الشركة مندرة في الإسماعيلية لكل أهالي المنطقة مسلمين ومسيحيين، وكل أهالي غرب طهطا إللي عايشين في الإسماعيلية المكتب بالنسبة لهم وللأن دوار العمدة التي تحل فيه كل مشاكلهم.

كتبت هذا المقال لأني وأن كنت قد هاجرت للغرب ولكني  عديت علي مصر وعشت فيها وشربت عاداتها وتقاليدها الريفية الصعيدية العظيمة والجميلة، وللأن وبالرغم من أنني تركت القرية وعمري ١٨ سنة إلي أني مازلت أفتخر أنني ابن الريف بقيمه ومبادئه وأحيانا يقابلك حد ويعتقد أنه هينزل منك ويقولك أنت صعيدي يا أستاذ مدحت؟؟

يكون ردي أنا من قري الصعيد وآفتخر فيتحول من يعتقدونه أنه نقطة ضعف لنقط قوه وبعين مفتوحة وقوية.

وبعد كل ذلك يأتي لنا الأعلام بكل تفاهته ويحضر لنا الست اللي طلعت بطاقة لجارتها المسيحية  والشباب المسلم إللي طفي حريقة لكنيسة، لماذا تنزلون بمستوانا؟؟ نحن لسنا بهذه التفاهة نحن أجمل وأعظم من ذلك بكثير. حرام عليكم بلدكم وطيبة وكرم أهلها حرام عليكم إللي بتعملوه فينا، ياريت تعدوا علي مصر وتشوفوا قراها وريفها ياريت تعدوا عليها علشان لما تكتبوا ووتكلموا عنها تعطوها حقها.

وإللي قابلني في كندا وطلب خدمة وأستغرب أني رفضت أخد منه أجر الخدمة ياريت يعرف السبب أني تربيت علي ايدين الجمال الذين زينوا المقال وفيه ناس يمكن أجمل منهم كمان ولم اذكرهم فعذرا لمن سقط سهوا وقبل كل هؤلاء نشأت أبنا لآنسان مصري بسيط علمنا المبادئ والقيم وعلي قدر حنانه كان حازما جدا كم أتمني أبي أن آقدم لبناتي ما قدمته لي ليرتاح ضميري وأشعر أنني أديت دوري.    

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.