جريدة الأهرام الجديد الكندية 
مقالات مشابهة
المسئولية قيمة كبرى نحتاج الى تأصيلها وتربيتها فى نفوس أبناء المجتمع ،وكما يقال فى الأمثال “لا حرية بلا مسؤولية ” ولهذا عند الحديث عن الحرية يأتى الحديث عن المسئولية ، ومن هنا فإن المسئولية تعتبر أساس النهوض الحضارى للأمم والمجتمعات ، وعلى المجتمع أن يتحمل مسئوليته فى تعميق وتربية تلك القيمة التى بدا واضحا انهاغابت وغيبت فى ظل متغيرات كثيرة منها غياب التربية ، وغلبة لغة المصالح وتغليب الأنا على حساب المجموع العام ، وعدم شعور الأفراد بمعنى وقيمة المسئولية ،وانعكاس ذلك على الممارسات الحياتية للأفراد والمؤسسات ، فغابت المسئولية الدينية ، وغابت المسئولية الأخلاقية ، وبالتالى غابت المسئولية الاجتماعية ، كل ما سبق انعكس سلبا على النهوض الحضارى للمجتمع وللأمة بشكل عام .
يقول عليه الصلاة والسلام “إن الله سائل كل راع عما استرعاه, حفظ أم ضيع؟ حتى يُسأل الرجل عن أهل بيته”[أخرجه النسائي في الصحيح, وابن حبان في صحيحه].
ومن النماذج التاريخية التى تعبر عن صدق الحاكم المؤمن ما حدث مع خليفة المسلمين سينا عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه ، عندما دخلت السيدة فاطمة عليه وجدته يبكي في مصلاه, قالت: ما يبكيك؟ قال: دعيني وشأني, قالت: ما يبكيك؟ قال: دعيني وشأني, فلما ألحت عليه, قال: نظرت في رعيتي؛ فوجدت الفقير الجائع, وابن السبيل, والشيخ الفاني, والأرملة, والطفل الصغير, فعلمت أن الله سيحاسبني عنهم جميعاً, وأن خصمي دونهم رسول الله, فلهذا أبكي.
فحينما قال عمر: والله لو تعثرت بغلة في العراق, لحاسبني الله عنها.
كان واقعياً في هذه المسؤولية.
((إن الله سائل كل راع عما استرعاه))
ما تعريف المسئولية ؟
جاء تعريفها في المعجم الوسيط بأنها: “حالة أو صفة من يسأل عن أمرٍ تقع عليه تبعته”. يقال: أنا بريء من مسؤولية هذا العمل أي من تبعته.
ما يكون به الإنسان مسؤولاً ومطالباً عن أمور أو أفعال أتاها“ .
أن يتحمل الإنسان نتائج الأفعال المحرمة التي يأتيها مختاراً وهو مدرك لمعانيها ونتائجها
هي شعور الإنسان بالتزامه أخلاقياً بنتائج أعماله الإدارية فيحاسب عليها إن خيراً وإن شراً .
“الاستعداد الفطري الذي جبل الله تعالى عليه الإنسان ليصلح للقيام برعاية ما كلفه به من أمور تتعلق بدينه ودنياه، فإن وفى ما عليه من الرعاية حصل له الثواب، وإن فرط فيها حصل له العقاب
تطلق (أخلاقياً) على: الالتزام الشخص بما يصدر عنه قولا أو عملا.
وتطلق (قانونياً) على: الالتزام بإصلاح الخطأ الواقع على الغير طبقاً لقانون .
تحمل الشخص نتيجة التزاماته وقراراته واختياراته العلمية من الناحية الإيجابية والسلبية أمام الله في الدرجة الأولى، وأمام ضميره في الدرجة الثانية، وأمام المجتمع في الدرجة الثالثة.
المسؤولية هي كون الفرد مكلفاً بأن يقوم ببعض الأشياء وبأن يقدم عنها حساباً إلى غيره.
بأنها أهلية الشخص أن يكون مطالباً شرعاً بامتثال المأمورات، واجتناب المنهيات، ومحاسباً عليها.
وقيل : المسئولية حالة ٌ يكون فيها الإنسان صالحاً للمؤاخذة على أعماله وملزماً بتبعاتها المختلفة .
وقد قَرر القرآن هذه المسئولية في آيات كثيرة ؛ منها قوله تعالى: ) أفَحسِبتم أنما خلَقْناكُم عبثًا وأَنكُم إِلينا َلا ترجعونَ (
وقوله جل وعلا : )أيحسب اْلإِنسانُ َأن يترك سدى (
وقوله سبحانه : { هذَا كِتابنا ينطِق علَيكُم بِالْحق إِنا كُنا نستنسِخ ما كُنتم تعملُونَ ( .
أنواع المسئولية
وللمسئولية أنواع متعددة أهمها :
المسئولية الدينية : وهي التزام المرء بأوامر الله ونواهيه ، وقبوله في حال المخالفة لعقوبتها ومصدرها الدين .
المسؤولية الاجتماعية: وهي التزام المرء بقوانين المجتمع ونظمه وتقاليده.
المسئو لية الأخلاقية: وهي حالة تمنح المرء القدرة على تحمل تبعات أعماله وآثارها، ومصدرها الضمير؛ وكل مسؤوليةٍ قبلناها ، وارتضينا الالتزام بها فهي مسئولية أخلاقية .
فوائد المسئولية
تشعِر بوجوب أداء الأمانة أمام الله وأمام الناس .
الإخلاص في العمل والثبات عليه .
كسب ثقة الناس واعتزازهم بالشخص المسئول .
يشعر الشخص المسئول بالسعادة تغمره كلما قام بتنفيذ عمل نافع.
تجعل بنيان الدولة قوياً غير قابل للتصدع عند التعرض للمحن والحروب.
المسئولية تجعل للإنسان قيمة في مجتمعه.
ومن الحكم والأمثال التى تناولت المسئولية :
- مع كل حق مسؤولية
- على المؤذن أن يؤذن
- لا حرية بلا مسؤولية
- من فتح أبواباً يغلقها
- من بدأ المأساة ينهيها
- من أشعل النار يطفئها
- ما على الرسول إلا البلاغ
- الشعور بالذنب شعور بالمسؤولية
- من هانت عليه نفسه فهو أهون على غيره
- عامل من أنت مسؤول عنه كما تحب أن يعاملك من هو مسؤول عنك
- القائد الناجح هو الذي يتحمل المسؤولية عند الفشل
وبعد يجب أن يستشعر الجميع المسئولية كل حسب موقعه ، وليعلم الجميع دون استثناء أنه مسئول ا امام المولى سبحانه وتعالى ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (سورة الحجر الآية:92) ، ﴿عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ (سورة الحجر الآية:93) ، ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾ سورة إبراهيم الآية:42.
فياليتنا نعلم معنى ودلالة المسئولية ونعمل من أجل أن تكون ممارسات تترجمعها الأفعال والأقول وتنعكس ايجابا على حالة مجتمع يحتاج اليها كحاجته الى الماء والهواء .
والى اللقاء مع الحكم والأمثال فى رمضان .
