قرر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الانسحاب الكامل من الاتفاق النووى وإعادة كل العقوبات الأمريكية على إيران، فضلا عن توقيع حزم جديدة من العقوبات يتوقع أن تشمل نحو 400 شركة تابعة للحرس الثورى وشخصيات أخرى، فلماذا قرر ترامب هذا القرار؟ وما الذى يمكن أن نقرأه من خطابه؟
اتسق ترامب مع خطه السياسى وأعلن مجددا موقفه الثابت تجاه إيران وقال إنها “تهدد الاستقرار فى الشرق الأوسط وتدعم حماس وطالبان والقاعدة وتمول الإرهاب والفوضى وتعذب الأمريكان وتسجنهم”، وفى هذه العبارة الاستهلالية أراد ترامب التأسيس لقراره حول الانسحاب من الاتفاق.
وحاول ترامب استعراض مسيرة الاتفاق، وهى النقطة التى تحدث فيها قبل ذلك أكثر من مرة لكن الجديد هذه المرة هو أنه قال إن الاتفاقية تخدم طرفا واحدا وهو إيران ويمكن التوصل إلى تلك الصيغة من خلال العبارة التالية: “السلاح النووى كان يهدد بقاء النظام الإيرانى فقط، لكن إيران الآن بعد الاتفاق أصبحت على شفير الامتلاك النووى والآن لا حدود لسلوكياتها الخبيثة فى سوريا واليمن وأماكن أخرى فى العالم أجمع”.
وواصل ترامب كلماته اللاذعة نحو انتقاد الاتفاقية نفسها، تلك التى تضمنت توجيه اللوم لإدارة سلفه الرئيس الأمريكى باراك أوباما، وفى هذا الصدد قال: “الاتفاقية كارثية لأنها منحت النظام مليارات الدولارات والبعض من هذه المليارات كان عبارة عن أموال سائلة”، ما يعنى أنه أراد تحميل “خطأ” توقيع الاتفاقية للإدارة التى سبقته مع علم أنه لم يكن جزءا من السلطة فى منتصف العام 2015.
“النظام الإيرانى مجرم” هذه هى العبارة التى اختارها الرئيس ترامب لتوصيف حالة النظام الإيرانى الحالى وعلى هذا الأساس قال: “إنه إحراج كبير لى كمواطن أمريكى أن أقبل بهذه الاتفاقية”، ما يشير إلى أنه لا علاقات ستجرى بين واشنطن فى طهران طالما هذا النظام موجودا.
وقال ترامب بالحرف الواحد: “الوعد الإيرانى كان كذبا، لأن إسرائيل نشرت وثائق تؤكد أن إيران سعت للحصول على السلاح النووي، وأن الاتفاق النووى لم يحقق الاستقرار فى الشرق الأوسط، لأن ميزانية إيران العسكرية نمت بنحو 40% بينما الاقتصاد يعانى من مشكلات كبيرة”.
وهو ما يعنى أن ترامب لا يستهدف بالمرة إقامة علاقة مع إيران وأن غضبه من موقف طهران الرافض لتعديل الاتفاق بلغ ذروته واتضح ذلك من خلال قوله: “حتى لو التزمت إيران بالكامل بالاتفاقية فقد كانت ضعيفة وأحكامها غير مقبولة”.
ومن خلال مقولته: “لو سمحت بالبقاء فى الاتفاقية سيكون ذلك مبررا لسباق تسلح وستطلب كل الدول فى الشرق الأوسط الحصول على سلاح نووى مثيل لإيران للتوازن العسكرى”، يمكن القول إن الضغوط العربية كانت أحد محركات القرار بالانسحاب من الاتفاق.
وعاد ترامب وانتقد بحد الاتفاقية ذاتها من خلال قوله: “أحكام التفتيش كانت ضعيفة جدا لاكتشاف الغش الإيرانى وعلى رأس ذلك المواقع المهمة بما فى ذلك المواقع العسكرية” وهنا تحدث ترامب عن دعوته السابقة لسماح إيران للمفتشين الدوليين بتفتيش موقع بارتشين العسكرى، قبل أن يتهم المتحدث باسم الخارجية المفتشين الدوليين بالتخابر لصالح وكالة الاستخبارات الأمريكية.
وختم ترامب خطابه التاريخى بأن أمريكا ملتزمة بالانسحاب من الاتفاق وإعادة فرض العقوبات إضافة إلى بفرض أعلى مستويات من العقوبات الاقتصادية وأمريكا تقف إلى جانب الشعب الإيرانى وأن العقوبات قد تشمل دولا أخرى متعاونة مع إيران، وهنا ترك المجال مفتوحا للإشارة إلى الصين والهند وروسيا وبعض الشركات الأوروبية.