الإثنين , ديسمبر 23 2024

فاروق عطية يكتب : أنا والعفريت وهواك

فى ليلة رأس أو رقص السنة اجتمعنا شلة عواجيز الشقاوة والفرفشة والهنا، محاولين العودة لزمن ولىّ وفات وفي ديله سبع لفات، لنرتشف آخر قطرة من رحيق العام المنصرم وننول أول قطفة من نسائم عام جديد مولود من عدم.

جايز نحوز أكسير الحياة وربك قادر على إحياء العظام وهى بلاء. المهم أننا قضينا ليلتنا بين انغام الموسيقى ودلع الهوانم وتبادل قبلات الراح حتى لاحت أول خيوط أنوار الصباح وامتنعت شهرزاد عن الكلام المباح، فقررنا الاكتفاء ولمنازلنا الانكفاء.

وفى طريقى كانت النشوة تملأ كيانى، وتمنياتى للعام الجديد أن يكون رحيما بعباد الله الغلبانين زي حالاتي. ويعم السلام والطمأنيتة كل أبناء البشر المساكين ويعيشوا فرحانين ومزقططين. وعند وصولى مدخل البناية اصطدمت قدمى بشئ معدنى يلمع تحت أول ضوء للفجر زي المراية، تفحصته مليا شيئ يشبه الزهرية بين القُلّة والكباية. صغير الحجم ولكنه لافت للنظر فانحنيت والتقطته من الأرض بحذر، ودلفت إلى البناية ومنه إلى شقتى الصغيرة للغاية. رحت أتفحص هذا الشيئ للتعرف عليه، واحضرت قطعة من القماش المبلل لتنظيفه حتى استطيع قراءة النقوش المكتوبة عليه. وبمجرد حك سطحه للتنظيف اهتز بعنف ولا زلزال أتنا المخيف، فألقيته من يدى على الأرض فارتجت أركان الغرفة بالطول والعرض.

وإذ بمارد من الجان يصيح فى وجهى وقال لى شبيك لبيك عبدك وعفريتك بين ايديك وقدميك. بعد امتصاص الخضة واستيعاب الموقف والرضة، عمتنى الفرحة وقلت خلاص وداعا لدنيا العوز والحاجة واحصد يا واد من نعيم الدنيا ما تشاء بلا خوف أو لجاجة. وقلت يا عفريتى المخلِص بالطلبات هاهريك واوعى تقصر معايا وإلا عقابك هيكون للجحيم أوديك. قال لى هــأأوأو يا غلبان دأنا عفريت مارد ابن جان، قادر مايهمنيش أبعد مكان ولا تقف فى وجهى تصاريف أو ألاعيب الزمان.

أطلب ولا يهمك وأنا عندى الخضوع والطاعة بالدليل والبرهان في الساعة. سألته طلباتى بالجملة تقدر توفيها ؟ ضحك وقال هات ما عندك وانا بعون الله ألبيها. قلت له عاوز قمح يزُرع فى مصر المحروسة يكفى ويوفى بلا عوزة. ومسؤولين يبطلوا كذب فشر، وحكومة مصر متعصرنيش عصر. ومرتب يكفى لآخر الشهر ويزيد والصحة تبقى حديد. عاوز رغيف عيش مستوى وجيد ورخيص وبدون طوابير وخالي من الحشرات والمسامير. وإنفاق حكومى بدون تبذير، وانتخابات من غير تزوير ولا تدوير. ورئيس سابق اشوفه كتير وبلاش توريث ولا تمرير. وعاوز فى بيتى شيكارة دقيق حجم كبير لزوم الخبز وعمل الكعك والفطير.

وسبب مقنع لأى حريق بدون ماس كهربائى حقير. وقطارات وعبًارات بدون حوادث، وآكل بقلاوة وجاتوه ولوكومادس. ومجلس شعب بدون كدابين زفة وتهليل وتصفيق، وميديا محايدة بلا نفاق وزعيق، وفى كأس العالم يكون لينا فريق.

وعاوز مرة ازور شرم الشيخ أو الغردقة من غير ليه ويكون لى فى الساحل الشمالى شاليه. وآكل صابعين كباب أو كفتة في سيخ واشرب مرّة عصير مانجو أو بطيخ. واخرج من القسم بدون طاخ طيخ أو تلطيخ. ونفسى اشوف الناس مبسوطة زى زمان والضحكة ترجع تانى من الودان للودان. ونفسي في حتة لحمة كندوز أو جملى او ضانى، وجنيه مصرى ترجّع قوته الشرائية عفية وقوية من تانى. ورصيف محترم أمشى عليه أنا ووالدي بدل المخاطرة بين السيارات والكارو والتكتك الهندي.

ومواطنة مصرية بحق وحقيق وبلاش خطف بنات وفى كل كنيسة حريق. والناس تتمسّك بالأخلاق وتؤمن أن الوطن للجميع والدين للخلاق، وقانون موحد لدور العبادة واحترام الأديان بلا نقص أو زيادة. ولما تحصل فتنة طائقية زى اللى حصلت فى دشنا وفرشوط والشرابية، أو فى الكشح والمنيا واسكندرية، الأمن يكون صاحى وواعى يطفيها ميولعهاش، والقانون ياخد مجراه والعدل يكون بصحيح عدل ولا بلاش. ونبطل الصلح المفروض وحلول المساطب الهباب وتهجير الأهل والأحباب. ونطلب النجاة من كل ظرف طارئ والحماية من قانون الطوارئ، والمادة التانية من الدستور تتلغى وتنمحى وتغور. ونفسي أعرف ليه الجماعة إياها دايما فى الصورة مع إنها ملغاة ومحظورة وأصابعها فى كل فتنة أو إرهاب واضحة جلية ومنظورة. ونفسي يمر العيد، أي عيد بدون قتيل وشهيد.

رد العفريب عليا بغشم بعد أن اكفهر وجهه حتى كاد أن ينعدم، وقال يامصرى ماكنش العشم. بص يا ابنى انا ممكن انقل لك الهرم من الجيزة للقمر، وسي إن تاور من تورنتو لسوريا أو قطر، واسد لك طبقة الاوزون اللى انفسأ منها وانخرم، وارجعلك الاكل اللى داب فى بطنك واتهضم، واخللى البقرة تمأمأ زى الغنم، والفيل يعمل عجين الفلاحة وابنى لك قصر من العدم. واقولك معنى ترللى ووحوى وشُرُم بُرُم، وارجع للبنات المُلعب غشاء البكارة من غير صينى ودى الشطارة. بس طلباتك يا ابنى طلبات ملحوس عقله خلاص انهرى وانبرى وأكله السوس. ده تخطيط يا ابنى محبوك ومدروس علشان المصرى يعيش على طول محتاج وغلبان وموكوس، والنصرانى يفلًس ويهاجر أو ع الجزمة يبوس.

واحنا أولاد عفركوش بناخد منكو عظة ودروس ازاى نخلى الجن موكوس ومتعوس، وياريت ترجعنى تانى للفانوس. وزى بعضه أعيش مهموم ومحبوس أحسن ما اخرج واتبهدل زى حلاتك، ويقولوا علينا اتلم عفريت موكوس بن متعوس على أنسي فلحوس بن مفروس.
وفى الصباح صحيت من نومى مكروش ومرووش، وأول شيئ عملته دورت ع الفانوس فص ملح وداب، ماعرفش كل اللى جرى لى كان حلم ولا كابوس، وكل عام وانتم بخير.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.