الأحد , ديسمبر 22 2024

المقصود بمبدأ شخصية قانون العقوبات

بقلم :مجدى نسيم

يقصد بمبدأ الشخصية الإيجابية سريان قانون العقوبات الوطني على الجرائم التي يرتكبها شخص وطني

في خارج البلاد أي عندما تقع الجريمة بأكملها في خارج إقليم الدولة.

-السند القانوني لمبدأ الشخصية الإيجابية : يستند مبدأ الشخصية الإيجابية إلى نص المادة (3)

عقوبات التي تنص على أن ” كل مصري ارتكب وهو في خارج القطر فعلا يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه

إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقبا عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكبه فيه ” . -العلة من مبدأ الشخصية الإيجابية :

يؤدي مبدأ الشخصية الإيجابية وظيفة هامة كبديل لعدم تسليم الوطني إلى دولة أجنبية لكي تقوم بمحاكمته عن الجريمة

التي ارتكبها في إقليم تلك الدولة الأجنبية قبل أن يعود إلى وطنه فرارا من المسئولية .

فتنص كثير من الدساتير على عدم جواز إبعاد الوطني عن إقليم الدولة ، ويُفسر الإبعاد عادة بما يتضمن التسليم،

فلا يجوز إذن تسليم الوطني إلى دولة أجنبية وفقا لكثير من الدساتير في دول مختلفة. يُضاف إلى ذلك أن الحكم الجنائي يقتصر أثره التنفيذي داخل البلاد فقط ،

ولا يسري في إقليم دول أخرى إلاّ بناء على اتفاقيات خاصة يصعب التصديق عليها، وإن كانت بعض الدول الأوربية بدأت في الاعتداد بتلك الآثار.

– شروط مبدأ الشخصية الإيجابية :

يلزم توافر الشروط التالية حتى يمكن إعمال مبدأ الشخصية الإيجابية :

1 – صفة في المتهم أن يكون وطنيا أو من في حكمه

2 – ارتكاب الجريمة كلها في خارج الدولة

3 – أن يكون الفعل معاقبا عليه طبقا للقانون الأجنبي والقانون الوطني

4 – ألا يُحاكم الوطني ويستوفي عقوبته في البلد الأجنبي

أولا – صفة المتهم :

ليس هناك محل لتطبيق مبدأ الشخصية الإيجابية إذا لم يكن المتهم وطنيا .

والعبرة في توافر صفة المواطنة هي بلحظة ارتكاب الجريمة .

فإذا كان المتهم أجنبيا وقت ارتكابها ولكنه اكتسب الجنسية الوطنية في وقت لاحق ، فإنه لا يجوز تقديمه إلى المحاكمة في مصر ، لأن قانون العقوبات لا يسري عليه .

والمقصود بالمتهم هنا الفاعل أو الشريك في الجريمة، ما دام أن الجريمة يسري عليها قانون العقوبات.

فإذا كان الفاعل أجنبيا ولكن الشريك معه وطنيا، فإن قانون العقوبات لا يكون واجب التطبيق أصلا ، وبالتالي لا يختص القضاء الوطني بمحاكمة الشريك،

مثله في ذلك مثل الفاعل الأصلي، لأن الفعل الأصلي لا يشكل جريمة وفقا لقانون العقوبات المصري، ما دام أنه لا يسري عليه أصلا .

يُضاف إلى ذلك أن الاشتراك في الجريمة لا يعدو أن يكون مساهمة تبعية في الجريمة تتبع المساهمة الأصلية.

ولا يختلف الوضع إذا كان الشريك مصريا قد اتفق مع مواطن إنجليزي مثلا على أن يمده بجواز سفر مزور من إنجلترا فوقعت جريمة التزوير بناء على هذا الاتفاق في إنجلترا .

ولما كان فعل الاشتراك يشكل مساهمة تبعية في الجريمة فإن جزءاً من الجريمة لا يقع في مصر .

على العكس من ذلك فإن الاشتراك يتبع في تحديد مكان وقوعه الجريمة الأصلية وهي هنا جريمة التزوير التي وقعت في إنجلترا ، حتى ولو استلم الشريك المصري جواز سفره المزور باكتسابه الجنسية الإنجليزية ( على غير الحقيقة ).

ولما كان هذا الشريك لم يستعمل الجواز المزور واكتفى بالاحتفاظ به حتى تمّ ضبطه وهو في حوزته ، فإنه لا يُنسب إليه وقوع جريمة استعمال المحرر المزور.

هذه الجريمة تقع من المتهم في مصر إذا كان قد استعمل هذا الجواز للخروج أو للدخول في البلاد أو لإنهاء أية معاملات به .

عندئذ يسري على المتهم مبدأ الإقليمية ، وليس مبدأ الشخصية الإيجابية . ولا مشكلة في اختصاص القضاء الوطني بمحاكمته عندئذ عن جريمة استعمال المحرر المزور .

أما الشريك في جريمة التزوير فإنه يخضع لاختصاص القضاء الوطني وفقا لمبدأ الشخصية الإيجابية

على الرغم من عدم خضوع الفاعل الأصلي لتلك الجريمة لاختصاص هذا القضاء لعدم سريان قانون العقوبات عليه.

الشرط الثاني : ارتكاب الجريمة في خارج الدولة

لا حاجة لإعمال مبدأ الشخصية إذا وقعت الجريمة كلها أو في جزء منها على إقليم الدولة ، عندئذ ينطبق مبدأ الإقليمية باعتباره يشكل الأصل في تطبيق قانون العقوبات ،

ذلك أنه وفقا لهذا المبدأ لا يشترط توافر شروط عديدة يلزم توافرها عند الحاجة إلى إعمال مبدأ الشخصية الإيجابية .

ويستوي أن يكون المجني عليه في الجريمة وطنيا أو أجنبيا . فقد يقوم وطني بسرقة زميل له وطني أيضا وذلك في إنجلترا ، وقد يقوم بسرقة مواطن إنجليزي .

وعلى مثال السرقة تسري أحكام غيرها من الجرائم التي قد يرتكبها المواطن ويفر بعدها إلى البلاد بمنأى عن القضاء الإنجليزي .

الشرط الثالث : تجريم الفعل في البلد الذي وقع فيه

– لا يسري قانون العقوبات – عند إعمال مبدأ الشخصية الإيجابية –

على ما يرتكبه الوطني خارج البلاد إلاّ إذا كان هذا الفعل معاقبا عليه وفقا لقانون البلد الذي وقع فيه .

فلا يكفي إذن أن يكون هذا الفعل معاقبا عليه وفقا للقانون في مصر ، إذا كان غير مؤثم وفقا للقانون الأجنبي .

فإذا كان القانون الإنجليزي يسمح بالإجهاض ، فإن قيام امرأة مصرية بالسفر إلى إنجلترا وإجراء عملية إجهاض لا يجعلها محلا للمساءلة عند عودتها .

فالقانون في مصر لا يسري على ذلك الفعل ، كما لا يختص القضاء المصري بمحاكمة تلك المرأة على الرغم من أن ما قامت به من فعل يعاقب عليه قانون العقوبات المصري .

وإذا كان قانون البلد الذي وقع فيه هذا الفعل يعاقب عليه ، فإن الشرط الثالث يتوافر . ولا يلزم عندئذ أن يعتبره القانون الأجنبي جناية أو جنحة ؛ فيكفي أن يكون معاقبا عليه بوصف المخالفة .

الشرط الرابع : عودة المتهم إلى البلاد

إذا توافرت الشروط السابقة وعاد المتهم إلى البلاد فإن القانون المصري يسري ، كما يختص القضاء المصري بمحاكمة المتهم عن الجريمة التي ارتكبها في الخارج .

ولم تحدد المادة (3) من قانون العقوبات طريقة عودة المتهم إلى البلاد؛ فيستوي أن تكون تلك العودة طواعية واختيارا وقد تحدث جبرا بمقتضى قواعد تسليم المجرمين .

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.