الإثنين , ديسمبر 23 2024
أحمد خالد توفيق

وداعـاً أيها العـراب .

د.إيهـاب أبورحمه

في فاجعهٍ حقيقيه و صادمه سمعت مصر كلها نبأ وفاة العراب ، هذا العظيم الذي تربت أجيال كامله علي كتاباته الممتعه الراقيه التي غذت عقولنا بنصائح و قيم قلما قرأنا مثلها علي يد كُتاب جيله .

نعم رحل فارس الروايه ورجل المبادئ بعد صراعٍ مع الموت دام لفترةٍ ليست بالقصيره صاحبها مراتٍ عديده توقف فيها قلبه و أدت إلي تركيب جهاز منظم لضربات القلب و لكنه كان دائماً يقول أنه مات مع المره الأولي التي توقف فيها قلبه وقال أيضاً عن ذلك:

“لقد عدت للحياة يجب أن أتذكر هذا ربما كانت لعودتي دلالة مهمة لا أعرف ربما كان هناك عمل مهم جدا سوف أنجزه لكن ما هو أخشى أن أكون قد عدت لأتلف ما قمت به في حياتي الأولى”..
مات طبيب روائي عظيم ، رجل في زمنٍ عز فيه الرجال ، في زمن الأفاعي المتلونه لكنه أبداً لم يغير جلده ولا مبادئه مهما حدث من ظروف محيطه به ، ظل طوال حياته القصيره الغنيه بالقيم بنفس الطباع و الصفات العظيمه .
لم تغيره الأحداث التي مرت علي مصرنا الحبيبه فظل كحمامة سلامٍ حره طليقه عاشق لوطنه محبٌ لأهلها ، فلم ينافق أحداً ليحظي ببعض الإهتمام كما فعل الكثير من أبناء جيله ، رحل كما جاء كارهاً للظلم محباً للعدل والإنسانيه.
رحل الغريب من أثري حياة جيلي بكتاباته الراقيه و أخلاقه الساميه ، رحل الطبيب الطيب ، الكاتب الإنسان والذي لم أري حزناً اتفق عليه الجميع بعد شيخنا الجليل محمد متولي الشعراوي إلا حزناً علي فراق العراب .

رحل العراب الذي كثيراً ما كتب عن قيمة الحياه و خوفه من الموت ، حتي أنه مات في اليوم الذي يسبق موعد الدفن الذي ذكره من قبل في احدي رواياته (قهوه باليورانيوم )حين قال موعد الدفن الأحد الموافق ٣أبريل فها قد تحققت نبوءته و رحل إلى الأبد في الموعد الذي تنبأ به بالصدفة .

رحل “العرّاب” متنبئا بموته، بعد معاناة طويلة مع أمراض القلب، حتى اشتد عليه مؤخرا المرض، في أيامه الأخيرة، لم يكن قادراً على إعطائك موعداً ، فهو لم يكن متأكداً من قدرته على الوفاء بالموعد لأن قلبه قد يخذله في أي لحظة، حتى دخل المستشفى لإجراء جراحة في قلبه .

أطلق عليه محبوه لقب “العرّاب” وهو ما رفضه مراراً قائلاً إن “الهالة التي يضفيها قراؤه عليه تزعجه عندما يشعر أنه يُتوقع منه ما هو أكبر من إمكاناته”.
رحل العظيم الذي كتب كثيراً عن قيمة الوجود و الحياه متناولاً في كتاباته اتساع الفجوات الاجتماعية والطبقيه بين أفراد المجتمع .
رحل يوم ذكري ميلادي فلم أشعر حتي بتهنئة المحبين و الأصدقاء من فرط حزني علي فقدان رجلٍ أثر في وجدان جيلي كلي وليس في وجداني وحسب ، رحل كاتب قلما جاد به الزمان ولعل جيلي من المحظوظين أن تواجدنا في حقبته.
وسأذكر لكم بعضٍ مما قال:
– “أعرف هذا الشعور القاسي وأرثى له كثيرًا.. أن تصحو من النوم منتظرًا في لهفة قدوم الليل لينتهي يوم آخر”.
-“معنى الصداقة ھو أنني -تلقائیًا- أراك جديرًا بأن أئتمنك على جزء من كرامتي”.
-“ما أهون الموت حين يكون خبراً في مجلة أو سطرا في حكم محكمة”.
-“في حياة كل إنسان لحظة لا تعود الحياة فيها كما كانت قبلها”.

-“غريب أمر الإنسان حقا.. إن عيوبنا ككشافات سيارة نركبها.. لا نراها نحن أبدًا بينما هي تعمى عيون الآخرين الذين يقابلوننا.. وبالمثل نحن نرى كشافاتهم أو عيوبهم بوضوح تام قد يدفعنا إلى مطالبتهم بتخفيضها قليلا”.
-“إن كل إنسان مهما صغر شأنه يحوي طاقة روحية إنسانية يمكنك أن تحبها متى دنوت منها.. صحيح أن هناك أناسًا ميئوسًا منهم لا يمكن أن تحبهم مهما فعلت.. هؤلاء هم أغبياء الروح.. أصحاب الأرواح المغلقة”.
-“لا أخاف الموت، أخاف أن أموت قبل أن أحيا”.

-“ليتنا أنا، وأنت جئنا إلى العالم قبل اختراع التليفزيون والسينما، لنعرف هل هذا حب فعلا أم أننا نتقمص ما نراه؟”.
-“هل فهمت الآن الحكمة من كون عمر الإنسان لا يتجاوز الثمانين على الأغلب؟ لو عاش الإنسان مائتي عام لجنّ من فرط الحنين إلى أشياء لم يعد لها مكان”.
-“وداعا أيها الغريب كانت إقامتك قصيرة، لكنها كانت رائعة عسى أن تجد جنتك التي فتشت عنها كثيرا”.
-“فقط في سن العشرين أدركت الحقيقة القاسية، وهي أن عليّ أن أحيا بلا أحلام”.
-“أنا أخشى الموت كثيرا ولست من هؤلاء المدّعين الذين يرددون في فخر طفولي نحن لا نهاب الموت، كيف لا أهاب الموت وأنا غير مستعد لمواجهة خالقي”.
-“الذين يهددون بالرحيل.. يريدون فقط أن يُطلب منهم البقاء، أن يشعروا أن وجودهم مرغوب به! الذين يريدون الرحيل حقا.. يرحلون دون تهديد!”.
-“أنا دائماً بخير، أعرف كيف أتجاوز كل شيء وحدي، أعرف كيف أنام وفي قلبي ما يكفي من الألم”.
-“في النهاية أنت تتجه إلى النهر المظلم.. النهر الذي عبره كثيرون من قبلك ولم يعودوا.. سوف تعبر إلى الجانب الآخر وسوف ينساك الجميع”.
-“ستكون مشاهد جنازتي جميلة ومؤثرة لكني لن أراها للأسف برغم إنني سأحضرها بالتأكيد”.
فكم أتمني و أنا أحاول السير علي نهجك كطبيب أكتب بعض المقالات أن أحظي يوم مماتي ببعضٍ من هذا الحب الذي حظيت في حياتك القصيرة الغنيه وحتي بعد وفاتكً.
أحزننا كثيراً فقدانك ولكن عزائنا أنك حيٌ في قلوبنا بكتاباتك و قيمك التي لن تموت أبداً.
رحم الله فارس الروايه و رجل في زمن المسخ.
“فللأســـــــد هيبةٌ في موتهِ ، ليست للكلــــبِ في حياته ..”
#دأحمد_خالد_توفيق

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.