الأحد , ديسمبر 22 2024
مدحت موريس
مدحت موريس

أنا…و حظى

 

خسارة يوم جديد، هذا هو العنوان الأمثل لنشاطي اليوم وهو نفس العنوان التي تستحقه الأيام السابقة, ويبدو أنه سيستمر ايضاً لفترة قادمة. لا أعلم ماذا حدث كان كل شئ يسير بصورة عادية.

في الصباح أقوم بفتح متجري علي مصراعيه ليكون جاهزا في أقل من نصف الساعة لاستقبال زبائني الذين اعتادوا هذا المتجر العتيق ويحبونه كما لو كان دارهم. فمابالهم وقد حادت خطواتهم بعيداً ، وان دخلوا الى المتجر فاذا بهم يتسكعون وينظرون يميناً ويساراً دون ان تمتد ايديهم على اى من البضائع المرصوصة بعناية فوق ارفف نظيفة حتى ايقنت ان الكصير بل والكثير جداً من زبائنى السابقين

قد اتول ليقتلوا الوقت ليس أكثر.حاولت أن ابحث عن السبب… هل تغيرت الأذواق؟ أم أن متجري صار عتيقا وبضاعته كاسدة؟ أتري أسلوبي في البيع وكذلك اسلوب الموظفين أسلوب قديم لا يليق بالعصر الحديث؟؟…

تساؤلات وتساؤلات وما من إجابة. ذهبت إلي داري مغموما.. أرتميت علي فراشي بكامل ملابسي وذهبت في غفوة قصيرة لكنها حوت الكثير, كنت ما بين النوم واليقظة ورأيت وجها بشوشا ذو لحية بيضاء كالثلج وصوت يرن صداه في أذني”لا عليك يا بني ولا يغمرك القلق إن كان حظك نائما لبعض الوقت علي الرغم من كونه قريبا جدا منك” أفقت من غفوتي وبدأت أتذكر الحلم القصير علي مدار اليوم, ثم أدركت أن سبب تعاستي في الفترة الأخيرة هو حظي النائم. لم يكن أمامي سوي البحث عن هذا الحظ الكسول لكي أوقظه وأدعوه للعمل من أجل إنقاذي مما أعانيه, ثم من أين أبدأ رحلة بحثي وقد قال العجوز أن حظي قريبا جدا مني. اليوم كله أبحث عن حظي النائم لكنني اصطدمت بحقيقة أخري تعيقني فما هو شكل حظي أهو جماد أم كائنا حيا أم تراه تميمة؟؟ وبينما أنا أفكر سمعت غطيطا يأتي من تحت فراشي نزلت مسرعا لأري فإذا بشاب يغط في نوم عميق وجهه يميل إلي السمار لم يحلق لحيته منذ شهر ً علي اقل تقدير, لكمته بيدي فى غيظ قائلا انهض كفاك نوما واخرج من تحت فراشي فتح عينيه ثم ابتسم ابتسامة بلهاء وبدأ رحلة الخروج من تحت الفراش فى تكاسل وما أن وقف أمامي حتى صببت جام غضبي عليه صارخا في عصبية أنت تنعم بالنوم تاركا عملك وأنا أخسر كل يوم بسبب كسلك نظر نحوي في برود ثم أتجه خارج غرفة النوم قاصدا ثلاجتي حيث فتحها وأخرج منها زجاجة مياه غازية وتجرعها مرة واحدة…استفزنى بروده فصرخت فيه ثانيا ألم تسمعني؟ ل

ا عليك يا سيدي وعلام صراخك فأنا حظك وخادمك وطالما أعطيتك كثيرا فأن جاء يوما وتكاسلت ألا تسامحني؟؟ اجابنى فى بطء مستمراً فى استفزازى….

تمالكت اعصابى بقدر الامكان وقلت له أسامحك إذا عدت لمزاولة نشاطك كما كنت من قبل. حسنا يا سيدي لكني لا أعرف كيف أفيدك وكأنني فقدت قدراتي ، لم اتمالك اعصابلى هذه المرة فصارخت فقدت….فقدت ماذا؟؟

لن أحتمل أكثر من هذا ماذا تقول أيها الأبله؟؟ هل بلغ سوء حظي أن يكون حظي هو أنت؟ اطرق حظى واجماً فصمت حتى لا ازيده احباطاً وبالتالى اجنى من الحظ ما هو اسوأ و حاولت أن أهد أثم قلت له آمرا غدا ومن الصباح الباكر ستذهب معي إلي المتجر فلابد للأمور أن تعود كما كانت من قبل وإلا……. وإلا ماذا يا سيدي؟ هكذا تساءل حظي الأبله فتجاهلت الرد عليه لأنني في الحقيقة لا أعرف ماذا يمكنني أن افعل به.


في اليوم التالي ولأيام كثيرة تالية كان حظي يبكر في الذهاب معي لمتجري بل ويقضي معي اليوم كله ولكن شئ ما لم يتغير كل ما زاد هو صراخي ولعناتي التى صببتها على رأسه كل بضع دقائق ثم ردة فعله البلهاء. سهرت ليالي أفكر فيما يمكن عمله لإنقاذ موقفي وتعددت الأفكار وفي النهاية قررت تغيير نشاطي بالكامل من التجارة إلي افتتاح مركز صيانة لأجهزة الكمبيوتر وهو مجال تخصصي الأصلي كما أن حظي شاب صغير ومن الممكن أن يستهويه هذا الأمر ونويت أن اعلمه كل شئ اعرفه في هذا المجال.


عانيت كثيرا في تعليم هذا الكائن المدعو حظي في كيفية صيانة وإصلاح أجهزة الكمبيوترإلا أننى – على الرغم من تلك المعاناة -كنت بالفعل مستمتعاً بما اقوم بعمله فهذه الفترة جعلتني أستعيد قدراتي في هذا المجال الذي كدت أن أنساه وأخذت أيضا أفكر متسائلا كيف كانت نجاحاتي السابقة في تجارتي في ظل وجود هذا الحظ الخائب الذي لا يجيد سوي الكسل والنوم.


في يوم الافتتاح وقف حظي ورائي يحاول أن يتهرب من مواجهة الزبائن ولم يستطع أن يمد يده للعمل بجهاز كمبيوتر واحد ومع تعدد العملاء وامتلاء المركز بالأجهزة المطلوب صيانتها لم يكن بوسعي العمل بمفردي فاستعنت ببعض الفنيين وخلال أشهر قصيرة أزداد العمل بصورة لم أكن أتخيلها وكثيرا ما كان اليوم يمضي وأنا لا أري حظي أمامي ولم يكن لدى وقت لأبحث عنه وإن كنت متأكدا أنه نائما في مكان ما.

توقفت أمام الكلمات التي ترددت بداخلي أن حظي لا يزال نائما بينما عملي يسير بصورة جيدة, ذهبت لأبحث عنه فتشت في كل مكان بالمركز ولم اعثر عليه وأخيرا في نهاية اليوم عدت إلي منزلي وما أن فتحت الباب حتي سمعت غطيطا يأتي من غرفة نومى وبالتحديد من تحت فراشي أنحنيت لانظره تحت فراشى ولكمته بيدي قائلا أخرج أيها التعس فتح عينيه وفركها بيديه ثم اراني ابتسامته البلهاء بعدها نهض ليقف أمامي قلت له متصنعا الغضب لقد سئمت أساليبك ولن أسمح لك بالكسل مرة ثانية إن عملي يسير بصورة جيدة وأرباحي تتزايد فعليك ألا تعود لكسلك وإلا…….. سأل في بلاهة وإلا ماذا يا سيدي؟؟

أجبته وإلا سأقتلك, ظهر الرعب علي وجه المسكين وقال في توسل ولماذا تقتلني يا سيدي؟؟ أنا لم أتسبب في فشلك كما أنني ليس لي دور في نجاحك لقد فشلت فيما مضي لأنك لم تجاري السوق ومتغيراته ثم عندما لجأت إلي أخذتني من يدي لكى اعمل معك ونسيت اننى مجرد صورة تلازمك فانا لا اعمل ياسيدى وليس لى ان اعمل

وها انت عملت بيدك أنت فيدك هي التي عملت وعقلك هو الذي فكر وفي النهاية أنت الرابح الوحيد توقفت أمام كلماته صامتا لفترة قصيرة ثم أضاف حظي هل أنت مصر علي قتلي أم ستتركني ارحل لحال سبيلي ابتسمت قائلا بل سأتركك تذهب لتنام في مكان آخرفأنا لم اعد بحاجة إليك. اختفى حظى من امامى فى ثوان وكان منظره مضحكاً وهو يجرى بعيداً عنى لينجو بحياته ضحكت من بلاهة هذا المدعو حظى ثم ضحكت من بلاهتى عندما ظننت يوماً انه سر نجاحى او فشلى وعدت الى عملى وقد تيقنت بيني وبين نفسي أنه إن كان هناك حظ فهو يذهب فقط لمن يجتهد..

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.