الكتابة عن المطران جورج خضر مطران جبل لبنان وجبيل والبترون وما يليهما للروم الارثوذكس والذي قدم استقالته بعد ان تخطي العقد التاسع من عمرة المديد ليس بالامر السهل … حيث اتكلم عن رجل اللاهوت ام عن الفيلسوف ام عن الراهب العابد الزاهد ام عن المطران القوي في الحق .
فيلسوف، مطران أو كاتب… صفات يرى المطران جورج خضر أنّها لا يتنافى بعضها مع بعض وهو يقول عن نفسة أنا لست فيلسوفاً بالمعنى الأكاديميّ مضيفاً يجوز أن يقال إنّني كاتب بما أنّني أكتب منذ 60 سنة وقد يقال إننّي مفكّر ذو لون فلسفيّ عموماً وخصوصاً لاهوتي وفي حياتي أنا مطران تلك الكلمات البسيطة تلخص مسيرة هذا الحبر الجليل الذي تاثر بة الشباب في لبنان والعالم العربي علي مدي اكثر من سته عقود .
ولد المطران جورج خضرعام 1923م في طرابلس، توجّه الى دراسة الحقوق، «المهنة التي تنصر العدالة»، فنال الإجازة من جامعة القدّيس يوسف عام 1944م وتدرّج في المحاماة ومارسها لفترة قصيرة قبل أن يتوجّه عام 1947م الى فرنسا، حيث تابع دراسته هناك. نال عام 1952م إجازة في اللاهوت من «معهد اللاهوت الروسي الأرثوذكسي». في باريس أيضاً، وعام 1952م أيضاً سيم راهباً مبتدئاً في دير مار جرجس الحرف محافظة جبل لبنان يتحدّث المطران عن نشأته في بيت تربّى فيه على الإيمان والالتزام الدينيّ. أمّا ما دفعه لأن يصير كاهناً، فهو حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة التي كان أحد مؤسسيها بعد جهد كبير قدّمه في الحركة، قال لنفسه لا بدّ من أن يكون لهذه الكنيسة لاهوتيّون وعلماء وبعد دراسته اللاهوت أحسّ بأنّ معرفة اللاهوت لا تكفي فاختار الكهنوت ورسم مطران علي جبل لبنان في عام 1970م .
يقول المطران خضر أن تكون كاهناً يعني أن تكون صاحب الأمر وأن تأمر بالحبّ فقط، فالحياة الكنسيّة هي حركة حبّ من الكاهن الى الشعب وبالعكس وكلّ الباقي هو ترتيب لذلك … ما ميّز عمله كمطران نشر الكلمة … نشر خضر الكلمة في صحيفة لسان الحال وبعدها في صحيفة النهار الى جانب عدد من المجلات العرابية والأوروبيّة ويقول عن خدمته الاسقفية ( الأهمّ لم أكن أرسم كهنة أنصاف جهلة وبنيت عشرات الكنائس وخصوصاً بعد انهيار قسم منها أثناء الحرب الأهليّة لان الأسقف لا يرعى حسب خضر أبناء كنيسته حصراً حيث يرى نفسه مطراناً للروم والموارنة والإسلام والدروز، يخدم قدر المستطاع ويعتبر نفسه مسؤولاً روحيّاً عن الشعب كلّه.
هذا الأمر قاد المطران خضر منذ أكثر من 40 عاماً الى الحديث عن الحوار الإسلاميّ المسيحيّ وخصوصاً أنّه درّس شخصيّات الدين الإسلاميّ من ضمن الحضارة العربيّة في الجامعة اللبنانيّة في منتصف الستينيات. اكتشف خضر أنّ كلّ فريق يعرف كيف يوضح ديانته للآخر. فالمسيحيّ المتنوّر هو الذي يكشف العقيدة المسيحيّة، تماماً كما المسلم المتنوّر .
أما عن لبنان فينظر إليه على أنّه صيغة. هو بحاجة الى طهارة بحيث تكون الدولة نظيفة وحامية لمواطنيها من دون أن يكون لها لون طائفيّ يجب أن تكون هناك دولة تكافح الظلم والسرقة والهدر لكنّ هذا لا يمنع المطران من أن يحلم بتطبيق قانون مدنيّ يتساوى أمامه اللّبنانيّون، وتلغى الطائفيّة ويبقى الإيمان.
كلمات رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال خلال تقليد المطران جورج خضر وسام الارز الوطني من رتبة ضابط اكبر العام الماضي تقديرا لقامته المهيبة عطاءً وحضوراً وفعلاً في لبنان والكنيسة المشرقية والعالم، رمزاً وطنياً جامعاً، في اللاهوت والفكر الانساني والانتماء اللبناني العربي الحضاري تعبر عن المكانه التي يحتلها المطران خضر في قلوب اللبنانين حيث قال الرئيس عون …”في حضرة هذه القامة المشرقية الاممية العملاقة وما تختزنه من تراث يشكل كنزا ثمينا وسخيا ليس للطائفة الارثوذكسية فحسب انما للبنان والعالم، لا بد من التساؤل عمّن هو احرى بالتكريم والعرفان أهو المطران جورج خضر ام اللاهوتي الكبير ام المفكر الفيلسوف ام المصلح الاجتماعي ام حامل شعلة الضوء والرؤيا في زمن الظلمة والانغلاق .
وانا اتذكر حينا قمت بزيارة الي لبنان في عام 2004م وتعرفت علي شاب لبناني ارثوذكسي من ابناء مطرانية جبل لبنان وقد طلبت من هذا الشاب ان يحدد لي موعد مع نيافة المطران جورج خضر اذا كان يستطع ذلك وقال لي الشاب وانا اتذكر ان اسمه جورج انه سيعرض علي المطران وكانت الاجابة بعد يومين ان المطران جورج خضر يرحب باجراء الحوار معي وبالفعل ذهبت في الموعد المحدد برفقه هذا الشاب الي مقر المطرانيه في برمانه في جبل لبنان حيث كانت المفاجاه بالنسبة لي ان يكون المطران خضر هذا العالم والقائد والشاعر واللاهوتي والمطران منذ عقود طويله في قمه التواضع وقد اسقبالني باتسامه وترحيب فوق العادة من لشاب صغير مثلي في ذلك الوقت وايضا اتذكر اتساع صدرة في الاجابة علي كل الاسئله في حوار امتد الي اكثر من ثلاث ساعات واتذكر حينما سالت نيافته متي تتواحد الكنائس فقال لي يا ابني لن تتوحد بالمعني الحرفي لان المشكله الاساسية في الكراسي وليس في شي اخر وقد استغربت الاجابة وسالت نيافته ماذا يعني بالكراسي فقال لي متسائلا من الرئاسات في اي كنيسة سيتنازل عن كرسيه ليكون تحت قيادة بطريرك اخر وقرر نيافته الكراسي يا ابني الكراسي ستكون سبب اساسي في عدم وحدة الكنائس لان المسائل اللاهوتية يمكن التغلب عليها بالحوار اما مشكلة الكراسي فيصعب التغلب عليها واتذكر ايضا حينا سالت نيافته عن الراحل العظيم قداسة البابا شنودة الثالث رغم علمي المسبق بوجود خلاف فكري بينهم فقال نيافته البابا شنودة قامه كبيرة علي المستوي الديني رغم خلافي الفكري معة والغريب انه حينما سالت قداسة البابا شنودة عن نيافة المطران جورج خضر بعد عودتي من لبنان كانت اجابته تحمل نفس المعني … حقا كان زمن الكبار الذين يعرفون كيف يختلفون ولكن في نفس الوقت يحترمون بعض
استقال نيافته من مهامه الاسقفيه بسبب السن ولكن سيظل المطران جورج خضر علامه مضية بارزة في لبنان والوطن العربي علي المستوي الديني والوطني يعلم اجيال واجيال … “سيبقى ما جاد به كأرغفة السيد المسيح التي تشبع الى المعرفه والخير والحب والجمال في لبنان والمنطقة … امد الله في عمرك يا نسر انطاكيا العظيم