الأسبوع الماضي شهدت كندا زلزالا مدويا بعد الإعلان عن فضيحة التحرش الجنسي التي طالت باتريك براون وادت لتقديمه استقالته من الحزب.
بعد الإعلان عن الفضيحة شاهدت حالة من الحزن قد خيمت علي أبناء جاليتنا وخصوصا البسطاء منهم والذين شعروا أن حلم التخلص من كاثلين وين بات صعبا، ومن أجل هؤلاء البسطاء أكتب اليوم مقالي، ليس بصفتي محلل سياسي وحسب بل واحد من الذين خاضوا تجربة الانتخابات داخل الحزب وكنت ومازلت قريبا لحدا ما بكل ما يدور بالحزب.
نحن لم نخسر شئ باستقالة براون بل ربحنا الكثير ودعوني أوضح الكارثة التي نجونا منها بالخلاص من باتريك براون.
أولا الضربة التي تعرض لها الحزب جاءت من داخل الحزب وليس من خارجة. ونحن لم نكن يوما طرفا في معارك داخل الحزب، ولكن الحقيقة ما شهدته الانتخابات الداخلية للحزب كان غريبا علينا كمرشحين وكأعضاء لحزب المحافظين سواء علي المستوي الفيدرالي أو المقاطعة، فشاهدنا تحطيم لدستور الحزب وانتهاك للقانون الكندي وإرتكاب جرائم يعاقب عليها القانون، لكننا التزمنا الصوت خوفا علي سمعة الحزب.
لكن في المقابل كان من الصعب علي فريق قوي من داخل الحزب أن يصمت ايذاء كل هذه الانتهاكات.
ثانيا: مع بداية الانتخابات كانت لدينا فرصة كبيرة فالرأي العام بأونتاريو أصبح كارها لكاثلين وين، الأمر الذي جعل الجميع يتصارع من أجل الفوز بانتخابات ”النيمونيشن“، فاجئنا السيد براون بفتح الباب علي مصراعية لمن ينتمون لحزب الليبرال لدرجة أن ٥٠ ٪ من المرشحين الأن علي دوائر الحزب هم من خلفية ليبرالية، فأخذ فرصة الأبناء الذين ظلوا علي ولائهم للحزب في سنوات انكسارة التي بلغت ١٢ سنة ليعطي الفرصة للغرباء وليكون نصف اعضاء فريقه لا يحملون قيم ولامبادئ حزب المحافظين بل حزب الليبرال.
ثالثا: قام براون بشد الحزب ناحية اليسار ليس في اختياره لمرشحين من خلفية ليبرالية فحسب بل وجدناه يوافق علي سبيل المثال ( علي التعريف الجديد للأسرة، علي تدريس مناهج الجنس للأطفال في المدارس الإبتدائية، تأييد موشن ١٠٣ الذي يقترب من قانون ازدراء الأديان المصري، الموافقة علي فرض ما عرف بالكاربون تاكس) وجعل الحزب لا فرق بينه وبين حزب الليبرال في شئ وقضي علي كل مبادئ وقيم الحزب.
لذلك كنا نتشوق لوجود مرشح يحمل مبادئ وقيم الحزب لنضمن أن هناك من يحمل مبادئنا وقيمنا كمرشحة شمال أوكفيل بيرلينجتون إيفي تريانتافيلوبولوس أو رودي جوزيتا مرشح الدائرة الجنوبية بميسيساجا.
رابعا: انقسم الحزب وتفرع منه حزبين أخرين كانوا ينتمون لحزب المحافظين واختلفوا مع باتريك براون ومع توجهاته، فتركوا الحزب ولولا خوف غالبية الأعضاء من أن هذه الانقسامات تصب في مصلحة حزب الليبرال لرأيت انقسامات أكثر وأقوي، وهناك قطاع كبير من المحافطين فضل عدم المشاركة إطلاقا، وترك الساحة لباتريك ورفاقه.
وللذين يشعرون بالحزن مما حدث أقول لهم لا تحزنوا فقد عاد حزبكم إليكم بمبادئه وقيمه التي من أجلها قررتم أن تدعموا وتؤيدوا المحافظين، وربما تأتي قيادة قوية تستطيع أن تحجم وتحاصر التيار الليبرالي داخل الحزب وتهمش دوره، وربما نكسب حكومة أغلبيه أو أقليه وتكون حكومة تحمل مبادئنا وقيمنا توقف مهزلة تدريس الجنس لأطفالنا وتلغي تأييدها لموشن ١٠٣ وتعارض الكاربون تاكس وتعطي التعريف الصحيح للأسرة.
وأن خسرنا الانتخابات فهذا أمر غير مهم لقد كسبنا الحزب وهو الأهم، فلو نجحت تجربة باتريك براون لكانت كافية بالقضاء علي كندا بالكامل.
فالكل كان ساعتها سيتخلي عن مبادئ المحافظين ويتجه لليسار علي إعتبار أن هذا هو الطريق الوحيد لكسب الانتخابات وكسب رضاء الكنديين.
وسيعمل الجميع علي إرضاء الجماعات التي هدفها هدم المبادئ والقيم الكندية التي من أجلها اخترنا كندا لتكون وطنا لنا ولأولادنا. كنت ستشاهد سياسة ترودو داخل حزب المحافطين الفيدرالي وداخل أحزاب المحافظين في العشر مقاطعات الأخري، فلا تحزن وأخفض رأسك شاكرا حامدا لله علي كل شئ واثقا في رعايته ومحبته لك وأن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله.
مدحت عويضة