محفوظ ناثان يكتب : ” الديماجوچية في عصر التنوير “
اثار كتاب “نار وغضب Fire and Fury” للكاتب الامريكي “مايكل وولف” جدلا ً واسعاً فيي كل من اروقة البيت البيت الأبيض والشارع الامريكي على حد سواء. فقد اتهم الكاتب الرئيس الامريكي بالتخبط في القرارات ، وتحدث ايضاً عن علاقته بروسيا الامر الذي يعتبره الكثيرون خيانة. كما أشار الى نية
“ إيڤانكا ترامب” ابنة الرئيس الامريكي وطموحاتها للوصول لرئاسة الولايات المتحدة.
أعد الكاتب كتابه بناء على 200مقابلة اجراها مع العديد من المستشارين والمقربين من البيت الأبيض .
حاول محامو ترامب بكل الصور منع الكتاب ، لكن كل محاولاتهم باءت بالفشل الذريع، بل على النقيض تماماً فقد حقق الكتاب أرقاماً قياسية في نسبة المبيعات.
وَمِمَّا لا يدعُ مجالاً للشك ان ما حدث بخصوص كتاب”نار وغضب”وانتشاره بشكل كبير هو الوعي الجمعي للشعب الامريكي والاستنارة الفكرية الذي لا يستطيع احد الوقوف أمامه حتى ولو كان الرئيس الامريكي نفسه.
وعلى النقيض تماماً فان الوعي الجمعي في دولنا ضعيف جداً . الذي قلما يصمد امام سيل الديماجوچية والراديكالية المقيتة.
فمرور جمل من ثقب إبرة ايسر من تغيير الفكر في مجتمعاتنا.ذلك الفكر الذي كانت ولا تزال تسيطر عليه مجموعة مُضلِلة مدفوعة الأجر من جهات داخلية وخارجية للاستحواذ على تلك العقول وقيادتها في اتجاهات مقصودة.
الكثير من أبناء شعبنا لايزالوا يعتبرون “طه حسين” كافراً،و”حامد ابو زيد” مرتداً.الذين امتطت كتاباتهم جيادالركب الحضاري وعرفت طريقها الى دول العالم الحر ،ونحن أصحابها رفضناها ووأدناها.
قُتل المفكرالكبير “فرج فودة “عام1992بدم بارد.
ماذا كان السبب؟ فقط قُتل من اجل كتبه.
سأل القاضي القاتل : لماذا قتلته؟ فقال لانه كافر. فقال له:ما ادراك انه كذلك؟فرد قائلا:
كتبه، فسأله القاضي : ماذا قرأت من كتبه، فرد القاتل: انا لا اعرف القراءة.
أليس هناك تغييب للعقل والضمير اكثر من ذلك؟!
كلما ظهر كتاب او مقال قُوبل بوابل من الاتهامات ، من بينها الكفر والالحاد وازدراء الأديان وتكدير السلم العام ونشر الفكر المتطرف وخدش الحياء وغيرها من عشرات الاتهامات المضحكة المبكية. اتهامات يجدها الاعلام الهش المريض مادة خصبة للترويج للراديكالية والديماجوچية .
وماذا اقول لانه يعوزني الوقت ان تحدثت عن “يوسف زيدان” و” خالد منتصر” و”وسيم السيسي”و” جابرنصار”و”عماد جاد” وغيرهم.الذين يتهمون بالعلمانية التي هي فصل الدين عن الدولة. فالدين مقدس وإلهي اما السياسة فهي لعبة قذرة.
وبكل اسف أضحينا كائنات بيولوچية غير مفكرة ،غير ناقدة، غير مدركة.تقودها جماعة جاهلة.
متى سنستفيق من نومنا وننهض من غفلتنا؟
متى سيستنير العقل ؟
ويقابل الفكر بالفكر والقلم بالنقد والتحليل لا بالارهاب والرصاص.