الشارع المصري شارع غني بالحواديت كل مصري جواه حكاية شعب عجيب وغريب ومدهش في كل شئ، فالمصري هو الوحيد في الدنيا من يحول لحظات الهم والألم لنكته فيضحك عليها، وكأنه يرفض أن يهزمه ألم أو موقف صعب أو أزمة طاحنة.
المصري معدن أصيل وكما المعادن تعرف قيمتها عندما تقربها للنار كذلك المصري تعرف قيمة معدنه الجميل وقت الأزمة في أصعب الأوقات يضع بصمته ليدهش العالم.
أليس هو من أول عسكري في التاريخ يقابل الدبابة وينسفها ويموت تحت جنازيرها في سيناء ليجعل كل العسكريين في العالم في حيرة من أمره، ليعيدوا النظر في نظرياتهم العسكرية مرة أخري.
بالرغم من قساوة أحداث كنيسة حلوان والتي شهدت إعتداء إرهابي عليها قبل نهايه العام الماضي، إلا أن الحادث الأليم ترك حدوتان مصريتان جميلتان يجب علينا أن نبرزهما ونفتخر بهما أمام كل العالم، فمثل هذه الحواديت الإنسانية لا تصنع إلا في بلد حضارتها هي الأقدم في العالم، هذه اللوحات الإنسانية نادرا ما تجدها خارج حدود هذا الشعب لأنها وبفخر صنع في مصر.
أولي هذه اللوحات والحواديت تلك التي رسمتها وكتبتها الشهيدة نيرمين صادق والتي ضحت بحياتها فداءا لأبنتها وأبنه شقيقها.نيرمين هي سيدة مصرية كملايين السيدات تنتمي للطبقة الأقل من المتوسطة والتي تكافح ليلا ونهارا لتربية أولادها. وأنت تنظر لصورتها تشعر أنك تعرفها من زمن فهي تشبه لأختك أو بنتك، زميلتك، جارتك ملامحها البسيطة المصرية جدا تشعرك أنك تعرفها منذ زمن، البعض ركز في الثواني التي سلطت عليها الأضواء علي نيرمين علي بطولتها وقدرتها علي فداء من تحب والتضحية بحياتها، ولكن في رأيي أن نيرمين تركت لوحة إنسانية لا تقل روعة عن الفداء عند بداية مقابلتها بالإهاربي والذي شهدته يسقط علي الأرض فسمت بأسم الصليب عليه قائله ”بأسم الصليب عليك“ ثم ذهبت لتطمأن عليه قائله له أنت كويس؟؟ لترسم عظمة المصريين وإنسانيتهم وطيبتهم وترسم اللوحة أيضا مدي خسة وندالة الإرهاب الذي رد عليها بطلقة في ذراعها، وهنا عندما أيقنت أنها أمام شخص ندل وجبان قمات بفتح صدرها أمامه وطالبت من بنتها وأبنه شقيقها بالهروب ووقفت أمام المجرم لتحمي البنتين الصغيرتين وتتلقي منه ثمانية طلقات. دفعة واحدة لتفقد حياتها علي الأرض وتفدي الطفلتين وتسجل أسمها في سجل الشهداء الأبرار في السماء.
أما أعظم مشهد في حياة نيريمن فهو المشهد الأخير فالأم التي تلقت ثمانية طلقات وتيقنت أن حياتها علي الأرض قد أوشكت علي الإنتهاء، وعندما أبتعد الإرهابي عنها وأقتربت منها أبنتها .فأبت أن تتركنا دون أن ترسم لنا اللوحة الثالثة الأكثر روعة فقد نسيت الأم المصرية كل آلامها وأنشغلت بمن تحب فطلبت من أبنتها أن لا تحزن وأنها تخلي بالها من أختها الصغيرة ذات الثمانية سنوات وتسمع كلام والدها. وهنا أجد نفسي عاجزا عن وصف عظمة وروعة الأم المصرية وأجد نفسي فخور بالكتابة عن هذه السيدة العظيمة.
المشهد الثاني والحدوتة المصرية الجميلة واللوحة الرائعة رسمها صلاح الموجي ابن حلوان وهو أيضا شخص بسيط جدا يعمل سائق لأتوبيس مدرسة خاصة. هذا الرجل الذي أظهر بطولة المصريين وأختلافهم عن كل العالم، فالمصري الوحيد في ساعة الخطر يعشق أن يكون في وسط الخطر مفضلا الموت مع أهل منطقته عن الخوف والهروب والإختباء، فصوت الرصاص لم يزعج صلاح بل تحرك وأقترب منه بالرغم من أن مصدر إطلاق الرصاص كان متعدد، لكنه كانت لدية الجرأة ليكون قريب جدا، وأيضا كانت لدية المهارة ليحمي نفسه من مرمي إطلاق النيران، منتظرا اللحظة المناسبة للهجوم علي من يهدد أهله وجيرانه حتي لو كلفه ذلك حياته، وما أن أتيحت له الفرصة هجم علي الإرهابي المسلح بالرغم أنه هو لم يكن معه سلاح!!!. وتمكن منه وتمكن من السيطرة علي البندقية الأليه التي معه وقام بالإمساك به والقبض عليه أنه صلاح الموجي أنه صلاح المصري.
الدور البطولي الذي قام به صلاح الموجي سيظل مصدر فخر له ولأسرته بل ولنا جميعا كمصريين، عم صلاح لم يرسم فقط لوحة مصرية جميلة بل رسم لوحة ليقتدي بها الشباب والجيل الحالي، صلاح قدم للعالم شخصية مختلفة للشخصية المصرية غير تلك التي عرفها عنا العالم من خلال أيمن الظواهي ومحمد عطا وغيرهم من الإرهابيين.
رحم الله شهداء الوطن وتعزياتنا لأسرهم ومحبيهم وكم أتمني أن يكون هذا الحادث هو الأخير وأن ينعم علينا الله في عامنا الجديد بالخلاص من الإرهاب والإهابيين.