د.إيهــــاب أبورحـــمه
في حيرةٍ من أمري كيف لي أن أبدأ الكتابه و أنا بل و كل طبيب مصري يشعر بكمٍ هائل من الإهانات و في وطنه الحيبب ، إعلام يضغط علي كل طبيب مازال يعيش في مصريحاول التأقلم مع صعوبات الحياه فيها رغم كل ما يتعرض له من إهانات ماديه و معنويه فهو من أكثر الفئات عملاً و أقلها تقديراً مادياً و حتي معنوياً بل وزاد من الطين بله أنه الأن من أكثرها تعرضاً لضغوطٍ نفسيه.
الطبيب المصري الأقل راتباً بين نظرائه في العالم و من أكثرهم عملاً إن لم يكن الأكثر بالفعل فمن يتخيل أن راتب الطبيب بعد خبرة عشرات السنين المقارب علي المعاش قد لا يتعدي الأربعة ألاف من الجنيهات أغلبها من الحوافز و الطبيب بعد عشر سنوات راتبه لا يتعدي الثلاثة ألاف جنيهاً أكثر من 75%منها حوافز و بدلات لو حدث له مكروه أو مرض مفاجئ لن يتحصل إلا علي أساسي راتبه ال 400جنيه !!
أصبحنا نكره العمل في بلادنا و نسعي للهروب منها إلي أي مكان في العالم لنحفظ ماتبقي لنا من كرامه ولنحترم ما تبقي لنا من عمر وأيام في هذه المهنه التي أصبحت مهينه و التي يفتي فيها الإعلام بغير علم ولا درايه .
أصبح الطبيب الذي يتحصل علي راتب حكومي لا يٌذكر و لا يتعدي ال150 دولار شهرياًهو السبب في فساد المنظومه الصحيه المتهالكه من الأساس فهو الذي يتحمل ضعف الإمكانات و عٌطل الأجهزه و إختفاء الأدويه و المستلزمات الطبيه !! فبدلاً من حساب المقصريين في عملهم السارقين لبلادهم و بملايين بل و بمليارات الجنيهات و الذي نسعي خلفهم لنتصالح معهم ، نلوم ونٌجرم طبيب صغير يحاول مساعدة مريض كنا نعتقده غلباناً و فقيراً يتخيل أن الطبيب الذي يساعده في محنته يطلب منه رشوي ليٌتم له العمليه التي تتطلبها حالته .
طبيب صغير يحاول مساعدة مريض استطاع أن يحصل من الدوله علي قرار علاج ب (300 جنيه فقط) في عمليه تتكلف علي أقل تقدير خمسه عشر ألفاً من الجنيهات المصريه في مستشفيات القطاع الخاص ،و لكن لسوء حظه جهاز المناظير في المستشفي الحكومي تعطل عن العمل فما كان من الطبيب الصغير قليل الخبره و الإنسان مع الأسف إلا أن يعرض فكره استئجار منظار ب 500جنيه لينجز له عمليته و يريحه من آلامه ، و بالطبع سيتحمل المريض باقي المبلغ المطلوب (200جنيه) فما كان من المريض (الغلبان)الذي شرب و تشبع من الإعلام الفاسد بظلم الأطباء و بفسادهم و سرقتهم للمرضي ( فهناك من سرق خصيه مريض مخدر و هناك من سرق جزء من الأمعاء و هناك من نسي موبايله الشخصي في بطن مريض أثناء إجراء عمليه جراحيه) إلا أن يظن أنها رشوي فاشتاط المريض غضباً فقرر تسجيل اللحظه التاريخيه و التي يٌعطي فيها الطبيب الرشوي الكبري و تقديمها للنيابه ليجد الطبيب نفسه بين جدران السجون المظلمه!!.
أتسائل ماذا يريدون من أطباء مصر ؟ هل يتمنوا هجرة البقيه القليله الباقية منهم خارج البلاد ؟ و هل أصبحت الهجره أكثر أمناً وكرامهً للطبيب عن العيش في وطنه ؟، أم يٌقبل الأطباء علي الإنتحار ليرتاح هؤلاء الفسده من الإعلاميين الساعين خلف شهرةٍ واهمه بعناوين رنانه عن فساد الأطباء ولو علي جثث صغار الأطباء ولم يكتفوا بتسميم عقول الكبار بل وصل الأمر لتسميم عقول الأطفال بدروس تحض علي كراهية الأطباء وتصفهم بالإهمال و الهروب من العمل !!.
لماذا الإصرار علي خلق العداوه بين الأطباء و مرضاهم؟
إلي متي تحاسبون كل الأطباء بذنوب قله قليله من كبار الأطباء الفسده ؟ اذهبوا و حاسبوهم ولكن عن طريق جهاتٍ متخصصه بدلاً من خلق الفتن !!.
هناك فئات من متوسطي التعليم بل ومعدمي التعليم في بعض الأحيان يتحصلون علي رواتب أضعاف رواتب الأطباء بل ويعملون بكل أريحيه دون ضغوطٍ فقط لأنهم من أصحاب الواسطه والنفوذ و لأنهم يعملون في وزارات إنتاجيه ،أما الأطباء فهم وزاره خدميه استهلاكيه لا تدر علي الحكومة أرباحاً مثلهم مثل وزارة التعليم !! وزارات تمثل عبأً علي الحكومات فكيف لهم أن يرتاحوا !!وكيف لنا أن نكافئهم برواتب تحترم عملهم وأدميتهم !!
مادا يفعل الأطباء هل هي الهجره ؟والتي أصبحت تتطلب مجهوداً كبيراً فلم تعد شهاداتنا المصريه لها قيمه في الخارج نظراً لضعف التعليم وفقدان العالم الثقه به و نتيجه لحالة التخبط الرهيب في مسميات الشهادات من ماجيستير لدكتوراه و زماله و بورد مصري !! أم أنهم لابد لهم من ترك هذه المهنه التي أصبحت عبأً نفسياً ومادياً ، وأين هم كبار الأطباء ؟ أم أنهم وفقط مشغولون بجمع الأموال تاركين مهنتهم وصغار الأطباء يواجهون الغرف المظلمه وحدهم متناسيين أن جشع البعض منهم كان سبباً في كيل هذه الإتهامات لشباب هذه المهنه ؟، وأين نقابة الأطباء حتي تترك صغار شبابها في مهب الريح دون حمايه ؟
وأخيراً
إن المعلم والطبيب كليهمـــا ** لا ينصحان إذا هما لم يكرمــا.
فاصبر لدائك إن أهنت طبيبه ** واصبر لجهلك إن أهنت معلما.
الوسومالدكتور ايهاب ابورحمه
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …