الأحد , ديسمبر 22 2024

ماجدة سيدهم تكتب : سابع جار ..ثورة حتمية

سابع جار ..المسلسل الأشهر الآن والذي يتابعه السواد الأعظم خاصة المعارضين والرافضين له فهم الإكثر حرصا على متابعته بكل الشغف ..

راهنت قبلا أن الثورة اللي حاتغير وجه مصر تماما إلى التحضر والأجمل والأرقى هي ثورة نساء .. ثورة فكر ضد القبح والقهر والتخلف والخرافة ..ثورة ضد الخوف ضد الخرس ضد العتمة و الموت ..هي الصحوة الإنسانية لحياة أجمل ..

.ثلاثة مخرجات وطرح قضايا مجتمعية شائكة..أو هكذا نظنها.. بكل الشجاعة والوعي و المواجهة ومكاشفة الواقع المستتر في إطار من النبل والتقبل والمعالجة الإنسانية ..

سابع جار.. يضرب بموروث الفكر المسمم بعرض الحائط ليؤكد أن شرف الإنسانية أسمى القيم على السواء ..فالأخلاق النبيلة شرف ..الابداع شرف ..الصداقة شرف ..المثابرة ..النجاح .. الاعتذار..التسامح ..الغضب ..الرفض ..المحاولة ..الحب..
الشجاعة المواجهة ..الثقة بالنفس ..الاعتراف بالخطأ ..المسؤولية كلها شرف ..و أنه لاوجود للشيطان في أية علاقة بين شاب وفتاة ليؤكد بقوة على مفهوم الصداقة وحتميتها فهي دلالة على صحة وتحضر المجتمع ونضجه وتطوره ..هي رسالة تعلن أن نجاسة القلب هي الشيطان الحقيقي الذي نستدعيه بارادتنا والذي يغذيه الفراغ والجهل والخوف والتربص ..

* ” مي ” الفتاة المستقلة ،الواثقة بلا كذب أو رياء .. أحبت”أحمد ” وأخلصت وأثمرت العلاقة عن حمل أسعدها وحين شعرت أنه لا يفتخر بها ولايمتلك شهامة القرار خشية من مواجهة الأسرة ..تقرر التخلص من الجنين دون علمه ليس خوفا لكن لرفضها الانجاب من شخص غير مسؤول و ضعيف وجبان هو نموذج للمجتمع الذكوري القاسي ..فهى لديها الشجاعة كاملة لتتحمل مسؤولية اختيار حياتها وترفض الاستمرار في علاقة لا تحترمها كأنثى ولا تقدر مشاعرها وتضحياتها وبالتالي هو غير جدير بها ..

بينما تجد كل الدعم من صديقها “شريف” مثال الرجولة والنبل والذي لازمها في منزلها لرعايتها طيلة فترة مرضها فيقول لها ” ماتلوميش نفسك ..هو عيل واطي وما يستاهلش ..انتي بس اللي حبيته اخلصتي له. دا انسان عايش في افكار أبوه .خلاص نبدأ صفحة جديدة ….”ليظل بجانبها مدافعا عنها في مواجهة حازمة مع “أحمد ” كي مايتعرض لها ثانية ..
..

* ” دعاء ” الفتاة المتلزمة دينيا والتى تنتهج بشدة مسلك الحلال والحرام في كل شيء لذا تنتهر وتنتقد الكثير من السلوكيات الطبيعية مع الجميع .. حتى طرق الحب قلبها نراها تؤجل صلاتها حين رن هاتفها فتركض بلهفة ..ترفع حجابها و تحل شعرها باعجاب ..تختبر قيادة السيارة لتخظى باعجاب من الحبيب الذي يحترم الفتاة العاملة والعملية .. تضع لأول مرة احمر الشفاة ..لا غضاضة لو التقت به بالطريق وتترقب بلهفة طلب الزواج منها وهو الأرمل ولديه ابن ..وهذه رسالة متحررة جدا لاعلاء قيم الحب والتفاهم والإنجذاب عوضا عن الاصرار الرديء والعتيق بالارتباط بمن ليسوا لهم تجارب زواج سابقة..
.
* “عبد الرحمن ” الفتى المراهق الذي صوره البعض كصبي منحرف أو كما تردد “ولد صايع قليل الأدب “.لمجرد أنه ارتبط عاطفيا مع أكثر من فتاة بينما هو شديد الصدق والتأدب .. فمشاعر المراهق رغم صدقها الا أنها غير مكتملة النضج لطبيعة المرحلة العمرية ..وحين صارت أزمة مع ابنة الجيران والتى تمت معالجتها بين الأسرتين بتفهم ورقي دون ابتذال أو تدني أو خصومة.(كما عودتنا الدراما سابقا ).نرى الصبي يهاتف الحبيبة ويبدي اعتذارا مهذبا لها وعما سببه بلا قصد من إساءة .. وهنا نطرح السؤال كيف ستتم معالجة تلك العلاقة فيما بعد مع اختلاف الديانتين ..سنتابع القادم

*االشقيقتان المحجبتان “لمياء وليلي “ظهرتا بلا عقد نفسية أو تزمت.. متعاونات .. ودودات مع الجارات ..وكثيرا ما يدور الحوار مع الأبناء بتقبل أو رفض لأفكارهم المختلفة بنقاش جميل لا يخلو من خفة الدم أو الحدة بتعبيرات مصرية خالصة .. لتجد نفسك داخل بيت مصري مصري

* من اقوى القضايا تلك العلاقة المختلفة بين “هالة وعلى ” …
“هالة “والتي ترغب أن تكون أما وتخشى التقدم في العمر كما تخشى في ذات الوقت الاقدام على تجربة الزواج(خشية الفشل نتيجة معايشتها لتخلي الأب عن دوره..وكذا لسماعها لكثير من النمازج غير الناجحة )…فيطرح المسلسل قضية تجميد البويضات أو الزواج لغرض الإنجاب فقط ثم ينفصل كلا الزوجين بالاتفاق المسبق بينهما ..
ثم نجدها “هالة ” تتزوج بعد صراع مع المخاوف من “علي” الذي أحببته وهو مطلق (كسر الموروث الثقافي المرتبط بالرفض والخجل من الارتباط بمطلق او مطلقة ) 
وفي زواجهما يحطمان كل شكليات وماديات وعبيء الزواج التقليدي من أثاث ومفروشات وخلافه.. فغاية السعادة والمتعة هي في الارتباط بالشريك الذي نحب ونختار ونفتخر به رفيقا مدى الحياة ..

ويعد من المشاهد الجديرة بالاحترام هو مشهد الزفاف بقاعة المناسبات بالمسجد حين ارتدت “هالة ” فستانا قصيرا ومكشوفا اختارته بحب لتجلس مجاورة مأذون العقد وسط مظاهر الفرح بكامل الأناقة بين الحضور ..

بينما تمر الليلة الأولى بكل احتواء وحب وهدوء دون ممارسة لفعل الحب والتى تتمثل في الموروث التقليدي بضرورة فض البكارة في الليلة الأولى وهو ما يثير دهشة الأم وانزعاجها صبيحة اليوم التالي .. وهي ايضا رساله صائبة وهامة للمجتمع كله انه ليس بالضرورة فض البكارة فور زفاف حافل بالجهد والزحام والتوتر .. فالأمر يحتاج إلى الهدوء والألفة والحب والمرح والتفهم من قبل الزوجين لطبيعة علاقة حب تنمو على مهل وليست مجرد بضعة نقاط دم كشهادة صلاحية ..

* على جانب آخر تدرك “نهى “الخطر الذي بات يهدد حياتها الزوجية والأسرية نتيجة جفاف أو موت المشاعر بسبب افراطها في تحقيق الشكل الأمثل لحياة أسرية صارمة .. واسرافها في المحاسبة بدقة والنقد اللازع للزوج والأولاد .. فلا مجال للخطأ ولا مبرر لأعذار .. فكل شيء محسوب بدقة وبشكل آلي ويسير وفق الحساب والمنطق والمفروض .. الأمر الذي ورط الزوج في علاقة قاومها بشدة .. وهنا تكون معالجة الأمر بكل التحضر .. تبدأ الزوجة “نهى ” بتعديل نمط الحياة بكل مرونة و بهدوء ورقي ..دون شغب أو عتاب أو نزاع أو تدني في الحوار(كما عودتنا الدراما قبلا في ترسيخ القيم السلبية ),

*العمة “نازك ” هي نموذج للإقبال على الحياة والحق في الحب والزواج مهما بلغ التقدم في العمر ..

*ايضا من القضايا الإنسانية التى تناولها المسلسل قضية الطلاق حين يصعب الاستمرار في زواج يؤثر بالسلب والمعاناة النفسية للطرفين أو لأحدهما مؤكداعلى ضرورة التعامل مع حدث الطلاق بصورة حضارية وإنسانية دون اللجوء إلى المهاترات والتراشق وتبادل الاتهامات والانتقام المخرب فتكون المعالجة هنا بالتفاهم والاحترام واستمرار الصداقة والتعاون بين الزوجين دونما التأثير على الصحة النفسية لصالح اي من أفراد الأسرة خاصة الأبناء ..

سابع جار …التتر واختيار المقطع الغنائي ابداع في سياق الطرح ..مختلف الأداء.. التصوير الحركي جاء ذكيا وحميمي ..ايقاع الموسيقى التصويرية بارع ومؤسس للحوار داخل العمل ..

.

سابع جار ..لازال الكلام فيه وفيرا بل ومازالت المفاجآت متعاقبة والمعالجات الإنسانية هي أشبه بالصخرة الناعمة لتحطم الثوابت الهشة في مجتمع ذكوري بامتياز.. والتى باتت تشكل عبئا معوقا في مسيرة الحياة .. لحتى اصبخ نمط حياتنا خاليا من الاحساس بالمسؤولية ومن النضج والطموح والنجاح .. فكم فعل بنا الخوف من الحياة من تشوهات.. وكم حطمت فينا (المرأة على وجه التحديد ) قسوة العرف المجتمعي ومرارة الموروث والمفاهيم المتحجرة وكافة الهواجس والخرافات كل ماهو جميل بل رسخ لعقد وازمات نفسية لحتى باتت المرأة مجرد شيء أو شبه لا ملامح إيجابية له

..سابع جار ..ثورة حتمية على المواريث الراسخة والتى تعمل عكس الطبيعة وضد الإنسانية .
سؤال ..ما الذي ستحمله لنا الحلقات القادمة من صدمات هي قبلة الحياة لمجتمع يحتضر ..لنتابع ..

شاهد أيضاً

المصريون يعتقدون بأن “الأكل مع الميت” فى المنام يعني قرب الموت .. وعالم يؤكد بأنه خير

يستيقظ جزء كبير من المصريين باحثين عن تفسير ما كانوا يحلمون به بالليل بل ويقضون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.