جريدة الأهرام الجديد الكندية 
مقالات مشابهة
ختم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليلته الأخيرة إلى الخرطوم، ، في ضيافة صديق سوداني تنبأ برئاسته لجمهورية تركيا حينما كان معتقلاً في تسعينيات القرن الماضي.
وحل الرئيس التركي على منزل الطبيب والناشط الخيري السوداني، الفاتح علي حسنين، في حي “الطائف” بالخرطوم، الذي يعد أحد رجال الدين والعمل الخيري السوداني، وتربطهما علاقة صداقة منذ زمن السياسي التركي الراحل نجم الدين أربكان، دفعت رئيس تركيا للقيام بهذه الزيارة، التي أثارت الرأي العام حول أهمية هذه الشخصية السودانية بالنسبة إلى رئيس دولة بحجم تركيا.
– من هو حسنين؟
وولد حسنين في مدينة كركوج بولاية سنار في السودان عام 1946، وتخرج في كلية الطب بجامعة بلغراد، ودرس الطب أيضاً في النمسا، وألجأته الظروف الأمنية والسياسية إلى تركيا ليكون مستشاراً لرئيس البوسنة والهرسك علي عزت بيغوفيتش.
وقرر أردوغان أن يخصص جزءاً من وقته للمرور على حسنين، وبقدر تواضع الضيف ومنزله، إلا أنه لم يكن مجرد شخص أو صديق عادي، أو معلماً للرئيس التركي فقط، كما يذكر من حوله، فقد كان قائداً مؤثراً لم يسمع عنه الكثير، وتنبأ بوصول أردوغان إلى رئاسة الجمهوية التركية حينما وضع في السجن إبان تسعينيات القرن الماضي.
وفتح الدكتور الفاتح علي حسنين، المستشار السابق لبيغوفيتش، الذي تولى رئاسة البوسنة أثناء فترة الحصار من قبل المليشيات الصربية، داره في استضافة تملؤها المودة والحديث الشيق حول الذكريات التي جمعت الصديقين بعد طول غياب.
ويصف أسامة الأشقر، أحد الضيوف الذين حلو برفقة من أتى لرؤية الرئيس التركي في منزل صديقهم قائلاً: “تسلل الزعيم التركيّ خارج برنامجه ليزور صديقه القديم الدكتور الفاتح علي حسنين الرجل السوداني والداعية الثائر الذي كان أحد أهم أسباب إعلان البوسنة والهرسك جمهوريةً مستقلة”.
ويضيف الأشقر في روايته عن سجل ذكريات الفاتح حسنين: “كان أحد أهم القادة الذين دافعوا عن وجود المسلمين في البوسنة، وعمل في ذات الأثناء مستشاراً للزعيم الراحل علي عزت بيجوفتش وقائماً بأعمال رئيس الجمهورية لعدة أشهر جراء حصار بيغوفيتش من قبل المليشيات الصربية أثناء الحرب أوائل تسعينيات القرن الماضي”.
ويشير الكاتب السوداني، وائل علي، في تدوينة سابقة له عبر موقع الجزيرة، إلى أن الدكتور الفاتح حسنين “استطاع تحويل علي عزت بيغوفيتش من مسلم مهموم بقضية وطنه المحدود جغرافيا إلى إسلامي مهموم بقضايا الأمة”.
وأستغل حسنين صداقته القائمة مع أردوغان والرئيس التركي السابق عبد الله جول والراحل نجم الدين أربكان منذ تسعينيات القرن الماضي، بهدف ترسيخ العلاقات السودانية والتركية، عبر إنشاه جمعية الصداقة الشعبية، مستغلاً علاقاته الطيبة مع قيادات العمل الإسلامي المثمثل في بشخص نجم الدين أربكان.
وأسس في سابق عهده إتحاد طلاب المسلمين في شرق أوروبا، والمجلس الإسلامي لشرق أوروبا، والمدرسة العليا بإقليم بيهاج في البوسنة، ومدرسة الغازي علي عزت بك بإسطنبول، كما أسس وكالة إغاثة العالم الثالث ومركزها مدينة فينا، كما ترأس وشغل منصب رئاسة مجلس الأمناء بجمعية المغاربة.
-ذكريات مع أردوغان
يقول الفاتح علي حسنين في حديثه عن لقاءه بأردوغان حينما تولى منصب عمدة بلدية إسطنبول “أذكر ﺃﻧﻨﻲ ﺯﺭﺗﻪ ﻓﻲ ﺳﺠﻨﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﺭﺋﻴﺴاً للوزراء ﺑﺴﻨﻮﺍﺕ، ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻪ ﻣﺮﺣﺒﺎً ﺑﺎﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ، ﻭﺍﺳﺘﻐﺮﺏ ﻟﺬﻟﻚ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻲ أﻧﺎ ﺍﻵﻥ ﻣﺴﺠﻮﻥ ﻭﻣﺤﺮﻭﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻜﻴﻒ ﺃﻛﻮﻥ ﺭﺋﻴﺴﺎً ﻟﺘﺮﻛﻴﺎ.. ﻭﻗﺪ ﺯﺭﺗﻪ ﻗﺒﻞ ﺷﻬﻮﺭ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﺻﺒﺢ ﺭﺋﻴﺴﺎً ﻟﺘﺮﻛﻴﺎ ﻭﺟﻠﺴﺖ ﻣﻌﻪ ﻟﻤﺪﺓ ﺧﻤﺲ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺑﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﺒﺮﻭﻓﺴﻮﺭ أحمد داود ﺃﻭﻏﻠﻮ ﻭﺫﻛّﺮﺗﻪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ”.
يذكر أن هذه الزيارة تعد الثانية من نوعها على المستوى الشخصي للرئيس رجب طيب أردوغان إلى منزل الطبيب الفاتح حسنين، حيث في الخارج وضمن حي “الطائف” بالعاصمة الخرطوم ترقب السكان الإشاعات التي تواردت حول وجود ضيف البلاد الكبير، لزيارة صديقه القديم كما فعل في زيارته الأخيرة للسودان عندما كان رئيساً للوزراء.
وكان لوكالة إغاثة العالم الثالث كان لها فضل كبير في “إنشاء دولة البوسنة والهرسك، ودعم الوجود الإسلامي في شرق أوروبا خاصة، في كل من ألبانيا وكوسوفا”.
وطبع الطبيب السوداني معاني القرآن الكريم بلغات: البوسنة والهرسك، وألبانيا، وبلغاريا، والتشيك، ورومانيا. وعمل على ترجمة الكثير من الكتب الإسلامية إلى لغات أوروبا الشرقية. كما أصدر مجلة (الشاهدة) التي عنيت بأخبار الأقليات الإسلامية في شرق أوروبا، وأصدر كتباً بهذا الخصوص.
وللناشط الإسلامي عدة مؤلفات حول الأقليات الإسلامية في شرق أوروبا، في بلغاريا وبولندا واليونان، منها: بلنة جزيرة الشيطان، جسر على نهر الدرينا، الطريق إلى فوجا، لمعان البروق في سيرة مولانا أحمد زروق، مأساة المسلمين في بلغاريا، من أعلام مغاربة السودان (2 جـ)، موسوعة الأسر المغاربية وأنسابها في السودان (6 جـ)، يا أخت أندلس.
