الأحد , ديسمبر 22 2024
عبدالعزيز عبد الحميد

” من يستحق حكم القدس الشريف..؟

 

بقلم / عبد العزيز عبد الحميد
باحث فى التاريخ والحضارة – جامعة القاهرة “
معرفة بداية و اصل المشكلة جزء اساسى من فهمها و حلها ؛ لكن بشرط ان يكون المستقبل لهذه المعرفة قلبه خالى من اى ذرة تعصب وميل بدافع القرابة او المصلحة او الانتماء.. .
يطول شرح الموضوع بالتفصيل ؛ فباختصار شديد .. حيث نشات حضارات عديدة فى تاريخ البشرية مثل الحضارة الفرعونية ، والفارسية ، والرومانية والحضارة الاسلامية .. ؛ فلماذا سميت الحضارة الفرعونية مثلا فرعونية لانها تميزت بسمة الثقافة ( الهوية ) المصرية الفرعونية بمعنى ان المصريين فى حكم الفراعنة تمكنوا من فرض سيطرتهم على بلاد عديدة وفرضوا على هذه البلاد ثقافتهم المصرية مهما تكون الوسيلة لنشر هذه الهوية ؛ وشعوب هذه البلاد مع مرور الوقت تاثرت بهذه الهوية مع الاحتفاظ قدر الامكان بهويتهم الخاصة ؛ وكلما كانت سمة ومبادىء الحضارة مليئة بالقيم الاخلاقية وبعيدة عن الراذئل كلما سهل على هذه الشعوب تقبلها والخضوع لها ما دام اصحاب هذه الحضارة اقوياء بل وبعض الشعوب تندمج كليا على اقتناع فى هوية هذه الحضارة وتقف حائط صد ضد اى عدوان على هذه الحضارة حتى فى اوقات ضعفها .
علما ان الهوية لاى حضارة لها سمات مختلفة عن هوية الحضارة الاخرى ؛ فهوية الحضارة الاسلامية العربية مثلا
تمتاز باانها حضارة اخلاقية شاملة وصالحة لجميع شئون الحياة لكل زمان ومكان مع احترامى لأى وجهة نظر اخرى .
اما العلوم او الوسائل مثل علم الطب والهندسة والكمياء و .. ؛ فهى تكمل بعضها من حضارة لاخرى بمعنى ان هذه الحضارة الناشئة تستكمل مسيرة التطور لعلوم الحضارة السابقة ؛ فكلما كانت مبادىء هذه الحضارة اخلاقية هدفها استخدام تلك العلوم فى خير للبشرية جمعاء كلما كانت هذه الحضارة صالحة لكل زمان ومكان .
فالذى يمتلك القوة والسيطرة يمتلك فرض فكره ولغته وفرض مصالحه ايضا بدرجات متفاوتة شاءت هذه الشعوب ام ابت .
ودائما الحضارات التى تمتلك مع القوة قيم ومبادىء اخلاقية فى تنظيم جميع شئون المجتمع الدينية والدنيوية بتكون حضارات مرنة ومعمرة ؛ وفى حالة سقوطها لها انصار متمسكون بها على اتم استعداد لاحياء حضاراتهم اذا سنحت لهم الفرصة .
فالصراع على القدس ليس وليد اللحظة بل لهذا الصراع تاريخ قاس ومرير على الامة الاسلامية لم يبدأ مع المحتل الصهيونى فحسب بل نشا هذا الصراع مع المحتل الغربى الصليبى” ليس لمسيحى المشرق العربى ذنب فيه “؛ والذى عرف بتاريخ الحملات الصليبية لكونهم اتخذوا من الصليب شعارا لحملاتهم على المشرق الاسلامى ؛ فلعل استرجاع المنهج والاسلوب الذى تم اتباعه بعد تحقيق انتصار من قبل انصار الحضارة الاسلامية العربية من جهة وانصار الحضارة المسيحية فى الغرب من جهة اخرى واسرائيل اثناء مشهد دخول القدس ؛ وبشهادة المؤرخين المسيحين الغربيين المعاصرين لذلك المشهد ؛ فنترك للقارىء حرية االحكم على اى الاطراف يستحق حكم القدس الشريف ؛ومن فى الاطراف يتمتع بهوية حضارية راقية اصحابها يحملون منهج عادل واسلوب راقى فيه خير للبشرية جمعاء .
مثل حالنا اليوم كان المسلمون فى خلافات مع بعضهم استغل ملوك اوروبا الفرصة لحشد الاوروبين بمباركة البابا للحصول على خيرات المشرق الاسلامى بحجة استرداد بيت المقدس من المسلمين ؛ وبالفعل تمكن المحتل الصليبى من دخول القدس عام 1096م ؛ لكن المذبحة التى لا تمحى من التاريخ ؛ وهى المجزرة التى ارتكبها ذالك المحتل داخل بيت المقدس ؛ حوالى سبعون الف من المسيحين واليهود والمسلمين عزل بلا سلاح بما فيهم النساء والاطفال ؛ .. قتلوا بلا ذنب سوى انهم من سكان المدينة .. فالسؤال هنا لماذا قتلوا المسيحين اذا جاءوا لاسترداد بيت المقدس كما زعموا ؟؛وهل هذا منهج راقى واسلوب عادل فى معاملة العزل من الناس وفى ارض مباركة ..؟؛ ولا ينسى القارىء مافعلوه انصار الحضارة الغربية مع انفسهم من مجازر وحشية عقب الحرب العالمية الاولى والثانية وهم على سلم التقدم والرقى ايضا ؛ فهذا مشهد .
اما المشهد الاخر بعد اثنين وتسعون عام تمكن المسلمون تحت راية موحدة من استرداد بيت المقدس ؛ فبالرغم ماالحقته حامية المحتل الصليبى عقب مقاومتهم للجيش الاسلامى من ضرر ورفضهم الاستسلام الا ان المسلمون وافقوا على طلب المحتل للاستسلام والامان بعد ان استنفذ قواه امام المسلمون ؛ وهنا ترقب الصليبيون بخوف شديد حكم انصار الحضارة الاسلامية بهم ، هل يقتلوا عن بكرة ابيهم ثأرا لما فعلوه من قبل بالمسلمين ام يؤخذون عبيد كاسرى حرب ام يفرض عليهم فدية ضخمة يلتزموا بدفعها ومغادرة البلاد .
بل على النقيض تماما قرر انصار الحضارة الاسلامية العفو عن انصار المحتل الصليبى ؛ وسمحوا لهم بالمغادرة لبلادهم بامان بدون قطرة دماء واحدة ، ومنهم من فضل البقاء فى المدينة تحت حكم انصار الحضارة الاسلامية ؛ فدخل المسلمون بيت المقدس مكبرين فى ليلة االمعراج 27 من رجب عام 583 ه /2 اكتوبر 1187 م ؛ وتكفلوا بحفظ الامن العام بين سكان المدينة من المسيحين واليهود ؛ هذا المشهد الاخر .
اما المشهد الثالث فهو مشهد حى ومؤلم نعاصره مع اسلوب ومنهج المحتل الصهيونى فى القدس الشريف . وانى على يقين ان الصراع على القدس الشريف لم ينتهى اذا خرج المحتل الصهيونى من فلسطين بل سيستمر هذا الصراع ويزداد شراسة مع محتل اخر ربما بمنهج واسلوب اكثر وحشية وشراسة من ذى قبل ان لم يوحد المسلمون صفوفهم ويعيدوا مجدهم تحت راية العدل .
اذا من يستحق فعلا حكم بيت المقدس الشريف .. ؟!!.
ومن هم اصحاب الحضارة الراقية العادلة ..؟!!.
اللهم يا احد يا صمد لا اله الا انت نستودعك القدس الشريف فانت خير حافظا ونصيرا .
دمتم من الله فى سعادة ويمن وبركات

 

 

 

 

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.