اقترحت دراسة مصرفية حديثة، إجراء بعض التعديلات على قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 لسنة 2003، برفع الحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك، وبإزالة بعض القيود على ممارسة البنوك الإسلامية لكامل حريتها، وتنظيم عملها بالقانون.
وقالت الدراسة التي قام بها أحمد آدم الخبير المصرفي
إن هذا التعديل المقترح لابد فيه من مراعاة الظروف والمستجدات والوضع المالي للبلاد، وبالتالي فهناك نوعان من التعديلات يجب القيام بهما معاً من أجل دعم أوضاع الجهاز المصرفي، وكذا دعم الوضع المالي “المتردي” للدولة.
ويشمل التعديل الأول الذي اقترحته الدراسة عدة نقاط أولها الارتفاع بالحد الأدنى لرؤوس أموال البنوك التي تعمل تحت مظلة البنك المركزي المصري من 500 مليون جنيه إلى 500 مليون دولار (4.4 مليار جنيه تقريباً) وهذا من شأنه ضخ موارد في أوصال البنوك التي تعمل في مصر لن تقل عن 9 مليار دولار.
وأضافت الدراسة أن عدد البنوك العاملة بمصر حاليًا يبلغ 40 بنكاً تبلغ رؤوس أموالها 94 مليار جنيه، وبالتالي فزيادة الحد الأدنى إلى 4.4 مليار جنيه من شأنه أن تصبح إجمالي رؤوس أموالها ما لا يقل عن 177 مليار جنيه مع إصدار القرار، مع منح البنوك مدة لا تزيد عن 3 شهور لتعديل أوضاعها.
كما شمل التعديل ضرورة تحويل فروع البنوك الأجنبية العاملة في مصر إلى بنوك (أي شركات مساهمة مصرية) لها استقلاليتها عن البنك الأم ولها مجالس إداراتها المستقلة، ومراكزها المالية المستقلة، مع إصدار القرار ومنح فروع البنوك مدة لا تزيد عن 3 شهور لتعديل أوضاعها.
وأشارت الدراسة إلى أن فروع البنوك العاملة حالياً في مصر هي 5 فروع لبنوك عربية وأجنبية وهي لبنوك (العربي – المشرق – أبو ظبي الوطني – الأهلي اليوناني – سيتي بنك)، منهبة إلى أن فروع البنوك ترتبط ومباشرة بالبنك الأم وتعامل كأي فرع من فروع البنك الأم وقد حدد البنك المركزي المصري حداً أدنى لرأسمالها لا يقل عن 50 مليون دولار.
ولفتت إلى أن هذه الفروع تضاهي البنوك العاملة في مصر بل أن بعضها يفوق أغلب البنوك العاملة بمصر ولديها حصة مؤثرة من السوق المصرية وتحقق نتائج أعمال ممتازة، ولكن ارتباطها بالبنك الأم يرفع من نسب مخاطر تعرضها لمشاكل تأتي من خارج الحدود وبشكل مفاجئ مما قد يضر بالاقتصاد المصري خصوصاً في ظل اشتعال الوضع الاقتصادي العالمى.
ونوهت الدراسة إلى أن تحويل فروع هذه البنوك إلى شركات مساهمة مصرية سيخفف من حدة ارتفاع مخاطر إفلاسها لظروف خارجة عن إرادة السوق المصري، كما أن هذا سيدعم من رؤوس أموالها وسيدعم من الرقابة عليها لأنها ستنشر مراكزها المالية في الصحف المصرية، كما ينص قانون البنوك، وبالتالي ستظهر سلبياتها وإيجابياتها واضحة للكافة.
التعديل الثاني
وأوضحت الدراسة أن إجراء تعديل على القانون يسمح للبنوك الإسلامية بالعمل بحرية كاملة للاستفادة مما تمتلكه من سيولة كبيرة في ظل الصعوبات التي تواجه البنوك الإسلامية العربية في استثمار سيولتها الضخمة وبالتالي فالاستفادة من هذا الأمر لصالح الاقتصاد المصري أمر لا بد منه.
ولفتت إلى أنه من أجل تهيئة الأمر لأن تعمل هذه البنوك بكافة طاقتها لابد من تعديل عدة بنود بالقانون الحالي، منها تعديل البند “5” من المادة (60) من القانون والتي تحظر على البنوك التعامل في العقار أو المنقول بالشراء أو البيع أو المقايضة، باستثناء المصارف الإسلامية من هذا البند لأن أغلب أعمال هذه المصارف يكون من خلال بيع الأجل وبالتالي فلابد من السماح لها بالتعامل في العقار والمنقول.
كما تشمل التعديلات المقترحة إضافة ملحق أو باب به بعض المواد الهامة (5 مواد بخلاف التعديل سابق الإشارة إليه) وهي:
مادة (1): يقصد بالمصارف الإسلامية تلك التي تتضمن عقودها التأسيسية ونظمها الأساسية التزاماً بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وتباشر نشاطها وفقاً لهذه الأحكام.
مادة (2): تؤسس المصارف الإسلامية وتمارس نشاطها طبقاً لأحكام هذا القانون (قانون 88 بعد تعديله وإضافة هذه المواد) وتسري أحكام القانون (88 بعد تعديله) على هذه البنوك.
مادة (3): تشكل بقرار من مجلس الوزراء هيئة عليا شرعية تضم عناصر شرعية وقانونية ومصرفية تتولى الرقابة العليا على المصارف الإسلامية للتحقق من مشروعية معاملاتها وفقاً لأحكام الشريعة، وكذلك إبداء الرأي فيما يعرض على هذه الجهات من مسائل أثناء ممارسة نشاطها ويكون رأي هذه اللجنة ملزماً للبنوك الإسلامية (ويمكن أن تلحق هذه الهيئة بالأزهر الشريف).
مادة (4): يتعين النص في تأسيس البنك الإسلامي وفي النظام الأساسي له على تشكيل هيئة للرقابة الشرعية لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة تتولى مطابقة معاملات البنك وتصرفاته لأحكام الشريعة الإسلامية وقواعدها.
ويحدد النظام الأساسي لكل بنك كيفية تشكيل هذه الهيئة وأسلوب ممارستها لعملها واختصاصاتها الأخرى، وتعرض أسماء هيئة الرقابة الشرعية على الهيئة العليا المنصوص عليها في المادة السابقة لإجازتها قبل صدور قرار التشكيل .
مادة (5): على البنوك الإسلامية القائمة وقت العمل بهذه المواد أن توفق أوضاعها وفقاً لأحكامها خلال مدة 3 شهور من تاريخ العمل بهذه المواد.
وقالت الدراسة إن التعديل المذكور سيعمل على:
* ضخ استثمارات مباشرة في أوصال الاقتصاد المصري هو في أشد الحاجة لها مما سيخفف الضغط على الاحتياطيات الدولية لمصر من العملات الأجنبية، وكذا على ميزان المدفوعات وسعر صرف الجنيه المصرفي أمام العملات الأجنبية.
* البنوك الإسلامية الداخلة للعمل في مصر سبق لها العمل في بيئة صالحة لممارسة الصيرفة الإسلامية بشكل كامل وهو ما سينقل لنا خبرات نحن في أمس الحاجة إليها وهو ما سيؤدي لإثراء العمل المصري وتجديد المنافسة بين البنوك لما فيه صالح المواطن المصري والاقتصاد.
* يمكن لهذه البنوك إصدار صكوك إسلامية للحكومة المصرية لدعم مشروعات تضيف قيمة للاقتصاد المصري وتستطيع هذه المشروعات سداد التزاماتها بكفاءة وتحقيق عوائد جيدة.
* هذه البنوك بما تمتلكه من علاقات خارجية ببنوك إسلامية كبرى وكذا رؤوس أموال تبحث عن فرص توظيف علاوة على علاقات مع دول إسلامية واعدة مثل ماليزيا ودول شرق آسيا يمكن أن تستقطب استثمارات مباشرة من هذه الدول لداخل مصر تساهم في حل مشاكل التمويل التي يعاني منها الاقتصاد المصري.
* زيادة الحصة السوقية للبنوك الإسلامية بإضافة شرائح جديدة من عملاء لم تكن ترغب في التعامل مع البنوك وضعاً في الاعتبار أن الحصة الحالية للبنوك الإسلامية العاملة في مصر لا تزيد عن 5 بالمئة.
* احتمالات كبيرة بنجاح طروحات أي بنوك إسلامية تعمل داخل مصر لزيادة رؤوس أموالها بالبورصة المصرية وهو ما سيعمل على تدعيم البورصة، والارتفاع بحجم التعاملات ورأس المال السوقي.
* زيادة ناتج أعمال البنوك الإسلامية بعد تعديل قانون البنوك سيعمل على التأثير إيجاباً على أسعار أسهم هذه البنوك بالبورصة مما سيساهم في التعديل الإيجابي لمؤشرات البورصة.
* احتمالات نجاح مرتفعة لبيع المصرف المتحد وهو المملوك للبنك المركزي المصري ويشكل تعارض مصالح في امتلاك الرقيب للبنك.
* السماح للبنوك الإسلامية بعمليات بيع الأجل سيؤثر سلباً على معدلات نمو قروض التجزئة المصرفية لدى البنوك غير العاملة بالنظام الإسلامي، وهذه القروض قد شهدت معدل نمو قدره 344.3 بالمئة فيما بين نهاية يونيو 2005 عندما كانت تبلغ 37.9 مليار جنيه ونهاية يونيو 2015 عندما بلغت 168.4 مليار جنيه.
وهذا الانخفاض من شأنه دفع البنوك التقليدية للتركيز على القطاع الخاص والاتجاه مجدداً نحو خلق فرص ائتمانية جديدة له وخصوصاً للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.