الإثنين , نوفمبر 25 2024

ماجد سوس يكتب : حينما نتآمر على أنفسنا

نظرية المؤامرة:( Conspiracy Theory) هو مصطلح انتقاصي يشير إلى شرح لحدث أو موقف اعتماداً على مؤامرة لا مبرر لها، وعلى افتراضات تتناقض مع الفهم التاريخي السائد للحقائق البسيطة. وفقاً للعالم السياسي مايكل باركون تصبح نظرية المؤامرة “مسألة إيمان بموقف بدلاً من دليل”.
يعتبر العرب هم أكثر الناس استخداما لنظرية المؤامرة فهم لديهم اعتقاد راسخ بنظرية المؤامرة الغربية على الشعوب العربية والإسلامية لتدمير الثقافة والعادات والأخلاق العربية والدينية في المجتمع ويتم ذلك عن طريق استخدام وسائل الإعلام والسوشيال ميديا بخلاف محور آخر هو سرقة ونهب مقدرات وخيرات هذه الشعوب
أما المؤامرة الصهيونية على العرب فهي منتشرة بين الشعوب العربية بشدة حتى صارت كل كارثة تحدث للعرب يشار إلى أن اليهود هم وراء هذه المشكلة ونتيجة للحروب العربية الإسرائيلية ونتيجة للصراع اليهودي الإسلامي في التاريخ نتج عنه كراهية يتم زرعها في النشء منذ نعومة أظافره فأتذكر وانا صغير كنا نحفظ أناشيد ضد اليهود وضد جولدامائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة وموشي ديان وزير الدفاع إبان حرب أكتوبر.
والعرب بمخابراتهم واتصالاتهم يستطيعون أن يعرفوا من وراء كل ما يحدث لهم وهم دائماً ليس لديهم أي دليل على تورط الجانب الإسرائيلي في مشاكلهم ولكن وفقاً لنظرية المؤامرة يقحمون اليهود في كل شيء وأتذكر أنني كتبت يوما لأحدهم حينما قال إن الفتنة بين المسلمين والأقباط في مصر يقبع وراءها اليهود ويحركونها فكتبت قائلاً هل اليهود يصرخون في مسجد القرية إلى الجهاد لأن هناك كنيسة ستبنى هيا لنهدمها وهل اليهود يوسوسون في أذن الشاب أو الرجل المصري هلم نهدم الكنيسة ونحرقها ونحرق معها بيوت الأقباط هل اليهود وراء عدم تعيين الأقباط في الوظائف الهامة.
إن نظرية المؤامرة تمتد إلى كل شيء في حياتنا بل وتشكل شخصياتنا فمشكلة الصحة والتعليم والمرور والقمامة والتلوث والصرف الصحي إلخ كلها لا شأن لليهود بها
أما معاداة السامية فهي أيضاً من نظريات المؤامرة الشهيرة فاليهود هم وراء كل مصائب الدنيا فمن منتصف القرن التاسع عشر، انتشرت أفكار سعي اليهود للسيطرة على العالم عبر كتابات بروتوكولات حكماء صهيون ومن المؤامرات المتعلقة باليهود هو سيطرتهم على نظام المصارف عن طريق عائلة روتشيلد في نيويورك وعلى نظام الاحتياطي الفدرالي وأنهم يسيطرون على هوليوود، كاليفورنيا وعالم وسائل الاتصالات للدعاية لأهدافهم، وهذه الأخيرة تتجلى في نشر الإباحية وإباحة العري وعبادة الجنس كمحاولة لخلق نظام جديد تابع للمسيح الدجال، وهناك أفكار منتشرة أن الهولوكوست لم تحصل إنما هي كذبة يستعملها اليهود لتمرير مخططاتهم.
نظرية المؤامرة امتدت إلى الطوائف الدينية فكثير من المسلمين و خاصة الشيعة منهم يعتبرون أن البهائية هي حركة متأمرة ومتحالفة مع إسرائيل والإمبريالية الروسية و الاستعمار البريطاني والتوسعية الأميركية !!

وهناك من يرى أن من أسباب انتشار نظرية المؤامرة أنها تأتي من قبل الحكومات المستبدة التي تقوم بتثبيت نظرية المؤامرة في الشعوب لكي ترضخ الشعوب للحاكم وتسكت عن أي ظلم وتتوقف عن أي محاولة للتغيير خوفاً من المستقبل المجهول، فيقتنع الشعب أن وراء كل خراب مخطط غربي أمريكي صهيوني وكما قال الشاعر: “وراعي الشاة يحمي الذئب عنها فكيف إذا الرعاة لها ذئاب؟ ” .

في الفترة الأخيرة بدأ بعض الإعلاميين المصريين يتحدثون عن الماسونية ويرجعون لها كل ما يحدث لنا في الداخل والخارج وقبل أن نتكلم عن الأسباب التي دعتهم لهذا علينا في البداية أن نعرف ماهي الماسونية. الماسونية Freemasonry، معناها الحرفي بالإنجليزية البناؤون الأحرار (Freemasons) هي عبارة عن منظمة أخوية عالمية يتشارك أفرادها عقائد وأفكار واحدة فيما يخص الأخلاق والميتافيزيقيا تفسير الكون والحياة والإيمان بخالق إلهي. فهي تؤمن بإله واحد يعتبرونه مهندس الكون لكل الأرض لذا فلنتعايش معا لا وفقاً لأدياننا بل وفقاً لتعايش سلمي وأخلاقي ولكن نظراً لقوة المنظمة التنظيمية فقد انتشرت في معظم بلدان العالم ووضع لها دستور وشروط للانضمام لها

أصحاب نظرية المؤامرة يرون في هذه المنظمة أنها تتحكم في العالم وتتحكم في قراراته وتزرع الفساد في المجتمع وتمهد لحكم المسيح الدجال هذا التعريف يزرع الهزيمة والخوف في الشعوب، ويروا أيضاً إن السرية التي تتبعها هذه المنظمة بخصوص نشاطاتها يضع الكثير من علامات الاستفهام حولها، و أنها في حقيقتها عبارة عن منظمة سياسية و اقتصادية عملاقة هدفها الرئيسي هو الهيمنة على العالم عن طريق السيطرة على وسائل الإعلام و الاقتصاد العالمي والتغلغل في صفوف الكنيسة الكاثوليكية وحسب الموسوعة الكاثوليكية الحديثة فإن طوائف مثل شهود يهوه و المورمن وتيارات مثل الشيوعية و الاشتراكية و الثورة الفرنسية وحركة مصطفى كمال أتاتورك ماهي إلا تيارات تفرعت من الماسونية

نظرية المؤامرة ذادت جداً في مصر بعد ثورة يناير فمع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي مع وجود مساحة لحرية الرأي أصبح الدارس وغير الدارس يتكلم في السياسة والإقتصاد و الأمن فانتشرت نظرية المؤامرة بشدة بين الناس و أصبح التخوين صفة متلازمة مع أي عمل ناجح في مصر فإن قامت الحكومة المصرية بعمل مشروعات عملاقة و إن حاولت بناء الدولة الحديثة فهي في نظر أصحاب نظرية المؤامرة لا تفكر في البسطاء و إن ترشح فلان أو علان فهي خطة وضعتها الحكومة. حتى في العمل الإنساني ترى نظرية المؤامرة تطفو على السطح فمثلا كتبت إعجابي الشديد بما يقدمه الإعلامي عمرو أديب من بطاطين للمعوزين وتبنيه للطفلة التي إحتاجت زرع نخاع شوكي او تبنيه مساعدة قرية مسجد الروضة ففوجئت بتعليقات تتحدث أنه متآمر وهو يقوم بشو إعلامي وحين كتبت عن الرائعة فاطمة ناعوت وقوفها دائماً وبكل قوة بجانب الأقليات ولا سيما الأقباط تجد فوراً تعليقاً أنها تتاجر بقضية الأقباط. وأن الباحث المستنير إسلام بحيري وراءه مخطط عالمي لضرب الإسلام وهكذا

نظرية المؤامرة للأسف وصلت حتى إلى داخل المجتمع الكنسي وصار من يسعى إلى وحدة الكنيسة في المسيح هو متآمر ضد الإيمان المستقيم وأصبح أصحاب نظرية المؤامرة هم فقط العارفون والديانون يفتشون داخل ضمائر الناس منهم من يفتش بين سطور الكتب حتى يتصيد لغيره الأخطاء. ناسين متناسيين أن نظرية المؤامرة تتعارض مع المحبة التي لا تظن السوء
نظرية المؤامرة آفة تقضي على الأخضر واليابس فقد لا تكون هناك مؤامرات تحاك ضدنا بهذا الشكل والخوف أن نصدم بتلك الحقيقة المرة وهي حين نخشى من يتآمر علينا نتآمر على أنفسنا.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

لا تقلق أنها جملة اعتراضية!!

كمال زاخر الإثنين ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤ مازالت الرسائل التى تحملها الىَّ آليات العالم الافتراضى، على …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.