كتيبات تحرم الحب والغناء والاختلاط والنظر للنساء بـ2 جنيه.. والاوقاف تعلن: لسنا مسؤولين

دائمًا ما نجد أمام المساجد “فرشة صغيرة” يُباع عليها سُبح ومصاحف وكتب دينية وغيرها من المستلزمات البسيطة، وغالبًا ما تستوقف تلك الأشياء المصلين أثناء دخولهم أو خروجهم من المسجد وقد يفكر البعض شراء كتاب أو كتيب صغير لقراءته خاصة إذا كان ثمنه قليل أو عنوانه جذاب، لذا نطرح تساؤلاً ماذا يقرأ المصريون على تلك الأرصفة؟.

“اليوم السابع” أجرى جولة على عدة مساجد فى نطاق مناطق الجيزة ووسط البلد ورمسيس والدقى للتعرف على الأنواع المختلفة للكتب المتواجدة على الأرصفة والتبين من هل كلها من الكتب الدينية المعروفة أم لا؟، وهل هذه الأعمال من إنتاج علماء الأزهر الشريف؟، وهل تبث تعاليم الدين الوسطى الصحيح أم أن هناك كتب تدعو للغلو والتطرف الدينى؟.

ماذا يقرأ المصريون على أرصفة المساجد؟

الجولة بدأت من أمام مسجد الاستقامة بميدان الجيزة، حيث يتواجد أكثر من بائع كتب دينية، وتتصدر فراشاتهم الأعمال المعروفة لكل من الشيخ محمد متولى الشعراوى والدكتور عائض القرنى، وكذلك أعمال بعض من الدعاة الشباب وأبرزهم مصطفى حسنى وأيضًا كتب الأئمة الأربعة بالإضافة إلى بعض الكتيبات من تأليف كتاب غير المعروفين.

ومن أمثلة الكتب التى كانت معروضة فى تلك المنطقة كل من روضة الأنوار فى سيرة النبى المختار والعلاج بالرُقى من الكتاب والسُنة إعداد سعيد بن على بن وهف القحطانى وكتاب تفسير الأحلام وتعطير الأنام وفتاوى وأحكام المرأة المسلمة والقبر رؤية من الداخل وألفية العراقى فى علم الحديث تأليف الإمام الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقى.

وحول الكتب الأكثر مبيعا، يقول البائع الشاب بلهجة يغلب عليها الطابع الريفى :”لدينا هنا أعمال تُناسب جميع الفئات سواء الكبار المثقفين منهم أو من يريد التعلم والتعمق وكذلك أعمال تناسب الشباب الصغير والبنات أيضا”، مضيفًا: “بالطبع كتب الشيخ الشعراوى والدكتور عائض القرنى وتحديدًا كتاب لا تحزن من أكثر الأعمال مبيعًا، بالإضافة إلى الكتيبات الصغيرة فلدينا هنا كتيبات أسلوبها جميل للغاية وشيق و أنا قرأتها من قبل وأنصح كل من يأتى إلىّ بقراءتها كأعمال الدكتور مصطفى زايد فهى تدعى إلى الهداية والطريق الحق بأسلوب مُبسط وسهل فى الاستيعاب”.

وضرب البائع الشاب المثل بعدد من الكتب التى يجب شرائها وفقا لما يسمعه من زبائنه، مؤكدًا على أنه لم يقرأ كل الأعمال التى يبيعها، مضيفًا: “الكتب مثل لا تحزن لدكتور عائض القرنى، عمدة الأحكام وعمدة الفقه وأكثر من 100 دعوة و200 سؤال وجاوب فى العقيدة”، مضيفًا :”بالنسبة للكتيبات الصغيرة فإنه يوجد منها ما هو موجه للبنات فقط مثل على فين يا بنات؟، وكلام بنات، وفكيها شوية، وعندى ميعاد، وللبنات وبس، بينما من الكتب الموجهة للشباب مثل أنا أسد وبلسم الحياة وبحر الحب”.

وأوضح البائع الشاب، أن سعر الكتيب الواحد يصل إلى  2 جنيه، بينما الكتب تختلف حسب الكاتب والكتاب فعلى سبيل المثال كتب الشيخ الشعراوى تتراوح أسعارها من 30 إلى 80 جنيهًا، بينما كتاب “مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ” لجهاد التُربانى سعره 80 جنيه مُعلاً ارتفاع الثمن بأنه من النسخ الأصلية وليس التقليد.

الشيخ الشعراوى فى المقدمة

ومن ميدان الجيزة إلى منطقة الدقى وتحديدًا أمام أحد المساجد الكبرى لم تختلف الأعمال المعروضة على الفرشة الصغيرة عن نظرائها المتواجدين أمام مسجد الاستقامة، وبسؤال البائع عن الكتب الأكثر مبيعًا؟، أجاب: “كتيب الرقية الشرعية يُنافس أعمال الشيخ الشعراوى، بينما الكتب الأخرى تُباع بشكل غير منتظم”.

ومن الدقى إلى مسجد الفتح بميدان رمسيس، وهناك يوجد عدد من البائعين للأشياء المختلفة بجوار هذا الجامع الكبير وبخلاف المصاحف وقف بائع فى العقد الخامس من عمره وأمامه مجموعة من الشنط وبجانبه عدد من الكتيبات الدينية منها على سبيل المثال عالج نفسك بالقرآن من تأليف أبو الفداء محمد عزت وأحكام الجنائز من تأليف الشيخ محمود المصرى وأنذرهم يوم الحسرة من جمع وترتيب محمود المصرى “أبو عمار”، وبسؤال عن سعرها أجاب أن الثلاثة منهم بعشرة جنيه، وتعليقًا عن الأفضل فيها من حيث الأسلوب ودقة المحتوى أكد أنه لا يعلم أى شيء عما بها من محتوى، مؤكدًا أنه فقط اشتراها من منطقة العتبة بجانب لوازم أخرى وأتى إلى هذا المكان من أجل انتهاز فرصة خروج المصلين من مسجد الفتح وعرضها أمامهم ليس أكثر أو أقل، قائلاً بالحرف الواحد :”الأرزاق على الله بقى يا بيه”.

وسط البلد خالية من الفراشات

اللافت للنظر أن أغلب مساجد منطقة وسط البلد غابت عنها ظاهرة تواجد فرش كتب وسبح أمامها، وبسؤال أحد العاملين فى مسجد عمر مكرم عن وجود فرشة كتب فى هذه المنطقة، قال إنه لا يوجد فى هذا الحيز أى من بائعى الكتب الدينية بينما على الطرف الآخر من الميدان يوجد كتب أخرى، مضيفًا أنه يمكن إيجاد مثل هذا الفراشات أمام الزوايا الصغيرة، وليس أمام المساجد الكبرى فى نطاق وسط البلد وعابدين.

قراءة فى الكتيبات الصغيرة

جولة استكشاف ماذا يقرأ المصريون من على أرصفة المساجد، كشفت عن العديد من العوامل التى يجب وضعها فى الاعتبار منها أن الباعة أغلبهم يتعاملون مع الأمر كتجارة لا أكثر ولا أقل ولا يعلمون عن محتواها إلا القليل، وكذلك مازالت فى صدارة الأعمال الأكثر مبيعًا كل من كتب الشيخ الشعراوى والدكتور عائض القرنى، والرقية الشرعية وبعض الأدعية إلا أن الشيء المثير للتساؤلات هو بعض الكتيبات خصوصا الموجهة إلى فئة الشباب، وبناءً عليه قام “اليوم السابع” بإجراء قراءة سريعة فى 5 كتيبات.

وبشكل عام فإن الكتيبات الخمسة وهى على فين يا بنات؟، وكلام بنات، وبحر الحب، وبلسم حياتك وخليك أسد، كانت أغلبها باللغة العامية خصوصا الموجهة للشباب بل أن البعض قد وضع بها إيموشنات على طريقة منصات السوشيال ميديا، وخصية الشات بالمواقع المختلفة .

أولاً بالنسبة للكتيبات الموجهة إلى فئة البنات فقط، كتيب على فين يا بنات من تأليف يوسف محمود زمزم، ويقول الكاتب فى مقدمته :”يا آنسة.. يا آنسة.. أيوه إنتى!.. أنا قصدى عليكى إنتى يا اللى مساكنى وبتفكرى تقرئينى ولا لأ!.. أنا مين؟!.. أنا الكتاب اللى إنتى مسكاه ده ! بجد أنا فرحان جدًا جدًا إنك فتحتينى لأن أنا جوايا كلام كتير لازم تقرئيه لو حضرتك قرأتينى مش هاخد كتير من وقتك.. ساعة واحدة بس أنا محتاج أفضفض باللى جواايا وأدردش معاكى شوية أنا قصة جملية بين 12 بنت! لكن أنا مش أى قصة أنا قصة ممكن تغير حياتك دى كلها!.

وبنفس الأسلوب تدور حلقات داخل الكتيب التى حملت عناوين أنفلونزا الحب فى الحلقة الأولى وهى عبارة عن حوار خيالى بين فتاتين واحدة تقنع الأخرى بحرمانية الحب وتقول لها أثناء الحوار :”لو كنتى بتحبيه _تقصد الشاب_ كنتى خفتيه عليه من عذاب ربنا يوم القيامة بس المشكلة إنك عاوزه تكونى إنتى عذابه فى جهنم”.

وفى ثنايا الحوار التخيلى يسرد الكاتب عدة نسب لم يرد مصدرها منها أن 15% من علاقات الحب تنتهى تدريجيًا بالوقوع فى الفاحشة، و5% فقط تنتهى بالزواج الشرعى، أمّا 80% تنتهى بالانفصال.

أمّا الحلقة الثانية من كتيب على فين يا بنات؟، جاءت تحت عنوان فيروس السيئات وهى عبارة عن حوار تخيلى بين الأخت هدى وهيفاء، وفيه تقنع الأولى الأخيرة بحرمانية السينما عبر جولة خيالية فى الجنة والنار!، بينما الحلقة الثالثة كان عنوانها سرطان التبرج، وفيه تحاول عفاف إقناع فاتن بحقيقة الملابس الشرعية وأن ما ترتديه ليس حجابًا وهناك ضوابط شرعية لزى المرأة من ضمنه تحريم البنطلون بشكل كامل حتى وإن كان بمواصفات خاصة.

ويضيف الكاتب على لسان الشخصيات الخيالية العديد من النقاط فى هذا الفصل منها أن المتبرجة سلاح مع إبلييس، وأن التبرج خيانة عظمى للإسلام، وأيضَا تقوم المتبرجة بمساعدة اليهود دون أن تشعر، مشيرًا إلى أن اليهود نظروا فوجودا أنهم لن يستطيعوا إفساد الشباب.. ووجدوا أنهم لن يستطيعوا إفساد الشباب إلا من خلال جعل المرأة تخرج متبرجة.

بينما الحلقة الرابعة جاءت بعنوان “ميكروب الأغانى” ويسعى لتوصيل فكرة مفادها سماع الأغانى حرام وشراء الألبومات لا يجوز، أمّا الحلقة الأخيرة فعنوانها “مستشفى التائبات لإسعاف البنات” وتتحدث عن رجوع البنات عن الأشياء المحرمة وفق لمّا أورده الكاتب فى فصوله السابقة مثل الحب وسماع الأغانى والتبرج.

وعلى نفس الدرب والأسلوب، سار كتيب كلام بنات “girls Talking” لكاتبة تدعى تسنيم عماد فاروق، وترى فى مقدمتها أن الله يختار كل من يقع بين يديه هذا الكتيب كرسالة منه إليه للتعرف على حكمته بين سطور هذا الكتيب.. وتقريبًا لم يختلف محتواه عن سابقه ما بين الحديث عن التبرج ومواصفات الحجاب وأهمها عدم اترداء البنطلون من الأساس، وكذلك عدم الحديث مع الشباب فى الجامعة إلا لضرورة، وكذلك تناول بعض الجوانب الشرعية من أهمية قراءة القرأن والالتزام فى الصلاة.

أمّا كتيب “خليك أسد” من تأليف دكتور مصطفى زايد، يدور حول كيفية تقويم خلق الشباب إلا أنه يرى فى كتابه أن النظر للنساء غير المحارم بشهوة أو دون شهوة حرام وأيضًا حرمانية عمل شات مع البنات، إضافة إلى ذلك يتحدث الكتيب عن كيفية مواجهة إدمان المواقع الإباحية والعادة السرية، وأهمية استغلال الانترنت ليكون شلال حسنات عبر الدعوة أو التعامل الأشياء المساعدة منها عمل فيديوهات وغيرها من الأمور الفنية.

فيما، دار كتيب بلسم حياتك من تأليف دكتور محمد العجوز عن أهمية الالتزام بكتاب الله وقراءته وتدبر معانيه فى كل الأوقات لكن بلغة عامية وفى صورة قصص قصيرة،، بينما كتيب بحر الحب لنفس الكاتب تناول العديد من المحاور منها تحت عنوان “ايه هى رسالة الشكر اللى هتقدمها لربنا؟!”، واستطرد يا ترى هتبدأ تحافظ على الصلاة؟، وياترى هتبدأ فى حفظ القرآن؟، يا ترى يا أختى هتلبسى حجاب صح بدل البديهات والفستات والكعب العالى والأسبانش؟.

واستشهد الكاتب فى كتيب بحر الحب بمقولة نسبها للمطرب المعتزل فضل شاكر  للحديث عن أهمية كراهية الأغانى والالتزام بقراءة القرآن ونصها :”إلى من إبتلى بسماع الأغانى، قسمًا بالله يا أخى ويا أختى عمرى الآن 44 سنة ولم أرتاح ولم أجد حلاوة الدنيا إلا بعد تركى هذا المجال”.

وفى إطار حديث الكتب عن الأمور التى ليست دليل على حب هناك عدة نقاط يجب التوقف عندها وجاءت بالنص “هزارك مع البنات والضحك والاختلاط اللى مفيهوش أى ضوابط والمكالمات والصحوبية لوش الفجر والـ chattin ده مش حب..”، ويضيف الكاتب :”وكونك إنك بتضحكى على نفسك إنك محجبة عشان مغطية شعرك فى حين إن جسمك باين لأنك للأسف غطيتى شعرك آه.. لكن.. بناطيل مجسمة جسمك ومفصلاكى حتة حتة.. بديهات.. طرح اسبانش.. وممكن جيبات وعبايات ضيقة.. ده غير الجزمة “البلارينا” اللى بتبقى مبينة نص رجيلكى.. والكعب العالى والطقطقة طول ما أنتى ماشية.. ده غير أضرارها على المفاصل والأعصاب.. ده غير الكوارث اللى بقت فى لبس البنات.. ده مش حب”.

ردود رسمية

ما تم عرضه فى السابق يدفع لطرح تساؤلات هل نحتاج إلى رقابة على مثل هذه المنتجات؟، ومن الجهة المسئولة عن المتابعة؟، وهنا يقول عمر حمروش أمين سر لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب ومدرس الفقه بكلية الشريعة والقانون: “الكتب الدينية يجب أن يتم شراؤها أو الإطلاع عليها عبر المكاتب المُرخصة ويكون المسئول بها على العلم بالمحتوى الأعمال المعروضة”، مضيفًا: “بالنسبة للفراشات أمام المساجد أرى أن الظاهرة ليست منتشرة بكثرة إلا أنه ينبغى وجود رقابة على من الجهات الدينية المعينة على مثل هذه الأعمال حتى لا ندع فرصة لأى فكر يبعد عن الوسطية الدينية أن يأخذ مساحة للانتشار”.

واستطرد أمين سر اللجنة الدينية بالبرلمان حديثه، قائلاً: “انتهز هذه الفرصة لأحى وزارة الأوقاف على دورها فى الفترة الأخيرة بالاهتمام بمكاتب المساجد، وجعلها خالية من التطرف بنسبة تقترب من الـ100%، وكذلك محاولتها نشر الفكر الوسطى عبر الوسائط المتعددة”، مضيفًا: “وأتمنى معالجة مسألة الفراشات أمام المساجد بهدوء وموضوعية خصوصا أن هؤلاء الباعة من البسطاء، ولا يجب أن يتخذ عدم علمهم بمحتوى الكتب ذريعة من أجل الإضرار بمصادر رزقهم، لذا لا ينبغى التعسف معهم، والتروى قبل اتخاذ أى قرار”.

فى نفس السياق، قال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، إن الوزارة الممثلة فى إمام المسجد المسئول ليس له أى سلطة على ما يباع أمام المسجد، مؤكدًا على أن فكرة وجود باعة أو أى شيء أمام المساجد فالجهة المعنية بهذا الأمر هى شرطة المرافق والجهات الحكومية الأخرى.