بقلم . شحات عثمان كاتب و محام
الغرائز هى تلك القوة الداخلية البيولوجية التى تدفع الفرد إلى فعل سلوك معين بهدف إشباع حاجات إنسانية وبذلك يتم التخلص من التوتر الناتج عن عدم تحققها هكذها عرفها معظم المحللين النفسيين والنظريات المختلفة مثل نظرية عالم النفس ( فرويد ) ولكى يتم الوصول الى مرحلة الأشباع نجد أن هناك العديد من الوسائل المباحة والمحرمة التى تتراقص أمام الانسان فى لحظات النشاط البيولوجى لتلك الغرائز .
من ضمن تلك الغرائز غريزة الجنس،وقد يفترض البعض انها ترتبط بمرحلة عمرية معينة لكن من القراءات السابقة والمصادر المختلفه وبعد البحث يتضح ان تلك الغريزة تبدأ من مرحلة الطفولة المبكرة وحتى مرحلة الشيخوخه مع الوضع فى الاعتبار انها طوال تلك السنين تصعد وتهبط حتى تبلغ أوجها فى مرحلة المراهقة .
لإشباع تلك الغريزه كما تناولت فى بعض المقالات السابقة كان هناك وسائل وطرق تؤدي الى تحقيقة وذلك عند الحديث عن الجرائم الالكترونية ووسائل التواصل الأجتماعى والأنفتاح الغير مسبوق بين الحضارات والثقافات والبيئات الأجتماعية المختلفة حتى أصبح العالم كالقرية الصغيرة وكان الانترنت والفضائيات اهم عناوين الأشباع فى ظل القيود الموروثة الى حد ما فى مجتمعاتنا الشرقيه وخلفياتنا الروحية .
قبل ما يزيد عن ال 1439 عام قال الذى لا ينطق عن الهوي صل الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود قَالَ : ” كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لَا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ منكُم الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) وبهذه الكلمات الجامعة المانعة ظهرت الأسباب المؤدية لإستثارة تلك الغريزة التى تواجدت فى كل الكائنات الحية عى وجه البسيطة وكذلك علاجها وكبح جماحها ، وقليل من يتدبر ويفهم وهذا حالنا .
من الحديث الشريف نلاحظ أن أطلاق النظر وعدم غض البصر ووضع العراقيل الإجتماعية بارتفاع المهور وتكلفة الزواج أمام الراغبين فى الزواج تحت ستار الأعراف والعادات والتقاليد هو تأشيرة الدخول لمرحلة نشاط تلك الغريزة المغروسة فى الأجساد وكان العلاج أيضا من الحديث الشريف بالصوم وهو فريضة لديها القدره على كبح جماح ذاك الفوران العاطفي وتهذيب النفس .
يوماً بعد يوم ومع تطور تلك الوسائل الإعلامية والبعد عن التعاليم والثقافات الروحية أصبح أطلاق النظر وعدم غض البصر درباً من دروب المستحيلات فلم يعد تحريك تلك الغرائز قاصر على الرؤيا المباشرة فى محيط الدراسة والعمل والشارع بل أصبح متاحا بيسر وسهوله عبر تلك الأجهزة الإلكترونية والهواتف المحمولة وغيرها ، وكان لبرامج التواصل الأجتماعي المنشورة على المنصات العالمية الفضل والريادة فى تدمير المجتمعات والفئات العمرية المختلفة من الطفولة الى الشيخوخه ، هناك الكثير والكثير من الوقائع التى شاهدناها يشيب لها شعر الرأس ولنا ان نتخيل مدى الدمار الذى لحق بالأسر العربية من المحيط الى الخليج من جراء تلك البرامج .
كتبت فى السابق سلسلة من المقالات تناولت فيها كيف تمكن مروجي برامج التواصل الأجتماعى أو سحرة فرعون عصر العولمة وربما يكون التوصيف فيه إجحاف عند المقارنه من أختراق الحجب وهتك الستائر والأعراض وخدش حياء المجتمعات وهتك بكارة العفة فيما تبقي لدينا من إنسانية تحت ستار الدين من قبل أصحاب القنوات الفضائية فقد جعلوا من أصوات أشهر القراء وألمع الخطب المنبريه على شياطين فى صورة حروف الدعايات للمنشطات الجنسية وقد بينت وقتها ان اصحاب تلك القنوات يبتغون الربح المادي والقيت بكامل المسؤوليه على مقص الرقيب وسلطات الأعلام فى المجتمعات وتحدثت أيضا عن البرامج على الشبكة العنكبوتية وكيف انها اصبحت وسيلة إعلامية رخيصة فى سلب مشاعر الشباب بالضغط على أوتار تلك الغرائز ، وتناولت ايضا الجهل الأجتماعي فى التعامل مع كل ما هو وارد الينا من الخارج وكيف أننا أصبحنا نعتقد أننا بعيدين كل البعد عن المحيط الخارجي بمجرد البقاء خلف جدران مغلقة ممسكين بتلابيب تلك الأجهزة.
إن جرائم التهديد الألكترونى والأبتزاز من الجرائم الالكترونية أصبحت الآن فى المجتمعات من أعلى نسب الجرائم التى تئن منها أروقة المحاكم ومكاتب المحامين أو تئن منها الأرواح والنفوس عند عدم الأبلاغ عنها خشية الفضيحة فى المجتمعات .
والحديث عن الجرائم الالكترونية بسبب وسائل التواصل الاجتماعي لا يسلم منه الكبير أو الصغير وذلك لسوء ثقافة التعامل مع تلك البرامج وكيفية مهارة سحرة فرعون فى تسويقها فقد فاقوهم بمراحل كبيرة وأصبح المتلقي مجبراً احيانا على مشاهدتها مهما كان حريصاً .
البعد الأخلاقي والروحى العقائدى فى المجتمعات و بقاء بعض ذرات النخوة ربما يكون طوق النجاه لما وصل اليه الحال هذا ما نتمناه لكن حتى هذا الأمر اصبح صعب المنال فالخوف من المجتمع والفضيحة اصبح أهم من الخوف من الله وأصبح سبحانه وتعالى يعتبرونه أهون الناظرين وذلك لأن الله يستر والعبد يفضخ .