أثار قرار السلطات السعودية، باعتقال الملياردير ورجل الأعمال السعودي الجنسية، محمد بن حسين العمودي، جدلاً واسعاً حول مصير استثماراته في إثيوبيا، ومدى تأثير قرار توقيفه على تمويل “سد النهضة” الإثيوبي، خاصة وأنه من أكبر رجال الأعمال الممولين للمشروع.
ويعد العمودي، الذي ولد في إثيوبيا، من أم أثيوبية وأب حضرمي من منطقة دوعن بمحافظة حضرموت، أكبر مستثمر فردي في إثيوبيا، حيثُ يمتلك هناك مجموعة مصالح، تعمل في قطاعات الفنادق ومناجم الذهب والإسمنت، وزراعة الذرة والأرز، وتقدر ثروته بنحو 13.5 مليار دولار.
ويعد رجل الأعمال السعودي من أكبر الداعمين لسد النهضة الإثيوبي، ففي سبتمبر 2011، أعلن العمودي رسميًا عن تعهده بدفع ما يقرب من 90 مليون دولار للسد، لا سيما لمرحلة البنية التحتية، قائلًا: إن السد أطلق رسميا في أبريل 2011، على النيل الأزرق، وستصل قدرته التوليدية إلى 5250 ميغا بايت، وهي 3 أضعاف إنتاج إثيوبيا من الكهرباء.
وتري صحيفة البوليتيكو الأمريكية أن توقيف العمودي من قبل السلطات السعودية؛ للتحقيق بتهم تتعلق بالفساد، سيؤثر على تمويل “سد النهضة”، مؤكدة أنه سيؤثر على استثماراته في أديس أبابا، لكونه أكبر مستثمر فردي هناك.
وقالت الصحيفة أن إثيوبيا ستتأثر بالقبض على العمودي، مشيرة إلى أن تمويل السد سيتأثر كذلك؛ لكونه من أكبر الممولين للمشروع.
و سيكون حجم التأثير لن يكون كبيرًا؛ خصوصًا وأن حجم تمويل السد ضخم، ويحتاج إلى تمويل من دول وليس أفراد، مضيفة أن إثيوبيا متأثرة بشكل عام بالتمويل، وهو ما أجل الانتهاء من بناء سد النهضة، عدة مرات.
وكان من المفترض أن ينتهي بناء السد في 2015، إلا أن إثيوبيا أجلته لضعف التمويل الخارجي، مؤكدًا أن مصير إنهاء السلطات الإثيوبية لبناء السد غامض.
ويقع السد الإثيوبي في منطقة “بينيشانغول”، وهي أرض شاسعة جافة على الحدود السودانية، تبعد 900 كيلو متر شمال غربي العاصمة أديس أبابا، وتكلف المشروع حتى الآن نحو 4.7 مليار دولار، وتصل سعته التخزينية لـ74 مليار متر مكعب، و هي مساوية تقريبًا لحصتي مصر والسودان السنوية من مياه النيل.
وأكدت الصحيفة نقلاً عن مصادر سودانية رسمية وفنية زارت موقع سد النهضة لأكثر من مرة منذ بداية عمل اللجنة الفنية الدولية فى 2012 حتى وقت قريب، أن شركات رجل الأعمال السعودى الشيخ محمد العامودى هى الداعم الأول والشريك الرئيسى لإدارة الإنشاءات فى مشروع السد مع شركة “سالينى” الإيطالية من خلال مصنعين للأسمنت يتم توريد معظم إنتاجهما إلى سد النهضة، فضلا عن الشحنات التى يوردها مصنع Messebo الوطنى التابع للحكومة الإثيوبية.
ووفقاً للمصادر، فمصانع العامودي تمد شركة “سالينى” بمتطلبات مواد البناء، خاصة الأسمنت اللازم لبناء السد فى مراحله الأولية، بينما تم توقيع عقود شركات وسيطة مملوكة أيضًا لرجل الأعمال السعودى لتقديم الخدمات اللوجيستية للمشروع.
وينتج مصنع “ديربا ميدروك” Derba Midroc Cement المملوك للعمودى، والذى بدأ تشغيله فى فبراير 2012، 25% من احتياجات الأسمنت فى إثيوبيا، حيث ينتج 8 آلاف طن يومياً، بتكلفة استثمارية بلغت 800 مليون دولار، وتم بناؤه بالتعاون مع شركة صينية، بينما تم تمويل النسبة الأكبر من خلال استثمارات مباشرة من شركة “ميدروك”، والجزء الآخر بقروض من بنك التنمية الإفريقى وبنك الاستثمار الأوروبى، وبنك التنمية الإثيوبى.
ووفقا للمعلومات، تورد الشحنات المتطلبة لعملية بناء السد من خلال عدة أنواع من الأسمنت، التى تعد الأفضل والأنقى والأنسب لبناء السدود، وتتضمن هذه الأنواع (OPC) و(PPC) و(PLC) و(LHPC)، التى سبق الاعتماد عليها فى بناء سد جيبا 1 وجيبا 3 على نهر أومو.
وتعاقدت الشركة التابعة للعامودى مع “كارجو وير” المتخصصة فى تقديم الاستشارات والتسهيلات اللوجيستية لوضع خطة لنقل مواد البناء، من خلال أسطول من النقل يتضمن 1000 شاحنة من طراز فولفو، لنقل آلاف الأطنان من الأسمنت من ميناء جيبوتى والمحاجر، إلى مصنع “ديربا ميدروك” للأسمنت ونقل الكميات المتطلبة إلى موقع سد النهضة وعدد من المشروعات الإنشائية الأخرى.
وبدأ التعاقد مع شركة كارجو وير فى 2012 لتقديم الخدمات اللوجستية والنقل من خلال نظام FleetLogiX، لتحديد الكميات المتطلبة لمواد البناء والاحتياجات اللوجستية، ووفقا للتقارير السنوية المنشورة على موقعها حققت الشركة أعلى معدل إنتاج للأسمنت بواقع 3 ملايين طن سنويا منذ الربع الأول من عام 2013، وبدأت العمل فى المرحلة الثانية لإنتاج ضعف الكمية خلال العام الواحد، وهو ما قد يتطلب أسطولا أكبر من الشاحنات لنقل هذه الكميات إلى موقع السد.
وقال موقع شركة كارجو وير إنها تعمل وفق نظام متكامل لتقديم الخدمات اللوجستية، حيث أنشئت وحدات خاصة بالصيانة والتعامل مع طبيعة الطرق الوعرة من ميناء جيبوتى إلى مصنع الأسمنت وموقع بناء السد، من أجل توفير ما يقرب من 10% من النفقات.
وتعتمد إثيوبيا فى استثماراتها فى قطاع الأسمنت على الخليج والصين بشكل أساسى وفقا موقع جلوبال سيمنت، بالإضافة إلي استثمارات العامودى، تم التعاقد مع شركة قطرية لاستثمار 550 مليون دولار فى إنتاج الأسمنت دون الإعلان عن تفاصيل الخطة المقدمة إلى الحكومة الإثيوبية.
وقال مصدر حكومى مصرى مطلع على الملف إن إثيوبيا لديها نقص شديد فى سوق الأسمنت مع بداية الإنشاءات فى موقع سد النهضة، مع ارتفاع تكاليف الاستيراد من كينيا عبر ميناء مومابسا، لذا بدأت المفاوضات مع العمودى باعتباره أكبر المستثمرين فى السوق الإثيوبية، ولموقفه الداعم لبناء السد باعتباره مسار تنمية اقتصادية فى الدولة الإفريقية، حيث سينتج طاقة كافية لتشغيل مصانع واستثمارات رجل الأعمال السعودى.
وأوضح المصدر أن عدد من الاتصالات أجريت بالفعل من القاهرة مع وسطاء سعوديين حول إمكانية استغلال الموقع القوى للعامودى فى إثيوبيا لصالح دعم مواقف القاهرة بشأن السد.
وأوضح المصدر أن حصول رجل الأعمال السعودى على مساحات شاسعة للزراعة فى أقليم بنى شنقول معلومة مؤكدة، لكن المعلومات الفنية تقول إن هذه المنطقة يصعب زراعتها وتزداد تكلفة إمدادها بوسائل الرى المتعارف عليها، وهو ما يثير علامات استفهام حول مدى جدوى حصول مستثمر أجنبى على أراضٍ للزراعة يصعب استصلاحها أو تعتمد على مياه الأمطار غير المستدامة