بقلم: د.ماجد عزت إسرائيل
تشهد مصر منذ سبعينات القرن المنصرم ظاهرة إبادة رجال(الإكليروس) الكهنوت ــ رجال الدين المسيحى من أساقـفه وقساوسة وقمامصة وشمامسة ـــ حيث تعرض ثلاثـة من الكهـــنة بناحية محافظة سوهـاج (جـنوب القاهرة) فى سبتمبر2012م لحـــادثة مرورية، حيث تسبب سائق سيارة نقل محملة رمل
فى وفـاة ثلاثة كهنة،والغريب أن السائق خرج بدون كفالة من سراى النيابة
كما قتل كاهـن مدنية العريش القس “مينا عبود” على يد جماعة ملثمين فى يوليو 2013م، ونجى خمس كهنة فى مدنـية البحيرة من محاولــة القتـــل،وأيضا نجى رهبان دير أبو فانا من محاولة القتل الجماعية.
كما تعرض العديد من أساقفة مصرفى السنوات الأخيرة لمحاولات قـــتل نذكر منها، حادثة مقتل أسقف سيناء المتنيح نيافة الأنبا “مكارى: فى يوليو 2000م بحادثة بطريـق مصر الأسماعلية،ونجى نيافة الأنبا “يــــوانس” الأسقف العام من محاولة الأعتداء عليه فى أحداث الكشح الأولى فى 3 ديسمبر1999م
وأيضا فى شهر أغسطس 2013م نجــاة نيافة الأنـبا “أغـــــاثون” أسقف مغـاغة والعــــدوة من محاولة قتــــل،وفى 30 سبتمبر 2013م تــعرض الأنبا “مكاريوس” أسقف عام مدينة المنيا لمحاولة أغتيال، أثناء تقديم واجب العزاء ولكن العناية الآلهية انقذته. وفى 19 مايو 2013 م فى عهد الرئيس المخلوع “محمد مرسى”تم تهديد البطريرك “الأنبا تواضروس الثانى” البابا رقم (118)(2012م)-ـ
أطـــال الله عــــمره سنين عدة وأزمنة سلامية -بالقتل، ومنع من مغادرة مقره بالـدار البطريركية بالقــاهرة،حيث كان من المفترض حضور، أفتــتاح مكتبة بدير السريان،وكان فى أنتظاره سـفراء لبعض الدول الأجـــنبية مصر،وحاول تأخير المعاد ولكن باتت كل المحاولات مع بالفشل،لتحزير رجال الأمن له بخطورة الموقف
وفى حواره مع الأعــلامى “خيرى رمضان” لقناة( السى بى سى)، فى أواخر شهر سبتمبر2013م، وذكر البابا أن سبب منحه الدولة له سيارة مصفحة للتـــهديد المستمر.
وفى يوم الخميس الموافق 12 أكتوبر قتل القمص “سمعان شحاتة” راعي كنيسة القديس يوليوس الأقفهصي، بعزبة جرجس التابعة لإيبارشية الفشن، بمحافظة بني سويف، حيث كان القمص سمعان فى خدمة كنسية بمنطقة مؤسسة الزكاة بمدينة السلام بالقاهرة وبرفقته القس “بيمن مفتاح” ـ كاهن كنيسة الملاك بعزبة فرنسيس بمركز مطاي محافظة المنيا بالقرب من منطقة مؤسسة الزكاة بمدينة السلام بالقاهرة .
ووصف لنا القمص بيمن الحادثة حيث ذكر قائلاً:” ذهبنا معا لمخزن السلام للحديد والتسليح لتأدية بعض الأعمال، ولكن القمص شحاته ترك تليفونه بالمخزن فعودنا لإحضاره،وعند وصولنا وقفت بالطريق بسيارته، وطلبت منه أننى إنزل لإحضاره ولكنه رفض، وطلب منى أنتظاره بالسيارة حتى أعود إليه،فطلبت من السائق المرافق لنا ويدعى “جرجس كامل” أن يذهب بصحبة القمص سمعان
وعند نزول القمص سمعان أسرع المتطرف الإرهابى ويدعي”أحمد سعيد إبراهيم السنباطى” بالجرى خلف أبونا سمعان الذى حاول الهروب منه فأسرع القمص تجاه مدخل مخزن الحديد.
وهنا قام الإرهابى بضربه على رأسه فسقط بالقرب من المدخل الرئيسي للمخزن،وبعدها طعنه بعدة طعنات فى الجانب الأيسر والرقبة والبطن، ثم رشم علامة الصليب على مقدمة رأس الكاهن باستخدام السلاح الأبيض، وتركه وهرب حتى أسرع بعض المواطنين بالقبض عليه قرب معسكر للأمن المركزى بمنطقة السلام، وتم تسلميه للأمن”.
ونتمنى من الله العدل فى هذه القضية، وأن لا يتم الأفراج على الأرهابي بحجة أنه مختل عقلياً أو مريضى نفسى، لأن العدل أساس الملك.
والعدالة عزيزىي القارىء فى المسيحية ورد ذكرها فى الكتاب المقدس فى العديد من الآيات نذكر منها على سبيل المثال: ” عَادِلٌ أَنْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ وَجَمِيعُ أَحْكَامِكَ مُسْتَقِيمَةٌ وَطُرْقُكَ كُلُّهَا رَحْمَةٌ وَحَقٌّ وَحُكْمٌ”. (سفر طوبيا 3: 2)،و”نَحْنُ أَنْفُسَنَا نَفْتَخِرُ بِكُمْ فِي كَنَائِسِ اللهِ، مِنْ أَجْلِ صَبْرِكُمْ وَإِيمَانِكُمْ فِي جَمِيعِ اضْطِهَادَاتِكُمْ وَالضِّيقَاتِ الَّتِي تَحْتَمِلُونَهَا، بَيِّنَةً عَلَى قَضَاءِ اللهِ الْعَادِلِ، أَنَّكُمْ تُؤَهَّلُونَ لِمَلَكُوتِ اللهِ الَّذِي لأَجْلِهِ تَتَأَلَّمُونَ أَيْضًا” (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل تسالونيكي 1: 4، 5)،والعدالة فى المسيحية ساهمت الكنيسة فى تحقيقها، من خلال توفير الرعاية الكاملة للفقراء، والمحتاجين ورعاية المرضى،
بدون حصول الكنيسة القبطية على ميزانية من الدولة ” والسيد المسيح نفسه كان يجول يصنع خيراً وينشر العدل والمحبة والسلام.
على أية حال، منذ عهد الرئيس محمد حسنى مبارك(1981- 2011م) وحتى يومنا هذا والأقباط فى مصر يهمشون فى شتى المـجالات،ولكن عندما تصل الأمور إلى ساحات القضاء ويتم التهمش فهذا جرس أنذار يبشر بالظلم،وعـدم العدالة والمساواة بين المواطنين المصريين، وهذا ما يدفع الأقباط فى مصر فى وقتنا الحالى بالبحث عن فرصة للهجرة،أو اللجوء إلى إى دولة ـ وربما يكون السبب الرئيسى العدالة الغائبة، وعدم أحساس المواطن القبطي بالأمان.
وللأمانة التاريخية يجب هنا أن نذكر بعض القضايا التى غابت عنها العدالة،قضية الكشح الأولى والثانية، وقضية نجع حمادي، وشهداء أبوقرقاقص بمدنية المنيا،ومذبحة الإسكندرية فى يناير2011م، ومذبحة ماسبيرو9 أكتوبر2011م، وأمبابة، ومنشأة ناصر، وتفجيرات الكنيسة البطرسية بالعباسية فى أواخر ديسمبر 2016م، وتفجيرات كنيستى طنطا والإسكندرية فى عام 2017م، وقتل 28 من الأقباط فى أثناء زيارتهم لدير الأنبا صموئيل المعترف، وقتل 12 جندى داخل الجيش المصرى – والسبب الانتحار – وهدم الكنائس والأديرة عام 2013م، والتهجير الجبرى” الهجرة الداخلية الأجبارية للأقباط” مثل أقباط العريش فى الأونة الأخيرة، والنهب والسلب لمنازل ومحلات الذهب والمتاجر القبطية. وقضايا قتل الآباء الكهنة والأساقفة، وقضايا القاصرات. والسؤال الذى يطرح نفسه أين القانون؟ والعدالة فى كل هذه القضايا؟.
وأخيراً،أتمنى من الرئيس “عبد الفتاح السيسي” النظر إلى هموم الأقباط ومشاكلهم وقضاياهم. لا يمكن أن ننكر لسيادتكم أعادة الدولة المصرية من يد أهل الشر، وأيضًا أعادة الأمن والسكينة للبلاد والحد من ظاهرة الإرهاب، وأيضًا فى قضايا بناء الكنائس، وكذلك فى تشيد كاتدرائية القاهرة الجديدة، وغيرها ونعلم أن سيادتكم تريد بناء مصرنا الحديثة، ولكن يد الإرهاب الداخلى أو “أهل الشر” مازالوا يعملون بالمؤسسات الحكومية،وربما هذا ما يسسب الإرهاب الداخلى ضد أقباط مصر.
نتمنى من الله ومن الدولة الأستفادة من كل شبابها المصريين وتوظيفهم والاستفاده منهم كقوة عامله،وأتمنى من القضاء فى مصر الذى علم العالم منذ فجر التاريخ القوانين والأنظمة القضائية ومن القضاه، البحث عن أسباب العدالة الغائبة لتحقيق الخير لمصرنا العزيزة.