د . مرفت النمر
هكذا قال السيد المسيح عندما قابله الشاب الغني متسائلا(ماذا افعل لكي ارث الملكوت؟ فأجابه الرب يبيع كل ما لك علي الارض واعطيه للفقراء واتبعني)
فحزن الشاب لأنه كان غنيا جدا لذلك اعلنها الله صريحه بأن مرور جمل من ثقب إبره ايسر من أن يدخل غني ملكوت الله و تكرّرت هذه الآية ثلاث مرّات في العهد الجديد- متى ١٩: ٢٤، مرقس ١٠: ٢٥، لوقا ١٨: ٢٥
ومعناها العامّ: استحالة دخول الغني الغبي ملكوت الله كاستحالة دخول الجمل خُرم الإبرة.
وخرم الابرة هنا لا يقصد به ‘برة الحياكة ولكن يقصد بها باب خرم الإبرة
وهو اسم باب قديم بين أبواب أورشليم الكثيرة يوجد بداخله باب صغير يسمي “خرم الإبرة”
فكان الحراس يغلقون الباب الكبير بعد غروب الشمس بينما يتركون باب ثقب الإبرة الصغير
لكى يمر منه الفلاحون والتجار القادمون من أراضيهم وبلادهم من خارج أورشليم
حاملين البضائع والأمتعة ولم يكن يتّسع لمرور الجمل المُحمّل بالبضائع
إذ كان يتوجّب على صاحبه النزول علي الأرض وتفريغ البضاعة بالكامل لكي يتمكّن الجمل من الدخول
مدبدبًا على ركبتيه (راكعا , ساجدا )
وهذه الصورة تنبه الاغنياء الأغبياء بأنّه يجب عليهم التقرّب الي الربّ ساجدين على ركبتيهم
نافضين عنّهم أثقال الحياة تاركين المال والسلطة والأبناء و الغني الأرضي منتقلين إليه بأعمالهم دون أموالهم
وهؤلاء الاغنياء الذي قصدهم السيد المسيح هم من يقومون بخدمه رجال الدين من الكتبة والفريسين
( الأساقفة والكهنة الحاليين ) وأسرهم من اجل تبادل المصالح فهناك الكثير من بعض الاغنياء الذين يدعون عطفهم ورعايتهم للمعوزين واخوات المسيح
وهذا فقط امام العالم للتباهي والمنظرة وفي حقيقة الأمر هم أبعد ما يكونوا عن خدمه الله
فكل غني من هؤلاء الذى أشار إليهم الرب يخدم مصالحة وإدارة أعماله من خلال بعض
الأساقفة والكهنة ممن يعملون ويتدخلون بالوساطة في بعض الأمور التجارية
وغيرها, فضلا عن احتياج هؤلاء الاغنياء إلي تصاريح الزواج الثاني دون اللجوء إلي المهاترات
والدخول في التفاصيل والطواف بين أروقه وطرقات الكنيسة لكي يحصل علي ما يريد
ومنهم من يدير البزنس لصالح بعض رجال الأعمال المرتدين الزي الكهنوتي
من رجال الدين داخل الكنيسة, والكثير منهم يدعي تقديم التبرعات لرجل الدين لأنه المنوط بذلك
ومن المؤكد ان هذا الادعاء غير صحيح , فالآباء الرسل عندما وجدوا أن خدمتهم
تحولت إلي البحث والتدابير لإيجاد القوت اليومي للشعب تركوا جمع المال
والاحتياجات لغيرهم ليتفرغوا للرسالة والكلمة التي جاءوا من اجلها ,
فاذا كان المُتبرع يجلب علي نفسه الخطية فهو لم يتحملها بمفرده ولكنه حملها لشخص الكاهن
الذي تحول لبائع كلمه الله وتحولت الخدمة الي سلعه مسعره بعيده عن مفهوم وصايا المسيح ومضمونها (مجانا اخذتم مجانا تعطوا)
إلي جانب بعض رجال الاعمال المرتدين الزي الديني فهناك من يقوم بدور الوسيط في بعض العمليات التجارية وبيع الاراضي مع تحديد تاجر أو شخص بعينه للغني لكي يتعامل معه ويخرج بعمولة الوساطة في صوره تبرعات
وقد يعلم البعض أن هناك من يستخدم التقدمات لحسابه الخاص ويبررون هذا بأن الله هو من يري
ويحاسب ويطنطنون بكلمات الهري التي اعتدنا سماعها ( لا تدينوا لكي لا تدانوا )
وهذه هي الذريعة والمبرر للسارق ومختلس اموال المعوزين من المرضي والفقراء والأرامل والأيتام والمعاقين !
ويخرج البعض في ادعاء الرحمة ويعلن أنهم يعطون الله ويرعون أبنائه ويقدمون العشور إلي الفقراء
وهم في حقيقة الأمر فقط باحثون عن مصالحها مرتدين زي الفضيلة والكمال !
ونجد البعض الآخر من الأغنياء الأغبياء وقد ابدعوا في إذلال المعوزين والمرضي أمام الفريسيين الجدد !
فضلا عن التناقض الواضح الذي يؤكد ادعائهم أن الفقير الذي يقوم باذلاله هو نفس الفقير
الذي يدعي أنه يقدم العشور من أجله ! ما هذه الأزدواجية ؟
هل يقدمون للمحتاج ام يقدمون الي رجل الدين اجرة الخدمات المقدمة علي استحياء نظير تبادل وانجاز المصالح والخدمات والحصول علي توقيعات من بعض جهات بعينها لا يستطيع البعض منهم الوصول إليها
إلا عن طريق احد رجال الدين ؟!
وفي تباهي صارخ من ارباب الجنائز والاكاليل فقد يبدع البعض في استضافة العديد من الأساقفة والقساوسة
والخدام فكلما كان عدد الأساقفة والكهنة اكبر كلما ذاع صيت صاحب الحدث وسطوته ونفوذه
وفي كل الأحوال يتم الأسقاط علي الفقراء والمعوزين ويكونون الشماعة التي يُعلق عليها التقدمات والتبرعات
فضلا عن الكلمة الدارجة التي يستخدمها الاغنياء دائما
وعلي طرف يقذف بها في وجه المحتاجين (ربنا يدبر ) (ربنا يبعت) !
فهذه العبارات للمعوزين مجرد تسكين ومماطله ومراوغه وتهرب من مساعده اخوات المسيح في نظير ادعائهم تقديم العطايا للمعوزين وفي زعم آخر يدعون ان المخدوم يتحصل علي تبرعات من اماكن اخري !
وان صح هذا فما هي قيمه التبرعات المقدمة له من الأماكن الأخرى
وهل هذه التقديمات تسد الاحتياجات اليومية ؟
إلي جانب من اين جاءكم اليقين ان المحتاج تحصل علي شيء من الاساس ؟!
وما الفرق ان تقدم التبرعات لمستحقيها مباشره, أو تقدم من يد رجال الدين اذا كانت النية للخير
وليس للتباهي وان ما يقدمه المٌتبرع للخدمة من أجل الله ؟ (الله الذي يراك في الخفاء فهو الذي يجازيك )
إلي جانب هذه الكلمات التي لاتسمن ولا تشبع من جوع الوعود الجوفاء قبيل الأعياد نجد بعض الأثرياء يعطي الوعود بملىء الفم بعد العيد لأننا قمنا بسد احتياجات الكثير من المعوزين
وبعد انقضاء العيد تكون الذريعة للتهرب من المحتاجين الذين يدعون خدمتهم (احنا خارجين من عيد ربنا يدبر)
واعتذار وراء تسكين وراء تهرب ولم يحصل من خلالها الفقير علي أي مساعدة لا من المُتبرع المٌدعي
ولا من الكنيسة التي استلمت التبرعات وان حدث واستطاع المحتاج الحصول علي المساعدة بعد معاناه
واذلال تكون عبارة عن الفتات, ويعلم البعض منهم علم اليقين ان الفقير لم ولن تصله إلا بقايا المرتزقة داخل الكنيسة
لنجد المستحقين محتلين الأرصفة امام الكنائس كي يحصلوا علي بعض البقايا
بعد أن تحول المجتمع الكنسي الي الصفوة والمحظيين في الصفوف الأولي من الأساقفة وذويهم
والذين يقومون بجمع التبرعات بزعم أنها من أجل المعوزين !
اي معوزين ومن اعطاهم الحق في جمع التبرعات ؟ مع العلم انه ليس من حق رجال الدين جمع التبرعات !
ويأتي بعدها الصف الثاني من الكهنة والقساوسة وأسرهم وشراء الوحدات السكنية والأثاث المستورد
إلي جانب امتلاك وإداره المصانع والمعارض والصيدليات و شراء السيارات و الفيلات
إلي جانب المصايف والمؤتمرات
(مولد وصاحبه غائب ) بالإضافة الي الصف الثالث من الخدام ومن ليس لهم مهنة ولا عمل و الذين يقومون ببحث الحالة الاجتماعية للفقراء الي جانب كتابه التقارير حسب الهوي
اذا كان المحتاج يقوم بخدمه الخادم ويساعده في مساعدة واتمام الأعباء المنزلية للخادم فهذه الحالة تستحق المساعدة الشهرية والموسمية !
وتتبقي الفئة المطحونة من عامة الشعب المستحقين في المنظومة التي يديرها بعلزبول
وتخرج خالية الوفاض ! ويطمع البعض من الاغبياء في الملكوت! شيدوا قصوركم وأملئوا كنوزكم
واستوفوا اجركم علي الارض وتنعموا كما فعل الغني الغبي من قبلكم
السماء والأرض تزولان ولكن كلمة واحدة من الكتاب لا تسقط أيها الغرباء .
تعليق واحد
تعقيبات: التبنى – جريدة الأهرام الجديد الكندية