الخميس , ديسمبر 19 2024
المغرب
عساسي عبدالحميد

الجزائر على كف عفريت.

عساسي عبد الحميد

صور مروعة لأشلاء و جثت مشوهة وأخرى مبتورة الأطراف لمواطنين جزائريين؛ قام التلفزيون الجزائري بعرضها منذ أيام على المشاهدين عبر برنامج وثائقي قيل (( والله أعلم )) أنه يوثق للعشرية الرهيبة

((1992 – 2002 )) التي خلفت أزيد من 150 ألف قتيل؛ عدا المعطوبين والمفقودين

والخسائر المادية الجسيمة .
……………….
العشرية السوداء أعقبت تغيير المسار الانتخابي (( ديسمبر 1991 )) الذي كاد أن يوصل جبهة

الإنقاذ الإسلامي لسدة الحكم لولا تدخل جنرالات سوناطراك الذين قالوا

(( ما بقيناش لاعبين …))

لأن الإسلاميين وفي حالة وصولهم لسدة الحكم سيجرمون في حق وطن بأكمله ؛و سيرمون أمة المليون

شهيد عن بكرة خالقها في هاوية التهلكة .
……………….
فهذا ” علي بلحاج ” الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ يقول وبالفم المليان في تجمع جماهيري كبير

سنة 1990 بملعب 5 جويليه بالعاصمة الجزائر ؛ أنه في حالة وصولهم إلى الحكم

فإنهم سيذهبون لتحرير فلسطين؛ و سيعبرون من دولة إلى دولة ويقصد تونس وليبيا ومصر

وأي من هذه الدول تمنعهم من عبور أراضيها فسوف يحاربونها ويقتلعون شوكتها

لتمر جيوشهم في طريقها لفك أسر بيت المقدس.
………………
وهذا ”عباس مدني” زعيم التنظيم وفي نفس التجمع يتلقى هدية من والدة ”خالد الاسلامبولي”

المصري الاخواني الذي قتل أنور السادات سنة 1981 في حادثة المنصة أثناء عرض عسكري

بمناسبة 6 أكتوبر؛ والهدية كانت عبارة عن قميص ابنها الملازم خالد قاتل السادات ؛ لهذا

ولأمور أخرى تهم مصالح قادة العسكر تدخل الجيش فألغى الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية

والتي فاز فيها الإسلاميون على الحزب الحاكم.
………………
رسالة تلفزيون قصر المرادية ببث صور العشرية الرهيبة كانت واضحة وضوح الشمس

في كبد السماء، وتذكير الشعب الجزائري بالعشرية السوداء في هذا الظرف بالضبط

وبإيعاز من المؤسسة العسكرية كان هدفه هو إرهاب الشارع الذي يعيش حالة احتقان غير مسبوقة

بسبب وضعية اقتصادية واجتماعية وسياسية خانقة؛ وفي ظل وجود رئيس اسمه بوتفليقة

نجح جنرالات حاسي مسعود من جعله على هيئة مومياء محنطة لا تدري ما يدور حولها 

وعلى الشعب الجزائري إذن أن يتحمل وضعا تقشفيا إذا أراد الاستمرار في تنفس الهواء تقول الرسالة .
……………..
الأخطر من هذا هو أن النظام الجزائري قد لا يكتفي بهذا النوع من الترهيب في حق الجزائريين ؛ بل قد يمر لطريقة

أشد و أخطر؛ وقد تعمد مخابراته إلى تنفيذ مذبحة أو مذبحتين في حق المدنيين

وسط تجمع مدني ((محل للتسوق مثلا أو محطة حافلات أو ملعب كرة القدم ….))

للرفع من وتيرة الترهيب ثم تنسب العملية إلى تنظيم القاعدة أو ذئاب داعش المنفردة 

فأحيانا تكون أنظمة دول كالجزائر في حاجة إلى دماء مواطنيها لتخدم أجندة سياسية

فلا تتوانى من افتراس أبنائها ؛ ولا نستبعد كذلك أن تقوم مخابرات النظام الجزائري

بطلب هذه الخدمة من ”المختار الأعور” أحد قادة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي

لتنفيذ المذبحة؛ فقنوات التواصل والتعاون مفتوحة بين مخابرات الجزائر وبعض من عناصر القاعدة المتمركزة بالنيجر ومالي و خاصة المختار الأعور(…)
………………
الجزائر التي وصفت بسلة غذاء روما في القرون الغابرة ؛ وأنقذت ملايين الجوعى خلال الحربين الكونيتين الأولى

والثانية استوردت في السنوات الأخيرة خبزا مجمدا من دولة الإمارات القاحلة

وما يعيشه الجزائريون اليوم من شظف وكفاف هو نتاج الفكر البومدياني نسبة الى الرئيس

” الهواري بومدين ” الذي جعل من الاقتصاد الجزائري اقتصاديا ريعيا يعتمد فقط على مداخيل البترول

(( أكثر من 95 في المائة من صادرات الدولة هي من البترول )).
.
وحسب دراسات خبراء في البترول فإن المخزون سينفد سنة 2020؛ أي أن الجزائر ستصبح

دولة مستوردة للنفط ؛و أن 30 مليار دولار التي تدخل خزينة الدولة من تصدير الغاز والنفط

لأوروبا ستتوقف لأنها نفس الكمية التي سيحتاجها السوق الداخلي بعد ثلاث سنوات؛ وبدل من تنويع الاقتصاد

واستغلال ثروة النفط في خلق أوراش تنموية كبرى أنفق النظام الجزائري المليارات خارج البلد

بحجة دعم الثورات والشعوب المستضعفة في التحرر؛ وفتح خزائن الدولة على مصراعيها لعصابات

العسكر التي أصبح قاداتها من أصحاب المال والأعمال؛ وزرع الخمول والروح الاتكالية

بين شريحة عريضة من الشباب…
…………………….
في عز لهيب الربيع العربي عندما كانت سومة برميل النفط تعادل 140 دولار اشترى النظام الجزائري

السلم الاجتماعي؛ بالزيادة في أجور الموظفين والعمال؛ وتوظيف عشرات الآلاف من الشباب حملة الشواهد 

وهذا ما زاد في الطين بلة؛ وكرس بشكل جلي ريعية الاقتصاد الغير المنتج والغير القادر على التنافسية

أما وقد هوى النفط وتأرجح ما بين الثلاثين والخمسين دولار خلال الأربع سنوات الماضية

فيصعب إرضاء الناس علما بأن الحكومة الجزائرية ترصد ميزانيتها السنوية على سعر ال70 دولار للبرميل…
…………………..

الجزائر اليوم و بعد تآكل احتياطها من العملة الصعبة والذي يغطي مصاريف وارداتها من احتياجاتها الاستهلاكية ؛

وحسب تصريح وزير ماليتها ”عبدالرحمان راوية” أنها ستهبط الى حدود 97 مليار دولار في ديسمبر المقبل

بعد أن كانت في حدود 114 مليار دولار في ديسمبر 2016 ؛ هي إذن على طريق أزمة فنزويلا

إحدى أكبر البلدان المنتجة والمصدرة للنفط؛ فرغم الثروة الهائلة لهذا البلد إلا أن ملايين الفنزوليين

لا يجدون اليوم ما يسدون به غائلة جوعهم؛ و رفوف المتاجر أصبحت شبه فارغة

والدواء البسيط منعدم ؛ والاحتجاجات متواصلة رغم تعرض المواطنين لقمع ورصاص الشرطة.
……………..
الجزائر اليوم على حافة هاوية سحيقة؛ وعدد من يعيش تحت خط الفقر قارب ال 15 مليون ؛ ومعدل النمو هو اليوم

في حدود 1,7 في المائة ويتوقع خبراء البنك الدولي نزوله الى 1 في المائة مع حلول 2018 ؛ والعديد من

اليائسين سينضمون حتما للخلايا الإرهابية النائمة؛ والجنوب الجزائري الشاسع المقصي من ميزانية الدولة على

مرمى حجر من مواقع القاعدة ببلدان الساحل والصحراء.
………….

على المغرب أن ينتظر قدوم ما يفوق 4 مليون لاجئ جزائري على حدوده الشرقية وطوابير من الراغبين في ركوب

قوارب الموت نحو أوروبا؛ وصناع القرار بالرباط ليسوا بحاجة لمن يكشف لهم عن الكارثة المقبلة

فهم على علم بالسيناريوهات ولديهم المخططات ألف وباء وجيم …..وياء للتعامل مع الوضع بما فيها سيناريو

قد يعمد فيه جنرالات البترول على تصدير أزمتهم نحو المغرب إما عن طريق جبهة البوليساريو وانفصاليي

الداخل؛ أو عبر مواجهة مباشرة لتوحيد الرأي العام الجزائري حول عدو اسمه المغرب وتشتيت أنظاره عن أزمته الحقيقية.
.
أنا هنا لا أدعي أن المغرب ملاذا فردوسيا ينعم فيه شعبه في بحبوحة من العيش؛ بل عندنا من النقائص والعبث

والفساد والظلم ما يكفينا؛ وما لا يسع المجال لذكره وتفصيله في هذا المقال (…)؛ لكن؛ أن يصرح

خبراء جزائريون بأن المغرب الذي لا يتوفر على البترول قد تفوق على الجزائر اقتصاديا

ونجح في خطف استثمارات أجنبية من الجزائر بمليارات الدولارات ؛ و سبق الجزائر إلى السوق الإفريقية

بفتح فروع لمصارف وبنوك وشركات ؛ و توقيع شراكات حتى مع بلدان كانت محسوبة على محور الجزائر

وجنوب إفريقيا؛ (( مشروع بناء وحدة صناعية لإنتاج الأسمدة بإثيوبيا ؛ ومشروع أنبوب الغاز من نيجيريا

لتزويد أوروبا بالطاقة والمار عبر افريقية الغربية )) نموذجا.

أن يصرح مسؤولون بالجزائر أن الجزائريين المقيمين بأوروبا يقضون إجازاتهم بالمدن المغربية

يتنقلون بين الفنادق ومطاعم ومقاهي ((المراركة))؛ نسبة الى الماروك؛ و يتسوقون من بازارات و عطارات

مراكش وفاس والرباط عوض التوجه نحو الجزائر وصرف هذه الأموال ببلدهم الأم ؛ أن يتفوهوا بعصبة لسانهم

أن الأزمة بالجزائر ستتحول الى مجاعة؛ أن يصرح اقتصاديون وساسة بتصريحات خطيرة كهذه ؛ فهذا لعمري مؤشر مرعب أن البلاد هي فعلا على كف عفريت أزرق..
……….
نحن هنا وعندما نتحدث عن الكارثة التي أصبحت على مشارف الجزائر لا نقرأ قعر فنجان أو خطوط كف؛ ولا

نستحضر الجزائر في بلورة منجم دجال ؛ و لا نفك (( الخط الزناتي على كسكاس مقلوب ))؛ بل نقرأ معطيات

وقرائن ميدانية ملموسة؛ ونستأنس بأرقام ناطقة مستقاة من تقارير ودراسات من قلب الجزائر؛ وعليها نبني تحليلنا

لنقول أن الجزائر فعلا على كف عفريت و أن الوضع آيل للانفجار.

شاهد أيضاً

الكنيسة القبطية

المحاكمات (التأديبات) الكنسية … منظور ارثوذكسى

كمال زاخرالخميس 19 ديسمبر 2024 البيان الذى القاه ابينا الأسقف الأنبا ميخائيل اسقف حلوان بشأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.