بقلم / أمل فرج
عذرا أخي الإنسان ، سامحني ؛ فقد شربت نخب سعادة الأعداء على أشلائك ، ورقصت معهم فوق جثث أطفالك ، واعتدت أن يرقص العالم القذر في أنهار دمائك ، دون أن أصرخ ، أو أتكلم ، أو أن أدعو الله أن يبدل حالك ، وأن ينصرك على أعدائك ..
أخي الإنسان في بورما ، لقد صمت طويلا مع الصامتين ، ولكني أرفع اليوم عن نفسي وزرصمت العالم أجمع ، والعالم العربي والإسلامي ـ خاصة ـ أمام ما يحدث على مسرح العار والخزي في بورما ، في مشهد مستمر يشهده جمهور العالم أجمع ، وفي ذلك أدين بعنف وقسوة الإعلام العربي ـ خاصة ـ على اختلاف أنواعه ووسائله ، الذي قرر الصمت الرهيب طويلاعلى قضية إبادة مسلمي بورما وأهلها على مدار كل هذا الأمد ، ولازال العار العربي بطل المشهد ، ولكن لماذا يصر العالم على الصمت في قضية إبادة بورما وتعذيب أهلها والتمثيل بجثامينهم ؟!
قد يبدو السؤال ساذجا ، ولكن لم أكن أتمنى أن تزداد سذاجة السؤال حين أتساءل به عن أمر العرب ، والمسلمين ـ تحديدا ـ ولكنه وإن لم يلقَ إجابة إلا أنه يبدو جليا أمر التعتيم المتعمد على أمر الاتفاق على هذه الجريمة ، إنه العار الذي سيظل يلاحق العرب والعالم الإسلامي ، والحقوقيين، الذين يتشدقون بالدفاع عن حقوق الإنسان وقتما شاءوا ـ فقط ـ أو وقتما أُمروا .. وفي كل الأحوال ليس القلم هنا للإشارة إلى قضية بورما ، ولا لإدانة الخذلان العربي و الدولي المتوقع والطبيعي فقط ، ولا لاستحثاث الإنسانية والضمير الإنساني الموءود ، قدرما هو لتبرأة الذمة أمام الله ، إنها المسئولية أمام شعب مستضعف ، يضرب به المثل فيما تعرض للتنكيل وفنون التعذيب ، خاصة وأن الوزر الآن قد أصبح عاما في ظل هذا الإجماع على الخرس واختيار الهزيمة دائما في مثل هذا النوع من القضايا ، وأنوه للجميع بأن الوزر يمتد لكل عربي مسلم بالتحديد، وإننا جميعا لمسئولون أمام الله ، وعلينا أن نرفع الوزر ولو بالدعاء لهم ، علينا ألا نغفل دورنا ؛ فالأمر ليس هينا عند الله ، وكم راودتني نفسي بأوهام المنى لو أن تدخل مسئول واحد من أولي الأمر ، ولو بكلمة إدانة واحدة ، أو قرار واحد في هذا الشأن ؛ ليرفع عنا جميعا عبءمثل هذا الوزر ، كان هذا الواجب هو فرض الكفاية ، أما الآن ، وفي هذا الوضع الراهن فهو فرض عين يلزمنا جميعا بتحمل المسئولية ولو بالدعاء ، وكل قدرما تستطيع أن تفعل يمينه ، أو أن نتحمل جميعا عقاب هذا الجرم .. اللهم إني أشكو إليك ضعف همتي ، وقلة حيلتي ، وأسألك اللهم أن ترد بني الإنسان للإنسانية ردا جميلا ..