د.ماجد عزت إسرائيل
تمر علينا اليوم الذكري 44 لملحمة العبور1973م، وفى هذه الملحمة إستطاع الجــيش المصري تحطيم مقولة إسرائيل بالشعب الذي لا يقهر، وحطم خط بارليف، وعبر قناة السويس،ورفع العلم المصري فوق أرض سيناء أو أرض الفيروز، وقدمت مدن قناة القنال نماذج فى فنون الوطنية المصرية،ونماذج فى فنون العسكرية،ولا ننكر أن الشعب المصري العريق بجميع طوائفه فى جميع المحافظات والمدن قدم نموذج مشرف للوطنية المصرية، التى نتمنى أن تعود إلينا الآن فى ظل بناء مصرنا الحديثة بعد ثورتي 25 يناير 2011م، و30 يونية 2013م.
والجيش المصرى عـبر العصـور التاريخية لعب دوراً فى تاريخ مصر الحربى، فبفضلة تحققت الوحــدة الأولى بين مملكتى الشـــمال والجنوب عـــــام(3200 ق.م)،كما أستطــــاع الجيش تحقيـق انتصارات متعـــدده على الهــكسوس والحـــثيين والرومــــان والاغــــريق ،وبفضله حقــــق “محــمد على باشا”(1805-1848م) وخـلــفائه، العــديد من الانتصارات فى بـلاد الشام،وشبة جزيرة العرب ــ قضى على الحركة وأفريقيا، وفى1881م وقاد الزعيم الثائر”أحــــمد عرابى”الثورة العرابية ضد السلطة الحاكمة،وفى23 يوليو1952م،قام الضباط الاحرار بـثورة أنضم إليــها الشعب،وأصبح الجيش والشعب أيد وحدة،وهى التى أطاحت بالملك “فاروق الأول “ونظامه،وفى ملحمة العبور العظيم 6 أكتوبر 1973م؛ وقــف الشعب صفاً واحد،وتحقق حلم جميع المصريين بعد نكسة 5 يونيو 1967م،بالنصر على إسرائيل.
والحقيقة التاريخية أن القدماء المصريون منذ فجر التاريخ أدركوا أهمية توصيل البحر الأحمر بالبحر المتوسط،عن طريق حفر مجرى مائى،ونجحوا إلى حد ما بطريق غير مباشر،عن طريق استخدام نهر النيـل فى عهد ملك مصر “سنوسرت الثالث” وبعدها قامت العديد من الدراسات الجيولوجية للمنطقة، وتعددت بعض المشروعات فى هذا الشأن،حتى عرض المهندس الفرنسى”ديلسبس” الفكرة على”ســعيد باشا” والى مصر (1854-1963م) فوافــق على مشروع قناة السويس الحالية،وهى التى تم حــفرها ما بين عام( 1959-1869م)حتى تم أفتتاحها للملاحة فى 17 نوفمبر 1869م،وكانت من أهم العوامل لنشأة مدن القنال،ومن الطريف أن اسم مدينة (بورسعيد) نسبة لوالى مصر”سعيد باشا” وهـو الذى أصدار قرار الحفر،أما مدينة (الإسماعلية) فنسبة لخـــديو مصر “إسمــــاعيل”( 1863-1879)الذى قـــــام بإستكمال مشروع القنال حتى أفتتاحها للملاحة.
ومع أفتتاح قناة السويس للمـــلاحة العالمية 1869م،زادت الأطماع الأستعمارية فى منطقة مدن القنال،حتى نجحت بريطانيا العظمى فى احتلال مصر عام( 1882م)،بسبب استغــلال هيمــــنتة على قناة السويس،وظلت فى ذلك الأستغلال حتى جاءت ثورة ( 23 يوليو 1952م)،وتم تأمـــيم شركــة قـناة السويس وأصبحت شركة مساهمة مصرية.
و بسبب ذلك التأميم جاء العدوان الثلاثى على مصر 1956م(إسرائيل وإنجلترا وفرنسا)،وقـــدم أهـالى مــدن القنال، وخاصة مـــدينة بورسعيد صفحة مــــشرفة فى تاريخ الدفاع عن هـــذه المدينة الباسلة( 23 ديسمبر 1956) ولا يـــزال يعرف بـ (عـــيد النصر)،وجـــاءت حرب النكسة فى ( 5 يونيو 1967م)،بالخراب على ثلاثى مـــدن القنال التي قدمت العديد من الشهداء فـــداءً لمصر الحبيبة.
وما بين عام (1969-1972) شهدت المنطقة حرب الأستنزاف،ونتيجه لذلك أجبر سكان المدن الثلاثة على الهـجرة الأجبارية،بل أن الغالبية العظمى رفضت ترك المدن من أجل الدفاع عنها،وهذا ما أكدته حرب ( 6 أكتوبر 1973م) وضرب أهل السويس مشهداُ تاريخياً آخر فى( 24 أكـــــتوبر 1973م) بالدفاع عن هذه المدينة العريقة،وراح العديد من الشهداء،وخربت المدينة بالكامل،وطال هذا الخراب الجوامع والكنائس.
وفى مشهد العبور نتذكر مدينة الأسماعلية التى شهدت ملحمة العبور العظيم، بتحطيم أكذوبة (خــــط بارليف الحصين)، بجهد وعرق أهالى المدنية،ملتحمــــا مع جيشنا الباسل على خط الدفـــاع الأول،وأصبحت مدن القنال عقب أنتهاء حرب أكتوبر 1973م،مــــدن دمار وأشبـاح وغربان تنهش جثث الشهداء من الجيش والأهــــالى،وتطلب الأمر بعد ذلك وقتاً طويلاً، حتى وصلت إلى ما هى علية الآن ..
وبعــــد .. ألا يستحق الجيش المصري ومدن القنال منا جمعياً، تعظيم سلام على ما قدموه من شهداء؛ يخلدهم التاريخ يوما بعد يوم.
الوسومد.ماجد عزت إسرائيل